الحكاية بدأت من زمان .. من زمان أوي .. مش من 2011 ومش من 2008 ومش من 2004 بدأت من السبعينات والتمانينات .. لحظات ميلاد .. أباء وأمهات جابونا لدنياهم .. واحد اتولد في دولة خليجية لأن ابوه وأمه راحوا يدوروا على رزقهم هناك .. وواحد اتولد في مستشفى حكومي على البلاط وبعد كام يوم كان سرير مهده رصيف جنب حوش في القرافة .. وواحد ربنا كرمه واتولد في مستشفى نضيفه ونام جنب أمه على سرير كبير وكان عندهم مروحة.. من زمان.. جيل فتح عينه على الدنيا بتقوله غيرني !! بتقوله انا مش بتاعتك عاوزني؟ املكني وغيرني !! قضى طفولته كلها بيشوف عالم لازم يتغير .. وبلد مش عاوز يتغير .. منه اللي كان بيتفشخر ان عنده تليفزيون تليمصر 11 قناة ولما كبر شوية حس بالتميز ان عنده استريو ببابين .. وبدأ يتابع التطور اللي بيجري وهو بيجري وراه .. اول ما بدأ يعرف ان فيه حاجة اسمها نشرة أخبار كانت صور احتلال العراق للكويت وضرب أمريكا للعراق واقتحام المسجد الأقصى وجرائم اسرائيل .. ولما كبر ودخل الجامعة وبدأ يفكر في مستقبله اكتشف انه لا قادر يلاحق الناس اللي فوق ويبقى واحد منهم .. ولا قادر يعيش مع الناس اللي تحت ويقبل وضعهم .. قرر ان دي مش الحياة اللي هو عاوز يعيشها .. قرر ان لازم يحصل تغيير .. واحد قرر يسافر ويسيب البلد وواحد ماعرفش يسافر وقعد في البلد وواحد مش عاوز يسافر ويسيب البلد بس التلاتة قالوا لازم نغير .. جيل بدأ يتحرك ومش عارف هو رايح فين بس قرر يتحرك قرر ما يقفش مكانه .. بدأ يخاطب مجتمعه ويقول ويعيد في قصص طويلة من زمان .. خرج يصرخ في مظاهرات في الجامعة .. وقف يتخانق ويزعق مع موظفين الحكومة وهما بيطلبوا منه بعيونهم 10 جنيه عشان يمشوله شغله وورقه .. حس بالقهر وهو واقف مكسور قدام عسكري أو أمين شرطة بيهينه وبيتكلم معاه كأنه عبد .. عينيه احمرت وكتم غضبه وهو بيشوف سواق تاكسي أد والده بيتهان قدامه .. الجيل دة قرر يخرج قرر يغضب .. يغضب وبس .. غضب أعمى بدون رؤية واضحة صحيح لكنه غضب صادق .. خرج بعيون بتلمع كلها أحلام وآمال .. كل واحد من الجيل احتمى بفكرة واحتمى ب"أيديولجية" اعتبرها سفينة نجاة .. وارتبط بنخبة أيدولوجيته وانبهر بيهم وصدقهم .. التف حوالين مرشده وحوالين رفيقه وحوالين شيوخه وحوالين رموز التحرر وحوالين رموز فكره .. وخرج يكسر كل القيود اللي واقفة بينه وبين حلمه .. وهو فاكر ان نخبته في ضهره .. المشهد التالي لخروجه .. هو بيغضب وبيحلم وبيصرخ ونخبته كلها قاعدة ترفع قميصه .. وتتاجر بيه .. لمعة عيونه اتحولت لدهشة اتحولت لغصة بتاكل قلبه وبتوجع بطنه كل ما يتخيلها مش قادر يصدقها .. اتحولت لتوهان !! اتجمد كأنه في قلب ميدان معركة غريبة عنه زي الطفل الصغير المذهول بس قلبه كان قلب فارس محسش بالخوف حس بالقهر اكتر وهو حلمه بيتكسر قدام عيونه .. قيادات وقيادات بتبيعه وبتجري ورا انتخابات وصناديق وصفقات وتوك شو وحوارت وانفرادات ودمه مابقاش فارق معاهم .. خلاص دمك بقى ما بيجيبش تمنه في السوق يا صاح .. مش عاوزينه .. روح بيتك واقعد مالكش دعوة سيبنا بقى نشوف حالنا !!! نزل محرابه وقال حلمي مش هيموت .. وصلى صلاة العشق في محراب الأمل وكان قربانه نفسه وتابوته أيادي أصحابه .. هناك في شارع محمد محمود .. لما تقرب وتشوف من على بعد اخلع نعليك وادخل حافي انك بالواد المقدس .. هناك اسمع الصوت لسة حي بيصرخ ألمه واضح .. مش فاهم ومش قادر يبطل يحاول يفهم .. مش قادر يسكت ومش قادر يتكلم ،، سامع صوت الحق بيقوله إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى .. وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى لسة الصوت حي حتى ساعة ما تحبوا الدنيا سكوت : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى