أرض الفيروز تئن ولا أحد يستجيب ..أرض الفيروز تصرخ ولا أحد يستمع .. يسلط الضوء عليها فقط في الكوارث والمصائب التي لا تنتهي، فنسمع بعد كل كارثة صراخا يملأ برامج التوك شو واتهامات للحكومة بإهمال سيناء، ويأتي الرد الحكومي المعتاد بمسكنات ووعود لا توجد سوى على الورق وأمام الشاشات وتستمر المعاناة لجنة الله في أرضه "سيناء". حرصا من "البديل" على كسر تلك القاعدة وفي محاولة منها لو الطريقة الروتينية في التعامل مع ملف سيناء، وحتى لا ننتظر وقوع كارثة جديدة من أجل تسليط الضوء على أرض الفيروز، قمنا باستقراء الوضع مع شيوخ القبائل والبحث عن الحلول والبدائل التي تحتاجها سيناء وأهلها والتعرف على أسباب انتشار الأفكار السلفية المتطرفة لشبه الجزيرة الجميلة، ومعرفة عن دور الأزهر فى مواجهتها، وهل أصبح السيناوية يعتمدون على فتاوى شيوخ السلفية، وما إمكانية تكرار حادثة خطف الجنود وغيرها من الحوادث مرة أخرى، وما هي أهم مطالب قبائل سيناء التي لم تتحق حتى الآن. قال الدكتور "نعيم خضر" منسق القبائل العربية بشمال سيناء : إن أهم مشكلتين تتعرض لهما سيناء هما الغياب الأمني والتنمية الشاملة، فحدودنا مع إسرائيل هي التي تخلق كل هذا الاضطراب والفوضى داخل سيناء، فمن مصلحتها أن تكون سيناء خالية من الأمن، وذلك عبر جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد" الذى يعبث بسيناء. وأضاف : "اتفاقية السلام مع إسرائيل "كامب ديفيد" ، قسمت سيناء إلى ثلاثة مناطق (أ – ب – ج)، وبموجبها أصبحت منطقة (ج) خالية تماما من الجيش المصرى ولا يوجد بها سوى بعض قوات الشرطة، ومؤخرا تم تزويدها ب 750 جندى، وهو رقم هين جدا بالنسبة للمخاطر التي تتعرض لها المنطقة، كما أن الإتفاقية كانت سببا فى عدم حدوث أي تنمية بسيناء. وأكد خضر أن اسرائيل تدخل الأسلحة يوميا إلى سيناء عبر الحدود، وكذلك المخدرات، والبذور الزراعية لهدم الاقتصاد المصري، وعن دور الأمن فى التصدي لهم ، قال نعيم : "قوات الشرطة موجودة لكنها قليلة جدا، أما قوات الجيش فلا نراها إلا فى حالة وقوع حوادث اختطاف أو مشاكل كارثية". وتابع :" سيناء أصبحت مرتعا لكل الجماعات المتطرفة والجيش الإسلامي، كما أن مجموعات القيادى السابق بحركة فتح والهارب الى الأمارات "محمد دحلان" منتشرة جدا داخل سيناء وهم عبارة عن بعض الضباط الذين تم منعهم من دخول غزة وبقوا في سيناء ، وهم أخطر شىء على سيناء والأمن المصرى، مشيرا إلى أهمية قيام الأمن المصري بمراجعة مواقفهم الأمنية. وعن الفتاوى الدينية ودور الأزهر الشريف، قال نعيم : السيناويون لم يفقدوا الأزهر الشريف، لكن سيناء يوجد بها الجميع من كل الإئتلافات والجماعات، ولكل منهم علماءه، فيوجد الإخوان المسلمين والسلفيين والصوفيين، فكل واحد له تيار ينتمى إليه. واستنكر نعيم حادثة إختطاف السبعة الجنود المصريين، وقتل 16 جندي مصرى من قبلهم، قائلا: نستنكر حادثة إختطاف الجنود المصريين، وهو ليس من عادات السيناويون، ولن يكون لهذا الموضوع صدى بعد ذلك إلا اذا خرج المتحدث العسكرى أو مسئول رسمى من الدولة وكشف للشعب من هم الخاطفين، ومن قبلهم من قتل الجنود المصريين في رمضان، لكن أن يخرجون في كل مرة ويقولون "جارى التحقيق" ، فستتكرر حوادث الخطف والقتل مرات قادمة ،ولابد أن يعرف الجميع من يعبث بأمن سيناء. ونفى خضر ما تردد بأن سيناء تعيش منعزلة عن مصر وباقي محافظاتها، لكنه أكد أن لها تقاليدها وعاداتها الخاصة بها، وفي نفس الوقت تخضع للأمن القومي المصري، لكن ما يجب أن يحدث خلال المرحلة القادمة هو عودة مصر إلى سيناء من خلال التنمية الشاملة وعودة الأمن وإشراك أهالي سيناء في المنظومة الأمنية وحل مشكلة المعتقلين. وشدد خضر على أن هناك مشكلة كبيرة في القضاء بسيناء، فمن الممكن أن يحكم في قضية داخل سيناء بالإعدام في حين أنه يُحكم في مثيلتها تماما بمحافظة آخرى بحكم مخفف، وقال خضر : لا نريد أن تعرفنا مصر فقط في يوم 25 أبريل من كام عام وهو يوم تحرير سيناء، لكن طول العام. وأكد على أن سيناء تتمتع بكل مقومات الإستقلالية، فتتمتع بالمقومات السياحية والزراعية والتجارية، كما أنها مصدرة (الخضروات والفواكه) لباقي المحفاظات. ويقول الشيخ محمد عرفات – قبيلة السواركة – أن سيناء ظلت لفترة طويلة منطقة مهمشة وغائبة عن اهتمام الدولة، وكما غابت مؤسسات الدولة المختلفة وتنميتها للمحافظة غاب أيضا الأزهر، وإنما تواجد بعض مؤسسة أزهرية مثل المعاهد الأزهرية ولكنها متخصصة فى التعليم الابتدائى والاعدادى فقط وليس فى الدعوة والارشاد، وتعاني المدارس غير الأزهرية من فقر في توصيل المعلومة الدينية بشكلها الصحيح الوسطي، وتتحمل وزارة التربية والتعليم جزء من المسئولية أيضا في تنمية الوعي الديني للطلاب في جميع محافظات مصر. وأضاف الشيخ عرفات : أن الشباب في شمال سيناء يعاني من ظروف مختلفة تشكل خطورة أكبر نظرا لطبيعة المنطقة وخصوصيتها، فالبطالة والفقر وغياب التعليم يجعل من هؤلاء الشباب خاصة فى اعمار المراهقة من 17 عام حتى 21 عام صيد ثمين للجماعات المتطرفة والمنظمة التي تستهدف استقطابهم بملئ هذا العقل الخاوي الذي لا يمتلك أى بنية صحيحة عن الدين الإسلامي الوسطي ومفاهيمه. وتابع :إن أحد أسباب تواجد هذه الجماعات المتشددة التكفيرية ترك المساجد والزوايا في أيادى أشخاص غير معلوم هويتهم ولا أفكارهم وما يحملون من مفاهيم مغلوطة ومتشددة، فهذه الجماعات التكفيرية التي يكثر تمركزها في القرى والأطراف البعيدة للشيخ زويد ونخل والحسنة، تسيطر على عقول الشباب وتشوه صورة المجتمع في أعنيهم وتصف مجتمعنا بأنه كافر ومريض والرئيس كافر، والمدرسة نفسها كفر وتحرض الشباب على تركها، بل تكررت أكثر من واقعة رفض فيها الطلاب تحية العلم والوقوف في طابور الصباح. ويطالب الشيخ عرفات بضرورة إرسال الأزهر لحملات من الوعّاظ ويصاحبهم عدد من الشخصيات الدينية المشهورة التي تتمتع بقبول شعبي، حتى تجذب الأهالي للاستماع إليهم و الاقتناع والثقة بما تقول، ولا تكون هذه الحملات مجرد ساعات قليلة يأتى فيها الشيوخ بعد صلاة الجمعة، ولكن عليهم الإقامة لفترة طويلة يجوبون فيها قرى المحافظة ومناطقها المحرومة بل والموبوءة بهذه الأفكار المتطرفة. وأضاف أنه عندما يجلس هؤلاء الوعّاظ مع الأهالي والنشء الجديد سيكون لهذا أثر كبير وسوف تساعد هذه المحاضرات الدينية والندوات والمناقشات في إثراء العقول بمعلومات جديدة مغايرة لما يحاول التكفيريون ترسيخه في أذهانهم. بينما يرى الشيخ أحمد عايد – قبيلة الحويطات – أن هذه الجماعات التكفيرية هي فئة قليلة من المجتمع السيناوى، وأغلبها لا ينتمي لسيناء ويأتي من الخارج عليها، ومع ذلك لا يمكن إنكار انضمام عدد محدود من أهالي سيناء لهذه الجماعات، وهذا يرجع لعدة أسباب اهمها البطالة التي يعاني منها الشباب وغياب التنمية تجعل الكثيرين فى حالة من الغضب والتمرد على أوضاعهم وغياب رعاية الدولة لهم، ومن ثم يلجأ إلى اعتناق أفكار يغطيها من الخارج الشعارات والآيات الدينية ولكنها تحوي في جوهرها العنف والعداء للآخرين. وأضاف عايد أن الجهل والفقر هما أهم الأسباب التى تدفع لارتكاب الجرائم ومخالفة القانون، ومن ثم فالدولة تتحمل المسئولية في هذه النتائج السلبية التي وصلت إليها سيناء منذ أن تم تحريرها في 1982، فعلى مدار هذه العقود الطويلة، لم تهتم الدولة بدعم المحافظة وإقامة المشروعات وحث المصريين على تعميرها والاسثتمار بها، حتى أصبحت ملاذا للجماعات المتطرفة التي يمكنها أن تختبىء في هذه الصحاري الشاسعة غير المأهولة، وأن تكون مسرحا مفتوحا تدار من خلاله العمليات الإرهابية مثل قتل الجنود في رمضان، وخطف الجنود وغيرها من الحوادث التي من المتوقع تكراها، نظرا للاستمرار في عدم معالجة المسببات التي تدفع بها. وأكد أنه كان من الطبيعي ألا يجد شباب سيناء سوى صوت واحد فقط يستمع إليه وهو فتاوى مشايخ السلفية التي تكفر المجتمع والدولة والنظام بأكمله، فمثلما يخلق الفراغ الأمني خطورة وتهديد للأمن القومي على الحدود المصرية الإسرائلية حيث يمثل فرصة لتواجد العناصر الإجرامية، فالفراغ الفكري والديني يصبح أكثر خطورة لانه يخاطب العقيدة والعواطف وينساق وراء الانضمام والالتفاف خلف أي دعوة دينية حتى ولو كانت تكفيرية. ويرى عايد أن ضرورة خلق حالة من الثقة بين الدولة وأهل سيناء في الفترة القادمة خاصة بعد قيام ثورة يناير وليتكاتف جميع الأطراف نحو تخليص سيناء من براثن الإجرام والإرهاب، بالإضافة لكف الداخلية عن النظرة الاستعلائية لبدو سيناء واحترام طبيعة وخصوصية هذا المجتمع القبلي، وإسقاط الأحكام الغيابية التي صدرت ضد أبرياء تجاوزت أعدادهم في السجون حتى الآن حوالى ثلاثة آلاف مواطن سيناوي. ومن جانبه فسر الشيخ سمير فارس – أحد القيادات الشعبية بمدينة رفح – كل هذه العمليات الإجرامية التي وقعت في شمال سيناء بعد ثورة يناير إلى الانفلات الأمنى وحريق الأقسام في رفح والشيخ زويد، فبعد أن كانت الداخلية والأقسام التابعة لها تحظى بكل احترام وتقدير من أهالي سيناء قبل الثورة، أدى هروب البلطجية من السجون واختفاء الشرطة في يوم 28 يناير إلى حالة من الفوضى الأمنية في جميع المحافظات، ولكن سيناء نظرا لطبيعتها الحدودية كانت عواقب هذا الغياب الأمني عليها وخيمة، ومن ثم انتشرت الأسلحة واتسع بناء الأنفاق التي يعبر من خلالها كل شىء. وأما عن الجماعات المتطرفة فيرى أنها تضم عناصر كثيرة ومختلفة انساقت وراء هذه الأفكار المتطرفة، وأشار إلى أنه قد يتشابه ما يحدث في سيناء الآن من تفجيرات وخطف مع جماعات أخرى تأخذ نفس المنهج كالشبيحة مثلا فى سوريا أو القاعدة، مضيفا أنه كان يجب على الدولة أن تتوقع كل هذه الحوادث بل وتكرارها فى حال استمرارها في عدم بسط السيطرة الأمنية على سيناء. وأضاف فارس أن هؤلاء المتطرفين يمتلكون أسلحة ثقيلة ويكثر تواجدهم في الأماكن البعيدة عن التواجد الأمني الذي يتمركز فقط في العريش، ومن ثم يجب بقاء القوات المسلحة بكامل أسلحتها وتجهيزاتها التي دخلت بها لتحرير الجنود المختطفين، حتى تكون باستمرار مصدر لقلق هذه الجماعات المتطرفة وغيرهم من الخارجين عن القانون. وأكد فارس على ضرورة الاهتمام بمحور التنمية في سيناء، وألا يكون الحل الأمني هو الذي تركز عليه الدولة، فالتنمية سوف تساعد على فرض الاستقرار وخلق فرص عمل حقيقية تقضي على البطالة التي تعبتر وراء كل المشكلات وتدفع الشباب للعنف والتطرف. وأشار فارس إلى أن سيناء تحتوى على موارد داخلية كافية، وكل ما تحتاجه هو بدء عجلة التنمية وأن تتحمل الدولة مسئولياتها في استغلال هذه الموارد، فالسياحة تعتبر من أهم موارد شمال سيناء فعلى ساحل البحر المتوسط من رفح والشيخ زويد والعريش، يمكن أن تقام القرى السياحية، ولكن هذا الشاطىء الساحلي بحاجة للأمن، مؤكدا على أن تأهيل المنطقة وزرع السكان بها وجذب الأفواج السياحية لهذا الشاطئ سوف يفرض الأمن تلقائيا ويطرد أى عناصر خارجة عن القانون مباشرة. اما عن الزراعة فيرى فارس أن سيناء تتميز بزراعات الخوخ وأشجار الزيتون وحقول البرتقال، متسائلا عن سبب عدم تشييد الدولة لمصانع بجانب هذه المزروعات منها ما يقوم بالتصدير للخارج، ومنها ما يقوم بتصنيعها إلى منتجات غذائية وزيتية، ومن ثم يجلب للعمل آلاف من الشباب العاطلين سواء من أهالي سيناء أو من الوادي ويخلق مجتمعات سكنية جديدة. واقترح فارس أن تصبح منطقة وسط سيناء محافظة مستقلة عن محافظتي الشمال والجنوب ولها خدماتها، حيث تعاني هذه المنطقة من فراغ سكاني كبير، ومن ثم يمكن إعادة تشكيل شبة جزيرة سيناء من أجل الحفاظ على أمنها واستقراها، وجذب الاستثمار وإقامة شبكات محمول مصرية بدلا من تلك الاسرائلية كشبكة orangeالتى يتعامل بها أهل رفح والشيخ زويد، وكأن الدولة وأصحاب هذه الشركات يتعاملون مع البدو باعتبارهم أجانب لا ينتمون لمصر . وحذر أخيرا من خطورة الاستهتار بالملف السيناوى أكثرمن ذلك، فبعد تكرار حوادث القتل والخطف التي وقعت بعد الثورة، يستطيع الكيان الصهيوني أن يستغل هذه الذرائع ويعزف مع المجتمع الدولى بأكمله على سيمفونية أن سيناء تهدد أمن واستقرار إسرائيل، وبث دعوات الرقابة الدولية أو التحكيم الدولي الذي يجب أن تخضع له المنطقة، ومن ثم يجب أن نخرج عن تلك الشعارت المتكررة التى يرددها كل نظام أن سيناء في القلب أو المخ ولابد من وجود استراتجيات وسياسات على أرض الواقع. محمد عرفات قبيلة السواركة: البطالة والفقر وغياب التعليم جعل من الشباب صيدا سهلا المنسق العام لقبائل شمال سيناء : الموساد يعبث بأرض سيناء قيادات رفح الشعبية : مللنا شعارات "سيناء في القلب والمخ" ونحتاج سياسات واقعية قبيلة الحويطات : اغلب الجماعات المتطرفة لا تنتمى لأهل سيناء