الذين غضبوا من الإعلامي الشهير “مدحت شلبي” بعد أزمة النكتة الجنسية التي اعتذر عنها بالفعل مساء الأربعاء لم يطرحوا كالعادة السؤال الأهم وهو لماذا أرسل “سالم عيد أبو رحمة” النكتة من الأساس للبرنامج الرياضي الذي من المفترض أنه يناقش فقط أحوال كرة القدم المصرية؟ بداية نشر أسم المواطن “سالم عيد أبو رحمة” لا يعد مخالفا الآن لأي قوانين، ليس فقط لأن أسمه أصبح كما النار على العلم بعد تبادل مئات الآلاف من الجمهور مقطع الفيديو الذي يتضمن النكتة وفي نهايتها يذكر “مدحت شلبي” أسم صاحبها، ولكن لأن “أبو رحمة” وهو يرسل النكتة كان يتمنى بالطبع أن يبثها “شلبي” ويذكر أسمه أمام الملايين. بالتأكيد كان “أبو رحمة” سعيداً ومنشرحاً أمام الشاشة دون أن يتوقع بالطبع أن النكتة – في عصر اليوتيوب- ستجر كل هذه الويلات على “شلبي” وقنوات مودرن، لم يتوقع المواطن “أبو رحمة” كل هذه التبعات لسبب بسيط أننا وصلنا لمرحلة لم نعد نعرف فيها الفرق بين خفة الدم وقلة الأدب، وجاءت برامج الهواء لتكشف كل عدة أيام حجم التدني الأخلاقي الذي يعيشه المصريون حالياً فقبل أسابيع استمع جمهور قناة “مودرن كورة” للفظ نابي من أحد المراسلين أدى إلى منعه من العمل لمدة عام واللفظ كان موجهاً لزميل من قناة أخرى بسبب عراك على استضافة أحد اللاعبين والأغرب أن من انتصر هو من سب وقذف وبالتأكيد كان الضحية سيضطر للسكوت وانتظار موقف مماثل لرد الإهانة على اعتبار أن الشتيمة “مش بتلزق” لولا أن الله أخذ حقه على الهواء مباشرة. يضاف إلى ما سبق في واقعة “مدحت شلبي” وهو ضابط شرطة سابق ومدرب ومعلق واعلامي بارز وموظف كبير سابق في اتحاد الكرة ، أنه قرأ النكتة صامتا ثم قرر أن يقولها للجمهور، ليؤكد أننا بالفعل لم نعد نفرق بين القباحة والسماحة ، فطوال الوقت هناك نكات تسخر من فئات وجنسيات لكننا نقولها ونسمع مثلها على أنفسنا ونعلم أن النكتة الحقيقية هي التي تركز على المتناقضات وتسخر منها، أما نكت السخرية من الموظفين وأصحاب المهن فمعظمها لا يضحك وكان يقولها المونولوجست ليزيد من فترة وجوده على خشبة المسرح، لكن حتى هذه النكتة كان تربط بين المهنة وواقع حياة صاحبها، مثل “واحد كهربائي خلف بنت سماها نجفة” ليبتسم المتلقي ابتسامة خفيفة ويحاول تطبيق نفس النكتة على مهنة أخرى، حتى في هذه النوعية من النكت لم يكن الجنس حاضراً ، لم تكن الكبت قد وصل بالناس إلى مرحلة تخيل مشاهد جنسية من خلال نكتة من المفترض أن تضحك الوجه العابس وتروح عن الجسد الواهن. ومن يقول أن جمهور كرة القدم متخصص في الشتائم نذكره أن المصريين ظلوا لفترة طويلة يذهبون لمدرجات الدرجة الثالثة لينفسوا عن أنفسهم بكلمات وعبارات لا يكرروها إلا في هذا المكان، وكان التلفزيون لا يجرؤ على نقل تلك العبارات خلال المباريات وكلنا اعتدنا أنه في حال عدم سماع صوت المعلق واضحا فهذا يعني أن الجمهور بدأ يشتم ووقتها لم تتحول الشتيمة أبداً إلى أمر طبيعي حتى يرسله الناس ولو في شكل نكتة لبرامج التلفزيون. لكن في زمن الانتخابات المزورة أصبح الشعب خفيف الدم متخصصاً في قلة الأدب، فيما يظن السيد وزير الإعلام أن إحالة كل واقعة إلى لجنة تقييم الأداء المهني هي وسيلة تطهير الإعلام المصري مما وصل إليه على يد الاعلاميين الجدد، دون أن يفكر بالطبع في أن الحل سيكون من أساس المشكلة، في أن تعود كلمة عيب إلى الشارع المصري من جديد، في أن يعرف صاحب النكتة القبيحة أن هذه ليست نكتة وإنما جريمة، وأن مصر لا تستحق أن توصف بأن شعبها قليل الأدب بعدما كان دائماً خفيف الظل. للتواصل مع الكاتب عبر فايس بوك http://www.facebook.com/pages/ktabat-mhmd-bd-alrhmn/185941068086429 مواضيع ذات صلة 1. الفقي يحيل حلقة من برنامج مدحت شلبي إلى “الأداء الإعلامي” بسبب نكتة خارجة 2. محمد عبد الرحمن: عشرة أسئلة حول ما سُمي بالانتخابات البرلمانية 3. محمد عبد الرحمن : الشعب المصري يهتف : شكراً عمرو خالد 4. معتز عبد الرحمن: الكائنات الفضائية تهاجم مصر 5. الهلال تحتفي ب خيري شلبي .. وتد الرواية المصرية