استضاف بيت العود العربي المطرب والملحن اللبناني أحمد قعبور - أحد أبرز فناني الأغنية السياسية الثورية العربية - في بيت الهراوي بالحسين مساء السبت، فغنى للثورة وفلسطين، وفتح صندوق ذاكرته على لمحات من مسيرته الإنسانية والفنية شاركها مع حضور حاشد من فناني وجمهور بيت العود، ومن بينهم السفير اللبناني د. خالد زياده، والسفير الموريتاني، ود. قيس العزاوي ممثل العراق في جامعة الدول العربية، وعدد كبير من المثقفين المصريين منهم د. جابر عصفور ود. مصطفى الفقي، والإعلامية بثينة كامل. أدار اللقاء عازف العود العراقي الفنان نصير شمه، مشيدا بدور قعبور في الأغنية الثائرة العربية على مدار ما يقارب الأربعة عقود، وقال: إن هذه التجربة الفنية اختبرها الزمن، فالعمل الفني الذي يعيش في وجدان الناس ويصمد ضد الزمن يثبت أنه يحمل مقومات الإبداع. وقد اختار قعبور أن يكون مفتتح لقائه بالجمهور المصري موقعا بمفتتح مسيرته الفنية قبل 37 عامًا، أغنية "أناديكم"، ورغم غناء قعبور على موسيقى مسجلة، إلا أنه استحضر كل أجواء الثورة مناديا على محمود درويش، توفيق زياد، سمير قصير، جورج حاوي الذي أسماه أبوالمقاومة، وشهداء مصر وتونس وسوريا، وغنى أيضا "ارفع راسك" من كلمات الإعلامي فيصل سلمان. وأكد قعبور أن الثورة عمل وعي يومي، ووجه التحية لأمه الحاجة فاطمة التي قال عنها: رغم أنها لم تعرف القراءة والكتابة إلا أنها كانت تحرص أن يحفظ درس التاريخ، وعرف في جولاته معها في السوق معاناة أهل المخيمات الفلسطينية حيث كان يسكن في بيروت بالقرب من مخيمي صابرا وشاتيلا، وكان مشهد الفقر أكثر ما أثار وعيه، وإنه حين بدأ مشواره مع الفن عام 1975 كانت هناك رغبة شبابية عارمة في لبنان في الثورة، وكانت المجموعة التي بدأ معها تقديم أغانيه السياسية الثورية يؤمنون بأنهم الأغنية البديلة، والتي أطلقت عليها تسميات مختلفة، من الأغنية السياسية والوطنية والملتزمة وغيرها، والآن بعد خبرة وتجربة عقود صار يرى أن تجربتهم استمرار لما سبقهم، وأنه يفضل تسميتها أغنية فقط تتحدد قيمتها بجودتها، وما يميزها أن الشاعر والملحن والمطرب عليهم أن يرتقوا إلى قيمة القضية التي يعبرون عنها. وشن قعبور هجوما على اليسار العربي، وقال إن اليسار الحقيقي هو من لا يحول مبادئه إلى شعارات تعبد، وإنما يحولها إلى فعل مع الناس، واليسار المتهالك وراء المهرجانات الأوربية يقوى على شتيمة الرب ولا يقوى على شتيمة الحاكم، مؤكدا أنه تعددت انتماءاته السياسية على مدار حياته، لكن ظل الانتماء الأول والأخير للقيمة الإنسانية. وقال إن ما يحدث الآن في العالم العربي من ثورات يتشابه مع ما حدث في السبعينيات، لكنه يتسم بانخفاض نبرة الأيديولوجيا، وإن أول موجة للثورة لم تصل بعد لمستقر، فالثورة عمل مستديم وموجات متوالية، ونحن ما زلنا نحلم بفلسطين التي لن تكون أبدا ما كانته، لكن نأمل أن تكون ما يحلم به الشباب. وعن موقفه من الثورات العربية وخاصة السورية أعلن أن انحيازه الدائم للمقتول والمغلوب، لكنه استدرك بأنه لا يستطيع أن يتحمل سرقة دمه، وقاله إنه يعرف الشعب السوري جيدا، ورغم كل الصلف الذي مارسه الحكم السوري في لبنان إلا أنه يعرف أن الشعب السوري المتروك والمتخلى عنه هو أسطورة يسجل ملاحم بطولته ويستحق الحياة. وختم قعبور إطلالته القصيرة على جمهور أمسيته بأغنية "مين؟" بمصاحبة المطربة الفلسطينية ريم البنا، والتي تتساءل عن مصير القضية الفلسطينية بعدما خبرت الكفاح المسلح ومسارات التفاوض، وتتساءل عمن سيفتح الباب لاستعادة فلسطين التي نحلم بها.