الجامع الأزهر قبلة العلم والعلماء بحق، ومصنع العلماء المتبحرين فى علوم الدين من فقه وتفسير وحديث وشريعة، بل وعلوم الدنيا، فلم يقتصر التدريس فيه على العلوم الشرعية، بل اشتمل أيضًا على علوم أخرى، مثل الفلك، والحساب، والطب، والعمارة، والجيولوجيا، والتاريخ، وبعض العلوم الاجتماعية، وغير ذلك من العلوم المختلفة، كذلك كان للأزهر الفضل الكبير فى تخريج الكثير من العلماء الذين أفادوا البشرية، ومن أشهر العلماء الذين ارتبطت أسماؤهم بالأزهر ابن خلدون، وابن حجر العسقلاني، والسخاوي، وابن تغرى بردى، والقلقشندي، وغيرهم من العلماء. وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة، أنشئ على يد جوهر الصقلي عندما تم فتح القاهرة 970م، بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، فبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في إنشاء الجامع الأزهر، ووضع الخليفة المعز لدين اللَّه حجر أساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هجرية، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361 هجرية، فهو بذلك أول جامع أنشئ في مدينة القاهرةالمدينة التي اكتسبت لقب مدينة الألف مئذنة، وهو أقدم أثر فاطمى قائم بمصر. اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنًا بالسيدة فاطمة الزهراء ابنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وإشادة بذكراها رضى الله عنها. ويعتبر مسجد الجامع الأزهر ثاني أقدم جامعة مستمرة في العالم بعد جامعة القرويين، وهي أول جامعة في العالم الإسلامي لدراسة القانون الإسلامي، ولا يزال الأزهر مؤسسة لليوم لها تأثير عميق في المجتمع المصري ورمزًا من رموز مصر الإسلامية. يقول الدكتور شريف يونس أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة حلوان إن الأزهر الشريف اكتسب في وقت ما بين الخليفة المعز ونهاية عهد الخليفة الفاطمي الثاني في مصر العزيز بالله، والأزهر معناه المشرق، وهو صيغة المذكر لكلمة الزهراء، والزهراء لقب السيدة فاطمة بنتِ الرسول، زوجة الخليفة علي بن أبي طالب، وقد ادعى المعز وأئمة الدولة الفاطمية أنهم من سلفهم. وأضاف يونس "وبأمر من الخليفة المعز ، أشرف جوهر على بناء المركز الملكي للخلافة الفاطمية وجيشها، وقد بني الأزهر كقاعدة لنشر مذهب الشيعة الإسماعيلية الذي يقع بالقرب من مدينة الفسطاط السنية، وقد أصبحت القاهرة مركزًا للطائفة الإسماعيلية الشيعية، ومركزًا للدولة الفاطمية، وتم الانتهاء من المسجد في 972، وعقدت أول صلاة الجمعة في 22 يونيو من نفس العام خلال شهر رمضان". وتابع يونس "بعد قدوم صلاح الدين الأيوبي الذي أطاح بالفاطميبن معاديًا لمبادئ التعاليم الشيعية التي طرحت في الأزهر أثناء الخلافة الفاطمية، أهمل المسجد خلال حكم السلالة الأيوبية لمصر، وحظرت الصلاة فيه بواسطة صدر الدين بن درباس، وهو قاضٍ عُيِّن من قِبَل صلاح الدين الأيوبي، ومع ذلك ظل الأزهر مركز فقه اللغة العربية ومكاناً للتعليم طوال هذه الفترة. ومع قدوم الظاهر بيبرس عادت الخطبة إلى الأزهر، حيث قام بتجديده وإعماره وفرشه مرة أخري، كما جدد به مقصورة حسنة، وسرعان ما استرد الأزهر مكانته بوصفه معهدًا علميًّا ذا سمعة عالية في مصر والعالم الإسلامي، بل والعالم أجمع". وأكد أن عصر المماليك من العصور الزاهية للأزهر، حيث أخذ الأزهر مكانته كمركز تعليمي، إلى أن أصبحت مكتبته واحدة من أكبر وأعظم مكتبات العالم، وأصبح المدرسة الأم بالقاهرة، والجامعة الإسلامية الكبرى التي لا تنافسها جامعة بالعالم الإسلامي. ويقول الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر السابق "قدم الأزهر الشريف لمصر وللمسلمين خدمات جليلة، فكان دائمًا الدرع التى تدفع أى خطر يحدق يالمسلمين، وكان الشمعة التى تضيء للمسلمين الطريق فى عضور انتشر فيها التخلف والظلام". وأضاف أن الأزهر قدم العديد من القادة والسياسيين والعلماء والأدباء، أمثال ابن سينا، وابن خلدون، والعسقلاني، والقلقشندي، وفى العصر الحديث محمد عبده والشيخ الشعراوى وطه حسين وغيرهم. وأشار عاشور إلى أن الجامع الأزهر لا يقتصر على المسجد الذى تقام فيها الصلاة فى الوقت الحالى كما يتخيل البعض، فالجامع الأزهر يتكون من خمس هيئات بارزة، لكل منها دور جليل وواضح، فبالإضافه للجامع ذاته، هناك مشيخة الأزهر التى هى المركز الرئيسي الذى يقوم على كل ما يخص الازهر، وبها مقر فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وكذلك هيئة كبار العلماء، وكذلك المجلس الأعلى للأزهر، ويكون مسئولاً عن التخطيط ورسم السياسة العامة والتعليمية واقتراح إنشاء كليات وكل ما يحقق أغراض الأزهر، إضافة إلى مجمع البحوث الإسلامية للبحث العميق والواسع في الفروع المختلفة للدراسات الإسلامية، وجامعة الأزهر التى تختص بالتعليم العالي في الأزهر وبالبحوث التي تتصل بهذا التعليم، وأيضًا المعاهد الأزهرية التى قامت لإمداد جامعة الأزهر بخريجين على قدر من الثقافة والمعرفة الإسلامية المؤهلة للالتحاق بالدراسة بالجامعة. وبحسب إحصائيات عدد الطلبة الذين حضروا إلى مدارس الأزهر الابتدائية والمدارس الثانوية ارتفع من أقل 90,000 طالب فى سنة 1970 إلى 1.3 مليون طالب في عام 2001.