قرر أعضاء المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين وضع الشارة الحمراء لمدة أسبوع كامل بداية من الثامن عشر من أبريل، احتجاجا على تواصل “سياسة التسويف والمماطلة في فتح ملف إصلاح القضاء”. وبعدما نظم قضاة تونس احتجاجا داخل محاكم البلاد على ما اعتبروه “مماطلة” الحكومة في إصلاح القضاء وإصدار قانون إحداث “هيئة مؤقتة مستقلة للقضاء”، تناولت جلسة العمل التي عقدها وزير العدل مع الهيئة الإدارية لنقابة القضاة المسائل المتعلقة بأمن المحاكم والوضع المادي للقضاة. عبر المجلس الوطني في بيان صدر عشية الاحتجاج عن: “خيبة أمله من المماطلة في إصدار قانون الهيئة المؤقتة المستقلة التي ستشرف على القضاء، وعدم إرساء آلية للتشاور مع جمعية القضاء. فضلا عن تجميد وضعيتي القضاء الإداري والمالي، الأمر الذي يؤكد التوجه نحو إبقاء الوضع القضائي على ما هو عليه، والتنكر لاستحقاقات الثورة ومتطلبات الانتقال الديمقراطي”. وأكد المجلس أيضا على رفضه المطلق لإجراء الحركة القضائية خارج إطار الهيئة المؤقتة المستقلة. وأنه من المفترض أن تتولى هذه الهيئة الإشراف مؤقتا على قطاع القضاء في تونس بدلا عن وزارة العدل. لذا، طالبت رئيسة جمعية القضاة التونسيين، والهيئة النقابية للقضاة، كلثوم كنو، وزير العدل التونسي، نور الدين البحيري بالتوقف عن تعيين مسئولين في وظائف قضائية وقانونية عليا دون اعتماد “معايير تعيين موضوعية”. ووصفت تعيين الحكومة الانتقالية لمسئولين في مثل هذه المناصب بأنه امتداد للسياسة التي كانت سائدة في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن على الذي هرب إلى السعودية في 14 يناير 2011. كان وزير العدل التونسي قد أعلن في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء الماضي تشكيل لجنة قال إنها ستعقد أول اجتماع لها السبت القادم للنظر في إحداث الهيئة المستقلة للقضاء. وذكر أن وزارة العدل عينت مؤخرا أكثر من 70 مسئولا جديدا في وظائف قضائية وقانونية عليا اعتمادا على معايير “الكفاءة والنزاهة ونظافة الأيدي”. ونفى أن يكون من بين هؤلاء من تم تعيينه على أساس “الولاء السياسي” لحركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس. فيما حملت جمعية القضاة التونسيين في بيان أصدرته السبت الماضي الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي “مسؤولية تواصل تردي أوضاع المؤسسة القضائية” في تونس. ونبهت الجمعية في هذا البيان إلى أن “تواصل تردي ظروف العمل بالمحاكم ومحدودية إمكانات القضاء وتدني الظروف المادية والاجتماعية للقضاة لا يتناسب ووضع القضاء كسلطة”. كما “حذرت من خطورة محاولات توظيف ملف تطهير القضاء من الفساد للالتفاف على مطلب إرساء ضمانات استقلال القضاء والقضاة، وتبرير تأبيد الوصاية المفروضة عليهم من قبل السلطة التنفيذية”. ولفت مراقبون إلى أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ تونس التي يقدم فيها قضاة على حمل شارة حمراء داخل المحاكم.