إن الأزهر هو منارة العلم وكعبة التحضر وحمي نهضة المسلمين وحصن العروبة وملاذ الإسلام ومربي الأجيال والجامع الذي جمع شتات العرب واحتضن أمة الموحدين فهو رمز الصمود العربي والخلود الإسلامي وإشراقة فجر الحضارة الزاحف دائما علي ظلمات الرجعية ومؤامرات الدخلاء والعملاء. فالناظر في الأحداث الجارية يجد أن عروشا تتهاوي ودولا يسري فيها الفساد وممالك تتفكك.. دسائس هنا. ومؤامرات هناك!! فتن تشمل العالم العربي. وأيد خفية تعبث في الظلام أيد أجنبية حاقدة كانت تعبث بأقداره وتعمل علي تصدع وحدة ابنائه تيارات تتضارب وأهواء تتصارع وقوي خفية يضرب بعضها البعض الآخر فتحركت أفاعي الأحقاد وثارت كوامن البغضاء وبدأ المغرضون مؤامراتهم الرهيبة.. فها هي الأبواق التي تنال من الأزهر وعلمائه الأجلاء تظهر بين الحين والحين فهؤلاء الذين يتطاولون علي الأزهر نقول لهم كم عمركم بجوار الأزهر الشريف؟ إن الأزهر عمره أكثر من ألف عام يؤدي دوره علي أكمل وجه منذ إنشائه وافتتاحه علي اليد القائد الفاطمي جوهر الصقلي بصلاة أول جمعة به في 7 من رمضان عام 361هجريا 21 يونيه 972 ميلاديا وكان قد بدأ في إنشاء الجامع الأزهر قبل ذلك بعامين عقب الانتهاء من بناء القاهرة الفاطمية بعدة أشهر وذلك كله في عهد المعز لدين الله الخليفة الفاطمي. ولقد لعب الأزهر دورا كبيرا في احتضان العلم كغيره من المساجد إلا أنه امتاز عن غيره بانتشار مدارس الفقه وتنوعها داخله ولم يقتصر دور الأزهر في العصر الفاطمي علي مدارس الفقه الإسلامي بل امتد ليشمل رعاية كل العلوم فها هو الحسن بن الهيثم عالم الرياضيات والطبيعيات كان يقيم بالأزهر في القرن الحادي عشر الميلادي وفي عهد الدولة الأيوبية ظهر العديد من المدارس العلمية في أروقة الأزهر ونزل بالأزهر العالم الشهير عبداللطيف بن يوسف البغدادي ويحكي أنه كان هناك من يقرأ الطب وغيره في داخل الأزهر المعمور ولما جاء الظاهر بيبرس أعاد للأزهر مجده وعزه سنة 665ه- 1266م فازدهرت مكانة الأزهر كجامعة إسلامية بسبب تدمير بغداد علي يد التتار فكان الأزهر الموئل الباقي لعلماء المشرق والمغرب فقصده القاصي والداني من كل حدب وصوب فكانت العلوم الدينية هي الأصل فضلا عن العلوم الرياضية والحساب والجبر والهندسة والفلك والطبيعة والكيمياء والمنطق والتاريخ والطب وغيرها من العلوم وتخرج في الأزهر طائفة من أنبغ العلماء في تاريخ الإسلام "كابن خلدون ابن حجر العسقلاني- الشعراني- الدميري" وغيرهم من جهابزة العلماء. وهكذا يعد الأزهر أقدم جامعة في العالم ظلت حتي الآن تدرس لتلامذتها علوم الدين والدنيا بل ويتم الانفاق فيها علي طلاب العلم من مختلف الجنسيات.