والله وعملتها ياصاح! كم هللت لك العشيرة وهتفت باسمك جماعات المنتفعين وجحافل المتنطعين . تصوروا أنك جبت الديب من ديله. ومع ذلك فأنت مابرحت تثبتّ – من كلامك- أن الديب لم يخطر لك يوماً على بال.. بل كل تركيزك مازال ينصبّ على القرد.. والقرداتى.. وتلك مسألة تحال بداهة إلى إخصائيى التحليل النفسى. لقد هللوا وكبروا على حكاية قطع العلاقات مع "سورية". ويعلم الله أن لسنا ندافع بحال من الأحوال على نظام الحكم فى دمشق منذ أن أقامه "حافظ الأسد". لكن يعلم الله أيضاً أن فلول المعارضة فى القطر الشقيق ليست أفضل كثيراً من سدنة ذلك الحكم الجائر كلا الطرفين لايتورع عن القتل وإزهاق الأرواح وتدمير الممتلكات وإهلاك الزرع والضرع كما يقولون.. والحكايات الموثقة فى هذا الجانب أكثر من أن تحصى.. وكلها تدين المعارضة والحكم على سواء. بل نكاد نقول أن إنتصار مايعرف باسم "جبهة النصرة" وحلفائها هو الأسوأ بالنسبة لمستقبل المشرق العربى، وهو أيضاً بالنسبة لمستقل سورية بوصفها دولة محورية ( Pivotal) على صعيد الجناح الشرقى من وطن الأمة العربية.. فى هذه الحالة تدخل سورية تحت سيطرة نسخة أسوأ أفدح من "طالبان" أفغانستان، أو أخطر من شباب الصومال أو أسوأ من "بوكو حرام" النيجيرى.. وربما أشد نكراً. لكن ما هكذا، يا صاح، تدار قضايا السياسة.. اللهم إلا إذا تصورت ياصاحب الفخامة أنها تدار باسلوب .. صديقك.. القرداتى إياه. أنت تقطع العلاقات مع دمشق. وكان الأولى والأجدر أن تقطع العلاقات مع إسرائيل الواقعة قرب حدودها، فما هذا الحوَل السياسى؟.. ثم تسحب السفير المصرى من سورية.. وكان الأكرم لك ولنا أن تسحب السفير من دولة العدو الصهيونى الغاصب المحتل.. ثم تشحن لهم سفيرهم الذى لايزال وجوده على ضفاف النيل سبّة للوطن بقدر ما أنه إهانة تاريخية لأرواح الشهداء وتضحيات المصريين. لكن ها أنت " تتشطر" على سورية.. بقدر ماقدمْتَ، من جانبك، فروض الولاء والصداقة الدافئة الغامرة إلى دهاقنة العدو حين جمعت بينكما – أنت والعدو- رسائل المحبين المفعمة خيبة وجهالة لأمور السياسة الإقليمية ولغة العلاقات الخارجية. المهم أنك أتحت المجال لكى يعلن المتنطعون بغير حياء ماوصفوه بأنه فتح باب الجهاد فى سورية.. ثم انهالت فتاوى التنطع بإباحة هذا السلوك الهجين الملتاث الذى يكاد يتساوى مع الشعار الخائب إياه الذى يرفعون به عقائرهم التاعسة: ع القدس رايحين.. شهداء بالملايين.. ! واللهم أنهم لا رايحين ولا جايين.. وإنما هى حناجر الوقت وإنتفاخ الأوداج المفعمة بصنوف الثريد والصادرة عن كروش الجهالة.. وحسبها أن تملأ الدنيا صياحاً بلا طائل وضجيجاً بغير لزوم.. وخاصة حين تسلط الفلاشات على كائن غريب بلحية مزوقة يستجدى عيون الكاميرا كى يردد مثل هذه الشعارات الجوفاء عن مسيرة القدس وبعدها عن جهاد سورية.. ناهيك عن حكاية الرش بالدم.. نعم.. بالدم.. بديلاً عن الرش بالمياه. فى إجتماع الثمانية الكبار بإيرلندا الشمالية بحثوا قضية سورية. فى إجتماع قطر بالأمس القريب تدارسوا قضية سورية. فى أكثر من إجتماع على مستويات ثنائية.. أو مستوى المنظومة الدولية يتدارسون قضية سورية. كل هذا.. وهم لايدعونك.. لايلقون إليك بالاً.. لايكثرثون بك ولا هم يأبهون. كل هذا الهوان رغم أنك سبَّقت ونخعت حكاية قطع العلاقات وسحب السفير. وهى خطوات ركيكة المحتوى وفارغة المضمون، فلا هى أفضت إلى تغيير جوهرى فى موقف الفرقاء.. ولا إكترث أى طرف من أطراف العالم.. بأن يستمع إليك فى قليل أو كثير. فمن يا ترى بقى لك بعد كل هذا الهوان؟ لم يبق أحد آخر يؤبه به أو يلقى أى إحترام. لكن الذى بقى هو فلول العشيرة وجموعها المجلوبة من الأقاليم ينشدون الأهازيج فى ساحات الإستاد أو يعطلون المرور فى مدينة نصر، أويرفعون رايات سوداء آية على ماصارت إليه أحوال مصر الطيبة المصطبرة.. وهى تكابد مرارات حكم لايرى من شعبها سوى "أهلى وعشيرتى" .. ولا يحسب لكائن حساباً.. اللهم باستثناء الثنائى العجيب إياه: القرد.. والقرداتى..