رغم عملي الطويل في الصحافة الفنية لكنني لم أتوقع أن تكون النسبة الأكبر من الفنانين المصريين ضد ثورة 25 يناير، خصوصا هؤلاء الذين مارسوا أدواراً سخيفة بالمشاركة في حملة ترويج الاتهامات لثوار ميدان التحرير واستغلال شعبيتهم لدى البسطاء كي يصدقوا هذه الأكاذيب التي سقطت تباعا بينما صمد ميدان التحرير، وبعد مرور أسبوعين على إنطلاق المواقف المؤسفة لمعظم الفنانين بجانب صمت عدد أخر منهم يمكنني بحكم الخبرة تفسير تلك الحالة في النقاط الآتية : أولاً : عدد من المنحازين للرئيس مبارك مثل بعض كبار السن من المصريين، بالتالي خائفون فعلا من وهم أن رحيله يعني الفوضى لهذا انحازوا ضد ثورة الشباب من هذا المنطلق رغم أن أولادهم وأقاربهم الشباب ربما شاركوا فيها، وهؤلاء الفنانين هم الذين أجمعوا بين تأييد الشباب ودعوتهم في الوقت نفسه لاخلاء الميدان واحترام الرئيس مبارك وتركه حتى نهاية مدته الرئاسية كما وعد في خطابه الشهير الذي مهد لهذه الفئة من الفنانين الطريق إلى مبرر يحمي أرائهم المنحازة ضد الثورة. ثانياً : الجهل عدو الحرية، وللاسف هناك الكثيرين من الفنانين المصريين معروف عنهم الابتعاد عن الثقافة والمعرفة وهو ما يفسر لماذا كان معظم الفنانين المنحازين للثورة من السينمائيين الشباب الذين التقوا بالجمهور عبر الفايس بوك والذين يزورون مهرجانات العالم ويعرفون ثقافات ولغات مختلفة، بينما تلاحظ أن معظم من وقفوا مع النظام من خرجوا من عباءة مسلسلات التلفزيون المصري المتهمين بتقديم أعمال لا تليق بالفن المصري والذين يتعاملون مع الجمهور باعتباره ايادي يجب عليها أن تصفق لهم فقط رغم أن من يقفون في ميدان التحرير هما من سيحددون مستقبلهم الفني قريبا جداً. ثالثاً : نضع في الاعتبار أن الفنانين من الطبقة الثرية المبتعدة عن معاناة الناس، صحيح أن هناك من أبناء هذه الطبقة من شاركوا بقوة في الثورة، لكن هناك فارق كبير بين الحالتين، فعندما يحصل فنان على خمس مليون جنيه سنويا مقابل مسلسل واحد فلماذا سيكره النظام حتى لو كانت جرائمه ثابتة أمام كل المصريين بالدليل القاطع، تماما كما يحرص بعض الفنانين على الذهاب للعمرة والحج سنويا دون أن يقدموا أي أعمال تحمل قيمة طوال مشوارهم الفني إلا بالصدفة وطالما الأجر مدفوع مقدماً. رابعاً : هناك فنانين بحكم الظروف اقتربوا من النظام واستفادوا منه سواء من الناحية الرسمية مثل أشرف ذكي وعائلته أو على مستويات أخرى مثل عادل إمام وطلعت ذكريا بالتالي لا يمكنهم الوقوف ضد النظام مهما حدث، وهو ما يفسر صمت “نور الشريف ” الذي اهتم الرئيس بأزمته مع جريدة البلاغ وإن كان الصمت أفضل كثيراً مما تكلم به أنصار مبارك من الفنانين. خامساً : لا نتدخل في أمور شخصية، لكن عندما تكون لبعض الفنانات الصوت الأعلى في مواجهة الثورة ومنهم شابات تحت الثلاثين أي من نفس الجيل، فلماذا لا نفترض أن لهؤلاء علاقات أو ملفات لا يردن فتحها على الملأ إذا دعمن ثورة الشباب . أخيراً : أتمنى من الشباب المصري بعد نجاح ثورتهم انشاء الله أن يجبروا كل ما تجرأ عليهم على الاعتذار أولا قبل أن يسمح لهم بالعودة للتودد للجمهور من جديد، فمن يدفع ثمن التذكرة هم من يقفون الآن في ميدان التحرير، وأي اعتماد على ذاكرة المصريين الضعيفة لن يفلح هذه المرة، فمصر كلها تغيرت حتى لو أبى السادة الفنانون. للتواصل مع الكاتب عبر فايس بوك برجاء زيارة الرابط التالي : http://www.facebook.com/pages/ktabat-mhmd-bd-alrhmn/185941068086429