مثلما كانت رائعة «دون كيشوت» لثيربانتس، مصدرًا لإلهام كبار الموسيقيين والفنانين الذين استوحوا منها أشهر الأوبرات والباليهات والمقطوعات الموسيقية، مثل البالية الذي ألفته المدرسة الروسية وأشرفت عليه "مارتا جراهام" والمقطوعة الموسيقية الشهيرة التي ألفها الموسيقار الأسباني "فايا" في القرن العشرين، أصبحت أيضا سرديات أديب نوبل الكولومبي "جابريل غارسيا ماركيز" أوبرات ومسرحيات غنائية يتلهف إليها عشاق الأدب الماركيزي. قال الموسيقار الكولومبي المتوهج أنطونيو كونتيرو بالميرا، ل«البديل»، أنه عكف لمدة ثلاثين عامًا على قراءة روايات ماركيز ثم ألف كتابه المعنون ب"الأبعاد السيكولوجية لشخصيات مائة عام من العزلة"، وعندما اطلع أحد المخرجين المسرحيين على كتابه، اقترح عليه أن يقوم بتأليف الموسيقى التصويرية لمسرحية الأم الكبيرة – بطلة مائة عام من العزلة- التي يقوم بإنتاجها هذا المخرج، وقام كونتيرو بإبداع مقطوعته الموسيقية بعنوان «أورسلا» والتي نالت إعجاب عشاق الرواية. نجاح هذا العمل، هو ما حفز الموسيقار الكبير على تحويل الكثير من نصوص الرواية إلى نصوص شعرية غنائية ومن بينها "قصائد لا تقرأها إلا واقفًا، بتلات قبلة، شعر ثلاثي الصوت، مختارات شعرية لماريا مولاتا وهي الأم الكبيرة الثانية في الرواية الشهيرة. ومؤخرًا ألف كونتيرو ثمانية أغاني مستوحاه من ثمانية قصص لماركيز وتم تجميعهم في ألبوم بعنوان «هل تحب أن أغني لك قصة لماركيز» وداخل هذه الأغاني يستشعر قراء الأديب الكولومبي بإيقاعات أعماله وموسيقاها المتوهجة، ويقول «كونتيرو» أن الأغاني التي استوحاها من سرديات "جابو" ( الإسم الشهير لماركيز في كولومبيا) هي بمثابة تفسير لأعماله مضيفا أنها مليئة بالإيقاعات المتنوعة شديدة الحرارة في عواطفها ومشاعرها مثل الأسلوب النغمي الكوبي، ورقصة الميرنج التي اشتهر بها أرخبيل الأنتيل، كما ذكر أن احساسه بالإيقاعات والموسيقى المتدفقة في سرديات ماركيز هو ما ألهمه النصوص الشعرية والغنائية. ومن بين هذه الأغاني "قل لي ماذا تريد، جارالك إيه يا قلبي" والأغنيتان يقوم بدراستهما الآن عالم الموسيقى "سيرخيو بارجاس". لكن رواية "الحب في زمن الكوليرا" كانت ملهمة الموسيقار الإيطالي "دونيزيتي بيليساريو" حيث استوحى منها أوبرا "رارا" وهي بطلة الرواية، ويقول أحد النقاد الموسيقيين أن تلك أوبرا استطاعت أن تحقق النجاح الذي لم يحققه الفيلم السينمائي "حب في زمن الكوليرا" مضيفا أن "بيليسارو" استعاد في هذه الأوبرا التراث الأوبرالي الذي انطفأ بريقه في القرن التاسع عشر. كما عبر مشاهدي "رارا" عن إعجابهم بما أبدعه "بيليسارو" مؤكدين أنها من عجائب الأعمال الأوبراليه التي تطرق انطباعا عميقا عند المتلقي.