شم النسيم.. العيد الفرعوني الذي ارتبط بالطبيعة والنيل وكل رموز العطاء والخير والنمو منذ عصور الفراعنة الأولى.. لم تتوقف الاحتفالات به عبر العصور، فمصر القبطية احتفلت به، ومصر الإسلامية ما زالت تحتفل به.. ورغم إثارة الاحتفال بأعياد غير إسلامية – ومنها شم النسيم – للجدل خلال السنوات الأخيرة، ومنها شم النسيم، فإن المصريين لم يتوقفوا عن احتفالات أجدادهم الفراعنة يومًا، فلم تذهب بعقائدهم وعاداتهم الإنسانية عقائد الدين أو توجهات السياسة أو غيرها. وقد حاول بعض رجال الدين وقف الاحتفال بشم النسيم، فأصدر الشيخ الراحل عطية صقر فتوى دينية رسمية بتحريم الاحتفال به، إلا أنها لم تثن المصريين عن أعيادهم وعاداتهم. يقول الدكتور محمد رأفت عثمان – عضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر: «إن الاحتفال بشم النسيم – كما هو واضح من التسمية – احتفال بالمناظر الطبيعية الجميلة، التي تجيء بعد فصل الشتاء، فتزهر الأشجار والورود، وليس لهذا اليوم أي معني ديني إطلاقا، حتى يقول البعض إنه بدعة أو محرم أو مكروه، وإنما هو فكرة اخترعها المصريون القدامى إظهارا للابتهاج والسرور بالطبيعة التي خلقها المولي عز وجل». وأضاف «عثمان»: «إن القواعد الشرعية تقول إن الأصل في الأمور الإباحة، ما لم يرد نص بالتحريم، كما أن الأمور لا تكون من البدع إلا إذا اتخذت صبغة دينية». فيما قالت الدكتورة آمنة نصير – أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن الفتاوى الداعية لتحريم الاحتفال بشم النسيم، فتاوى غير صحيحة، مشيرة إلى أن شم النسيم عيد فرعوني لا علاقة له بالدين، فهو احتفال بدخول فصل الربيع إلى مصر. وأكدت «نصير» أن عيد شم النسيم انتقل من الفراعنة مع بني إسرائيل عندما خرجوا من مصر، وقد اتفق يوم خروجهم مع موعد احتفال الفراعنة بعيدهم، حتى لا يشعر أحد بخروجهم لانشغالهم بالاحتفال، واحتفل بنو إسرائيل بالعيد بعد خروجهم ونجاتهم، وأطلقوا عليه اسم عيد الفصح، والفصح كلمة عبرية معناها "الخروج" كما اعتبروا ذلك اليوم – أي يوم بدء الخلق عند الفراعنة- رأسًا لسنتهم الدينية العبرية تيمنًا بنجاتهم، وبدء حياتهم الجديدة. ولما دخلت المسيحية إلى مصر أصبح عيد المسيحيين يُلازم عيد المصريين القدماء– الفراعنة- ويقع دائمًا في اليوم التالي لعيد الفصح أو عيد القيامة واستمر الاحتفال بهذا العيد في مصر بعد دخول الإسلام تقليدًا متوارثًا. من جانبه، قال الدكتور محمد عبد الحميد – أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن الاحتفال بشم النسيم ليس حرام شرعا طالما لم يعطل المسلم عن أداء صلاته وصومه وأذكاره، ومن حق الجميع الاحتفال به لإدخال البهجة على قلوبهم دون أن يغضبوا الله عز وجل. وأضاف «عبد الحميد» أنه من المعلوم أن يوم شم النسيم يقع دائما في يوم الاثنين، وعلى من يواظب على صيام أيام الاثنين، الصوم وعدم تركه في هذا اليوم لأجل عيد فرعوني، أما من أراد صومه لكونه يوم عيد لهم فهذه مسألة يختلف فيها العلماء، لأن العلماء اختلفوا في صوم أيام أعياد المشركين الخاصة بهم، فمنهم من رخص فيه، لأن المخالفة يتم تحققها بالصوم، ومنهم من كرهه، لأنه نوع تعظيم لليوم.