على الرغم من أن المناسبة هى ذكرى مرور 31 عامًا على تحرير سيناء وعودتها كاملة للسيادة المصرية، إلا أن الحديث يتطرق تلقائيًّا إلى معاهدة "كامب ديفيد" التى وقعها الرئيس الرحل محمد أنور السادات عام 1978، و التى دائمًا ما يفرضها التاريخ وحده على موائد مناقشات العرب فى ذكرى التحرير، بين مؤيد ومعارض، لكن يبقى للفلسطينيين رأى آخر بصفتهم "المتضرر" أو حتى "المستفيد"، إن كانت تحمل لهم أى فائدة. "البديل" استطلع أراء السلطة والمقاومة الفلسطينية حول اتفاقية "كامب ديفيد" فى ذكرى تحرير سيناء. يقول محمد صوالحة نائب رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار على فلسطين "تعتبر معاهدة كامب ديفيد نجاحًا إسرائيليًّا كبيرًا فى اختراق العالم العربى، وعزل مصر عن محيطها العربى والإسلامى، فمصر كانت قائدة العالمين وحامية للأمن القومى لهما. وتابع "كامب ديفيد حققت حلم إسرائيل بإخراج مصر من المعادلة، وبالتالى بعد خروجها استطاع الكيان الصهيونى العبث بدول عربية، منها العراق ولبنان فى عام 1982، فقد استطاعت احتلال وضرب مدينة بيروت، كما شطبت المقاومة الفلسطينية من غزة وشردتها في أنحاء الأرض.. وكل هذا لم يكن ليحدث لولا أن خرجت مصر من المعادلة". وقال صوالحة "صحيح أنه على المستوى المصرى الداخلى، أعادت المعاهدة جزءًا من الأرض المصرية، لكنها أيضًا حددت قدرة مصر على التعامل مع هذه الأراضى، وشطبت القيادة المصرية للأمة العربية". وبنبرة ممزوجة بالألم والصمود عبر صوالحة عن أسفه لما تركته المعاهدة من وضعها الشعب الفلسطينى وحده؛ مما ترك المجال للصهاينة من تنفيذ كل خططهم داخل فلسطين، منها على سبيل المثال وليس الحصر زيادة وتضاعف الاستطيان، وتحقيق قدر كبير من تهويد مدينة القدس التى تتعرض الآن لخطر حقيقى، وتعريض الهوية العربية الإسلامية لمدينة القدس لخطر. وبتفاؤل نقل صوالحة استبشار الشعب الفلسطينى بثورات الربيع العربى وخاصة ثورتى تونس ومصر؛ لأنها أعادت القوة إلى يد الشعب المصرى، والشعب دائمًا كان مع فلسطين ومع الأمة العربية، و"بالتالى نعتقد أن الثورة وجدت لتصحيح هذه الخلل الذى حدث". وبنظرة قانونية قال المحامى الفلسطينى محمد شتيه "كامب ديفيد من المفترض أن تكون معاهدة دولية بين مصر وإسرائيل، لكنها تحولت مع مرور الزمن لمجرد حبر على ورق، فلم تلتزم إسرائيل بأى من بنودها، أو حتى تحترم أيًّا من بنودها". وأضاف "كامب ديفيد معاهدة ثنائية، والشعب الفلسطينى ليست له علاقة بها ، لكن أمنية الشعب الفلسطينى أن يكون لمصر دور قوى وتأثير من خلال تحرك دبلوماسى أو قطع علاقات مع العدو الصهيونى،لكنها تبقى فى النهاية اتفاقية ثنائية لا تعنى الشعب الفلسطينى، ومصر هى من تأثرت بها ولم يكن لها تأثير ملموس على الشعب الفلسطينى". أما حركة المقاومة الإسلامية "حماس" فلم يتغير موقفها من الاتفاقية، فما زالت على الدرب، وأكدت على لسان ياسر على عضو اللجنة التنسيقية ببيروت أن "كامب ديفيد" أخرجت مصر من الصراع الصهيونى العربى بشكل يدعو للاستعانة بظهر قوى؛ لأن من كان يومًا ظهرًا قويًّا أصبح مستبعدًا فى هذه الفترة، ولأن مجرد الاعتراف بالكيان الصهيونى يعد اعترافًا بالحقوق التى يراها العدو الصهيونى من حقه. ووصف على زيارة الرئيس الراحل أنور السادات لتل أبيب عاصمة الكيان الصهيونى بأنها كانت "قاسمة" للظهر الفلسطينى وأحدثت تراجعًا شديدًا فى القضية. وقال على "أتذكر عندما وقعت مصر على الاتفاقية، خرجنا نحن كأطفال فى مسيرات حاشدة ضد المعاهدة". وأوضح على أن الشعب الفلسطينى الآن يقاوم ثمار "كامب ديفيد" بعد أن حققت مكاسب للصهاينة، لكنه أبدى أمله فى الثورة المصرية كى تستمر فى زخمها؛ ليعود الأمر إلى الشعب المصرى، مع الحفاظ على المبدأ الفلسطينى الأصيل "عدم التدخل فى شئون الدول العربية مع الترحيب بدخول الجميع فى مقاومة العدو الصهيونى". أما حركة فتح الممثلة للسلطة التنفيذية فأعربت على لسان القبطان محمد ديب سبيتة نائب أمين سر الحركة بالقاهرة عن أن "كامب ديفيد فى وقتها كان لها تأثير سلبى؛ حيث إن إجمالى الوضع العربى والعالمى مختلف تمامًا عن الوقت الحالى، لكننا ذهبنا بعده إلى أوسلو، ولا مجال للمقارنة بين ذهابنا إلى أوسلو وذهاب السادات لتل أبيب من حيث الزمن". وأضاف "المعاهدة أمر مصرى خالص، ونحن حريصون على عدم التدخل فى الشأن المصرى، وإن كان لنا الحق فى أن نعتب أو نلوم". وأشار إلى أن "من أهم سلبيات المعاهدة أنها أدت إلى تنحى جزء من الأمة العربية، متمثل فى مصر، وهو أمر مؤثر؛ لأن مصر بالنسبة لنا كبيرة جدًّا فوق ما يتخيله بشر، وهو ما انعكس على فلسطين حيث انقسمت الدول العربية، لكنها فى الوقت الحالى لم تعد سلبية أو لها تأثير؛ لأن الاتفاقيات العربية والفلسطينية تجاوزت كامب ديفيد بكثير ". سبيتة: مصر بالنسبة لنا كبيرة جدًّا فوق ما يتخيله بشر صوالحة: حققت حلم الصهاينة بإخراج مصر من المعادلة على: ساعدت الصهاينة على الاستيطان وتهويد القدس شتيه: لم تحترمها إسرائيل وأصبحت حبر على ورق