"1995″دراما تسجيلية عن التعذيب في السجون المصرية في ظل أنظمة مختلفة، وعن النضال ومقاومة السلطات من خلال ما يرويه باسل رمسيس المخرج والكاتب المصري من مدريد بأسبانيا، لمخرج الفيلم خالد أحمد يوسف، عن تعذيبه وزميلين له أعوام 1990،1991 و1995. كما يعود بذاكرته إلى الستينيات ويروى عن تعذيب صديق والده "نجاتي عبد الحميد" في سجون عبد الناصر. استخدم خالد أحمد يوسف، عائلة «رمسيس» بمواد وثائقية من صور فوتوغرافية، ولقطة وحيدة متحركة للأب الشيوعي «رمسيس لبيب» عاد إليها أكثر من مرة في توظيف درامي لعلاقة الأب بالابن، وبفكرة الاستمرار في النضال. يقدم المخرج -وهو نفسه مدير التصوير ومونتير الفيلم- جانبًا مما يحكيه باسل بإعادة أداء تمثيلي لما يحدث، مستخدمًا شريط صوت مركب من مؤثرات صوتية وموسيقى مؤلفة للتعبير عن الحالة الشعورية للتجربة الخاصة جدا والمريرة عن التعذيب. على مدى 22 دقيقة، هي زمن عرض الفيلم، يحكى باسل ويقوم المونتاج بالربط والانتقال بين مادة وثائقية محدودة للعائلة -أبطال الفيلم- ومشاهد لإعادة الأداء، نخلص من الفيلم أن الأنظمة التي تعاقبت على حكم مصر اتفقت جميعها على كونها سلطة تدافع عن وجودها بكلمات جوفاء. استخدم المخرج للتعبير عنها كلمات من خطاب لوزير الداخلية اللواء زكى بدر في مجلس الشعب "قوتنا حق، وسلطتنا عدل" تقف في مواجهتها طليعة ثورية مستمرة في نضالها ضد الأنظمة التي تبين عدم اختلافها في أولوية الحفاظ على وجودها حتى لو كان من يهددها شابان في العشرينيات بنقاء ثوري وحلم رومانسي عن تغيير النظام للأفضل لصالح جموع الناس. ظهرت براعة «يوسف» في المونتاج الفيلم، وخاصة في الوحدة المشهدية التي يحكى فيها عن تفاصيل تعذيبه، وتتقاطع مع حكيه لقطات من خطاب «بدر» بصوته النحاسي الذي يذكرنا بصوت قاضى الإعدام في فيلم "صراع في الوادي". يصرخ الجلاد بتفاخر أمام نواب الشعب – من المفترض أنهم نواب الشعب "فلن ترتعش أيدينا، ولن تتخاذل قراراتنا، طالما نلتزم بالقانون"، بينما الشاب فى العشرين يعذب بالكهرباء ويذوق رعشة الموت، مستحضرا صورة أبيه فيزداد قوة ويأبى الاعتراف، صوت «باسل» بعد صوت كهرباء "لسعة كهرباء لا تعطيك جرعة للموت"، ويكمل الجلاد خطابه: "إن كل المحاولات التي تتجه إلى الشرطة"، باسل يكمل "جسمك يتوتر"، و«بدر» يكمل "عقيمة وفاشلة". الحوار مستمر بين «باسل» بصوت هادئ عن تعذيبه، والصوت النحاسي لوزير داخلية النظام، ويفاجئنا باسل بأنه كان "مبسوط" غالبًا بعد أن استعان بخيالات جنسية مختلطة مع صورة الأب المستلقي في راحة على كنبة بغرفة المعيشة في البيت ووجه لفتاة تغنى في رحلة، صور وخيالات يستحضرها المناضل ليتحمل التعذيب فلا ينهار . صنع خالد أحمد يوسف فيلمه بالكامل باستثناء الموسيقى إلى ألفها «توماس كونر»، دون إنكار لدور باسل رمسيس فى الأداء ونجاحه فى استحضار لحظة مر عليها ما يقارب العشرين عاما، وبوجه حزين يبدو هادئا على السطح، محاولا حبس دمعة ملوحا بيد ممسكة بسيجارة. ولم تبد ملامح العصبية إلا قبل النهاية بدقيقتين وهو يحكى عن نص كان يكتبه من مقبرة الوالد، وعن جلوسه في مقهى الشاطبى حيث ذكرياته مع والده تختلط بالأسف لأنه مات قبل أن يشهد ثورة يناير، وقبل أن يشهد جزءا من أحلامه يتحقق. الفيلم إنتاج 2013 وجه فيه المخرج الشكر لعائلة رمسيس لبيب التي تصادف أنني أعرف أفرادها ما عدا الأب الذي نجح الفيلم في رسم صورة كاملة عنه كإنسان مسيحي شيوعي مصري نقى، ربى أبناءه على حب السياسة والنضال والكفاح.