وزارة الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا.. اليوم الجمعة    تعرف على سعر الذهب اليوم الجمعة.. عيار 21 ب3080    الفسفور.. أسعار الجمبري اليوم الجمعة3-5-2024 في محافظة قنا    مواعيد صرف معاش تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة لشهر مايو 2024    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تجدد غارتها على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    أكبر جامعة في المكسيك تنضم للاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين.. ما القصة؟    تموين الغربية يضبط 2000 لتر سولار بمحطة وقود لبيعها بالسوق السوداء بالسنطة    جنازة مهيبة لطالب لقى مصرعه غرقًا بالمنوفية (صور)    وزارة التضامن وصندوق مكافحة الإدمان يكرمان نجوم دراما رمضان 2024    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة3-5-2024    دراسة أمريكية: بعض المواد الكيميائية يمكن أن تؤدي لزيادة انتشار البدانة    دراسة: الأرز والدقيق يحتويان مستويات عالية من السموم الضارة إذا ساء تخزينهما    أوستن: لا مؤشرات على نية حماس مهاجمة القوات الأمريكية في غزة    انتهاء أزمة الشيبي والشحات؟ رئيس اتحاد الكرة يرد    اليونسكو تمنح الصحفيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    أهداف برشلونة في الميركاتو الصيفي    نجم الأهلي يقترب من الرحيل عن الفريق | لهذا السبب    "الدفاع التايوانية" تعلن رصد 26 طائرة و5 سفن صينية في محيط الجزيرة    رسالة جديدة من هاني الناظر إلى ابنه في المنام.. ما هي؟    20 لاعبًا بقائمة الاتحاد السكندري لمواجهة بلدية المحلة اليوم في الدوري    "نلون البيض ونسمع الدنيا ربيع".. أبرز مظاهر احتفال شم النسيم 2024 في مصر    10 أيام في العناية.. وفاة عروس "حادث يوم الزفاف" بكفر الشيخ    هل يجوز الظهور بدون حجاب أمام زوج الأخت كونه من المحارم؟    حكم البيع والهبة في مرض الموت؟.. الإفتاء تُجيب    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلًا شمال رفح الفلسطينية إلى 6 شهداء    تركيا تعلق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل    كاتبة: تعامل المصريين مع الوباء خالف الواقع.. ورواية "أولاد الناس" تنبأت به    العثور على جثة سيدة مسنة بأرض زراعية في الفيوم    سر جملة مستفزة أشعلت الخلاف بين صلاح وكلوب.. 15 دقيقة غضب في مباراة ليفربول    بعد انفراد "فيتو"، التراجع عن قرار وقف صرف السكر الحر على البطاقات التموينية، والتموين تكشف السبب    الإفتاء: لا يجوز تطبب غير الطبيب وتصدرِه لعلاج الناس    تعيين رئيس جديد لشعبة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل    بركات ينتقد تصرفات لاعب الإسماعيلي والبنك الأهلي    مصطفى كامل ينشر صورا لعقد قران ابنته فرح: اللهم أنعم عليهما بالذرية الصالحة    فريدة سيف النصر توجه رسالة بعد تجاهل اسمها في اللقاءات التليفزيونية    نكشف ماذا حدث فى جريمة طفل شبرا الخيمة؟.. لماذا تدخل الإنتربول؟    قتل.. ذبح.. تعذيب..«إبليس» يدير «الدارك ويب» وكر لأبشع الجرائم    برلماني: إطلاق اسم السيسي على أحد مدن سيناء رسالة تؤكد أهمية البقعة الغالية    عز يعود للارتفاع.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 3 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدده    انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية    السفير سامح أبو العينين مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الأمريكية    معهد التغذية ينصح بوضع الرنجة والأسماك المملحة في الفريزر قبل الأكل، ما السبب؟    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    ضم النني وعودة حمدي فتحي.. مفاجآت مدوية في خريطة صفقات الأهلي الصيفية    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    سعر الموز والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 3 مايو 2024    بشير التابعي: من المستحيل انتقال إكرامي للزمالك.. وكولر لن يغامر أمام الترجي    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    هالة زايد مدافعة عن حسام موافي بعد مشهد تقبيل الأيادي: كفوا أيديكم عن الأستاذ الجليل    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدن مصرية على خط المواجهة (3) دمياط.. مدينة الرباط الصامدة
نشر في البديل يوم 15 - 02 - 2018

تامحيت أو تم آتي أو تاميات أو تامياتس.. أرض الشمال.. بلد مجرى الماء.. إنها مدينة دمياط التي يعود تاريخ وجودها لأكثر من أربعة آلاف عام وفق بعض التقديرات، وقد ورد ذكر المدينة في التوراة باسم كفتور التي كانت تطل على البحر وكانت ذات أسوار منيعة، وبها أبراج حربية؛ لكن المدينة نقلت إلى مكان آخر يبعد عن البحر نحو أربعة أميال لتكون أكثر تحصينا أمام هجمات الأعداء المتوالية، وكان ذلك في عام 1260م في عهد السلطان الظاهر بيبرس البندقداري كما ورد في دائرة المعارف البريطانية.
تتضارب الأقوال حول دمياط في كتابات الآثاريين، وفي كتب الرحالة الأوروبيين؛ فيكثر الخلط بينها وبين تنيس والفرما، كما يخطئ البعض في الحديث عن فرع النيل بها على أنه الفرع البيلوزي الذي انطمر وكان في العهود القديمة أوسع وأعمق من فرع دمياط، وكان يصب في البحر المتوسط عند مدينة الفرما..ويذكر المؤرخ "سترابون" الذي زار مصر عام 24ق. م أن فرع دمياط المسمى ب "الفاتنيتي" كان ترتيبه الثالث من كيث الكبر والاتساع بعد الفرعين البيلوزي والكانوبي.
وفي العام509م تعرضت المدينة لهجمات متوالية من البيزنطيين؛ لكنها صمدت أمام ذلك الغزو.. ويذكر ساويرس بن المقفع أن المدينة وقعت في أيدي الفرس في الفترة بين 616،622م بعد أن هزم الملك الفارسي خسرو جيش الروم واستطاع الاستيلاء على مدن الساحل من الشام حتى الإسكندرية التي أحدث بها مقتلة عظيمة راح ضحيتها 80ألف رجل.
في الفتح العربي لمصر عام640م تصمد دمياط أمام الجيش الذي أرسله ابن العاص بقيادة عمير بن وهب الجمحي، ولم يستطع العرب دخول المدينة إلا صلحا بعد اتفاق عمرو وقيرس.. ثم جاءت القبائل العربية إلى مصر، فكانت دمياط وتنيس من اختيار قوم نصر بن معاوية من هوازن.
وثم كان أن اغار الروم على المدينة غارتين مدمرتين كما يذكر المؤرخ المقريزي: الأولى كانت في سنة709م وأسر فيها الروم حاكمها خالد بن كيسان، وأرسل على ملك الروم الذي أرسله للوليد بن عبد الملك من أجل الهدنة التي كانت بينه وبين الروم.. وقد فشلت هذه الحملة، لكن أساطيل الروم عادت ثانية إلى دمياط بعد نحو ثلاثين سنة ، وبلغ عدد سفن تلك الحملة 360مركبا، ونزل الروم إلى المدينة فعاثوا فيها فسادا وأكثروا من السلب والنهب والقتل.. وقد شهدت المدينة أربع غارات بيزنطية خلال القرنين التاسع والعاشر انتهت كلها بالفشل.
وكانت دمياط مركزا هاما للثورة التي قام بها القبط على حكم بني أمية بعد أن عمت المظالم البلاد خاصة في عهد الوالي عبد الله بن عبد الملك الذي أبطل اللغة القبطية من الدواوين، وعزل المصريين من الوظائف، وتبعه قرة بن شريك فكان أشد منه ظلما.. ثم قد مصر حنظلة بن صفوان في ولاية هشام بن عبد الملك، فبالغ في التشديد على النصارى وزاد في الخراج.. فكانت الثورة في 726م عندما ولّى هشام رجلا يدعى الحر بن يوسف على مصر واستمرت ولايته ثلاث سنوات، وقد حاول الرجل إخماد نار الثورة المصرية التي ظلت مشتعلة لثلاثة أشهر متتالية، وفلما لم يستطع افتعل خلافا مع صاحب خراج مصر واستعفى من الولاية.
وفى عهد الخليفة العباسي أبو الفضل جعفر المتوكل على الله في سنة 238ه قام الروم بغزو بحرى مفاجئ على دمياط، عندما أرسلوا ثلاثمائة مركب وخمسة آلاف جندي إلى شاطئها، نزل الجنود المدينة وقتلوا من أهلها خلقا كثيرا، وحرقوا المسجد الجامع والمنبر، وأسروا نحو ستمائة امرأة مسلمة، وأخذوا كثيرا من المال والسلاح والعتاد، ولم يستطع اهل المدينة ردهم؛ لكنهم ما لبثوا أن عادوا إلى بلادهم محملين بما نهبوه.
وفي عام 853م في عهد الخليفة المتوكل العباسي، وفي ولاية عنبسة بن إسحق على مصر، غزا الروم المدينة بنحو ثلاثمئة سفينة، وأعملوا القتل في أهلها في غيبة حاميتها التي كانت في الفسطاط تشترك في بعض الاحتفالات، وكان عنبسة قد غضب على قائد دمياط أبي جعفر بن الأكشف، وسجنه بأحد الأبراج.. فلما رأى أهالي المدينة ما حدث أسرعوا إليه وأخرجوه من محبسه، فنظم الجند ودافع عن المدينة، ودحر الروم عنها بعد أن أوقع بهم الهزيمة.
وفي العام 1170م وصل الفرنجة دمياط خلال الحملات الصليبية الأولي وحاصروا المدينة برا وبحرا وأرسل صلاح الدين الأيوبي إليها الجند عن طريق النيل، وأمدهم بالسلاح والذخيرة والمال. ولما بلغ صلاح الدين قصد الإفرنج دمياط استعد لهم بتجهيز الرجال وجمع الآلات إليها ووعدهم بالإمداد بالرجال إن نزلوا إليهم وبالغ في العطايا والهبات، ثم نزل الإفرنج عليها واشتد زحفهم وقتالهم عليها وهو يشن عليهم الغارات من خارج والعسكر يقاتلهم من داخل فانتصر عليهم فرحلوا عنها خائبين فأحرق عتادهم ونهبت آلاتهم وقتل من رجالهم عدد كبير. كما خرج نور الدين من دمشق لقتال الصليبين الذين اضطروا للرحيل بعد أن غرق لهم عدد من المراكب وتفشي بينهم المرض.
وفي 30 مايو 1218م وصلت طلائع الحملة الصليبية الثانية بقيادة جان دي برين أمام عند دمياط لمنازلة جيش الملك الكامل الذي تجمع أمام المنصورة وكان يفصل بين الجيشين فرع دمياط وبحر أشمون، وقطع الملك الكامل الطريق بين الفرنجة ودمياط. وشيد تحصينات قوية أعلى النيل جنوب دمياط، وطلب الفرنجة الصلح علي أن يخرجوا من دمياط والبلاد كلها.. ورحل الفرنجة إلي بلادهم ودخل الملك الكامل دمياط وأرسلت البشائر بتحرير دمياط إلي جميع الدول الإسلامية.
ثم كان أن عاود الصليبيون غزو دمياط وكان علي رأس الحملة الملك لويس التاسع مللك فرنسا ووصلت الحملة شواطئ دمياط في الرابع من يونيه 1249م.. وضرب شعب دمياط أروع الأمثلة للبطولة والتضحية في مقاومة الحملة الصليبية حتى توالت الهزائم علي جيوش الفرنجة من هزيمتهم في فارسكور إلي هزيمتهم في المنصورة، وأسر لويس التاسع ملك فرنسا وتم سجنه في دار بن لقمان بالمنصورة وفدي نفسه ورجاله بمبلغ 400 ألف جنيه مقابل الجلاء عن دمياط. ولقد تم الجلاء في يوم8 مايو 1250 ميلاديا وأصبح هذا اليوم عيدا قوميا لدمياط.
لقد كانت المدينة البيضاء ذات الطبيعة المتنوعة التي جمعت بين ثقافة البحر والنهر و الفأس والشباك والمطرقة.. قادرة على مر الزمان على صنع العجائب.. ومازال في جعبتها المزيد والمزيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.