منذ يومين وفي صمت، رحل عن عالمنا الفيلسوف والأديب والمترجم الدكتور عبد الغفار مكاوي، بعدما أثرى الفكر الإنساني بالعديد من الإبداع في مجالات عديدة ومتنوعة بين إبداعات قصصية وبحوث فلسفية، ونصوص مسرحية، وترجمات فريدة من الأدب العالمى. عبد الغفار مكاوي من مواليد محافظة الدقهلية 11 يناير 1930 بدأ كتابة الشعر خلال دراسته في المدرسة الابتدائية في "بلقاس" مسقط رأسه وبعد انتقاله إلى المدرسة الثانوية في طنطا وفي القاهرة قرر التوقف عن كتابة الشعر والاتجاه لكتابة القصة القصيرة. الدكتور عبد الغفار مكاوي حاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة والأدب الألماني الحديث من جامعة فرايبورج بألمانيا 1962، وعمل أستاذًا لتاريخ الفلسفة الغربية بجامعات القاهرة والخرطوم "فرع جامعة القاهرة" والكويت وصنعاء، يكتب القصة والمسرحية والبحث الفلسفي والأدبي والترجمة. في مجال الأدب له العديد من المؤلفات التي تنوعت بين المجموعات القصصية والمسرحيات ، من المجموعات القصصية "ابن السلطان، الست الطاهرة، الحصان الأخضر يموت على شوارع الأسفلت"، "أحزان النبع القديم "، "عازف الكمان ""القبلة الأخيرة " ، ومن المسرحيات "الليل والجبل، من قتل الطفل؟، البطل" زائر من الجنة ، وغيرها ، أما أبحاثة القلسفية نذكر منها : "ثورة الشعر من بودلير إلى العصر الحاضر"،" البلد البعيد"، "مدرسة الحكمة"، "المنقذ قراءة قلب أفلاطون"، "الحكماء السبعة" . ترجماته الرائعة تعد جسراً يصل قارئة بين الشرق بالغرب , فهو من قدم له برتولد بريشت كاتبا مسرحيا وشاعرا و ايضا جورج بوشنر هيلدرين ، ومن ترجماته أيضاً نذكر ملحمة جلجامش، الديوان الشرقي للشاعر الغربي، قصائد من بيرشت". ورغم كل ذلك الانجاز الادبي والفلسفي إلا أن مكاوي ظل في محراب الثقافة دون أن يلتفت لعمله الكثيرون فتجده يقول في أحد حوارته الصحفية : "كتاباتى تلاقى تجاهل أشبه بالمتعمد، وأنا أتجاهل هذا التجاهل، لأنه ليس سلوكاً طبيعياً، فكل المؤسسات الخاصة والعامة تتحكم فيها المصالح والشللية التى قد تصل للتنظيم العصابى الموجه، وأنا فى النهاية أتعامل مع هذه الأمور ولا أجعلها تعطلنى، ..وراض تماماً عن إنتاجى الأدبى وعن كل إنتاجى، بالرغم من أنى لم أجنى من عملى بالجامعة ولا من الأدب شيئاً، ولن أترك لأولادى سوى مكتبة وعلى الأرجح سيبيعونها لسور الأزبكية". وعندما سُئل لماذا لم يسع هو لنشر أعماله وفكره كان جوابه أنه "من المخجل لأي أديب أن يتحول لجهاز علاقات عامة ويصبح داعيًا، لنفسه ويبحث عن من يطبلون له، فهذا من مظاهر التخلف الحضارى الذى يهتم بالشكل فقط ولا ينظر للجوهر، فالأدب والفن لا يحتاجان لدعاية، ويجب على الإعلام والحكام السعى وراء الأدباء والفقهاء، فالعلم يؤتى إليه ولا يذهب هو لأحد لأن العلم والفن لهما احترامهما، وللأسف فإن الطبقية زادت حتى فى الفن والعلم ورغم كل ما يبدو من تشجيع ونشر فمازال المصرى الشاب الموهوب فرصته ضائعة". Comment *