«أنا حامل فى أواخر الشهر الثامن وانتظر ولادة ابنى في الشارع.. عشرة أيام نايمين في الشارع وبناتنا معرضين للاغتصاب.. مفيش حمام ولا يوجد مأوى من البرد القارص.. الحكومة مش عايزه ترحمنا مش كفاية هدمت عششنا.. كمان بتهاجمنا بقنابل الغاز والرصاص الحى لنترك خيامنا ودفاعنا عن حقنا فى شقة تحمينا.. رئيس الحي بيتاجر فى شقق الغلابة ويبيع الشقة ب5 آلاف جنيه بالواسطة» لم يتسن ل«البديل» التعرف على مطلقى تلك الكلمات، لكثرتهم، فحكايات وأوجاع أهالى عشش ترعة التوفيقية بمنطقة عزبة النخل مازالت مستمرة، ولا تزال «البديل» تتابع مأساتهم، بعد هدم عششهم يوم 18 فبراير الماضى، وتسكين 400 أسرة فى مساكن مؤسسة الزكاة بالمرج، من أجل إتمام إنشاء كوبرى الزكاة الذى يربط بين محافظتى القليوبيةوالقاهرة. وكانت «البديل» هى أول من حذر من تشريد 160 أسرة، ورميها فى العراء، بعدما لم يتم إدراج أسمائها فى حصر حى المطرية، ولكن حدث ما كان متوقع، فحتى اليوم لا تزال قوات الشرطة تهاجم خيام تلك الأسر، التى أقاموها على مقربة من أعمال مشروع «المقاولون العرب» الخاص بإنشاء كوبرى الزكاة، بالقنابل المسيلة للدموع. مرارة اليتم والتشريد قالت اعتماد كامل، البالغة من العمر 60 عامًا: «الشرطة هاجمتنا واحنا نايمين الساعة 7 الصبح، ولا كأنهم بيقبضوا علي إرهابيين في سيناء أو بيحاربوا اليهود، وشتمونا بأقذر الألفاظ، وعندما قاومت ورفضت ترك خيمتى ضربنى أحد العساكر بالسلاح على رأسى، وسحبونى فى الشارع دون مراعاة لسنى الكبير». وتساءلت كامل: «أروح فين أنا وحفيدتى اليتيمة، وعمرها 10 سنوات، مش كفاية هدموا عششنا رغم عدم آدميتها.. احنا بنطالب الحكومة بتوفير شقق لكل الأهالى التى تضررت، ولم تستطع أن تجد لها أماكن بديلة، فعددنا يتجاوز 150 أسرة الآن موجودين بلا مأوى». رأيت الموت وسحل أسرتى بعينى دينا محمد، 10 سنوات، قاطعت جدتها بعفوية الأطفال، قائلة: «شفت العساكر بيهاجموا ستى وأمى، وسحلوهم على الأرض، وكنت بصرخ وبطلب من عمو الضابط يسيبهم، أنا كل أحلامى يكون عندى أنا وأمى وستى أوضة صغيرة، ترتاح فيها أمى بعد ماترجع من شغلها، لأنها بتتعب طول النهار في بيع الخضار.. وأنا كمان أقدر أذاكر فيها، وكتبى متتبهدلش من المطر، وكمان نفسى جدتي تنام فى مكان دافئ، لأن رجلها بتوجعها من برد الشتاء وممكن تموت لو قعدنا فى الخيمة بالشارع». المشردون من سكان عشش التوفيقية يطالبون ب«حصر جديد» نصر عليوة عبد الرازق، عامل، أضاف وعلى وجهه أمارات الأسى: «احنا لا بلطجية ولا إرهابيين، وقلنا نعم على الدستور وعايزين البد حالها يتصلح، لكن فى نفس الوقت ربنا ميرضاش بالظلم، وكل ما نطلبه من رئيس حى المطرية أن يقتنع بأننا مظلومين، وحدث خطأ فى إدراج أسمائنا بالحصر الماضى، ونطالبه بإجراء تحرياته، وأن يوفر لنا شقة ولا نريدها سوى حجرة وصالة ودورة مياه تأوينى مع بناتى الستة العرائس، فلا يرضى الدولة أن يتعرض بناتى للاغتصاب وبهدلة الشوارع وهن فى سن المراهقة». رئيس حى المطرية يتاجر فى مأوى الفقراء اتهمت هبه حامد، أحد سكان عشش التوفيقية، رئيس حى المطرية ببيع الوحدات السكنية لمن سددوا له رشاوى تتراوح قيمتها من 5 إلى 10 آلاف جنيه، وقالت إن رئيس الحى أعطى وحدات سكنية ل30 أسرة فقط من أصل 150 أسرة، لم يشملها الحصر. رئيس حى المطرية: الأهالى لا يستحقون الوحدات السكنية.. والشرطة لم تتعامل بعنف أوضح المهندس أحمد فوزى، رئيس حى المطرية ل«البديل»، أنهم قاموا بتسكين 401 أسرة من أهالى عشش التوفيقية، طبقًا لأخر حصر أجرته محافظة القاهرة فى 2011، قائلاً إنه «لا صحة على الإطلاق أن عدد الأسر يصل إلى ألفين». وأشار إلى أن بعض من وصفهم ب«المستغلين»، الذين ليس لهم علاقة بعشش التوفيقية، وبطاقات الرقم القومى الخاصة بهم موزعة على محال إقامة مختلفة كالزيتون والمرج، يحاولون إهدار المال العام والحصول على وحدات سكنية لا تحق لهم. أما عن عنف الشرطة فى التعامل مع الأهالى المقيمة فى الخيام، قال: «الأهالى اضطرونا لاستخدام هذا الأسلوب معهم، بعد تعطيلهم لفريق شركة المقاولون العرب المسئول عن إنشاء كوبرى الزكاة»، مضيفًا: «الشرطة لم تتعامل بعنف.. دول كانوا طلقتين فشنك فى الهوا».