تواجه منظومة الصحة النفسية بمصر العديد من الأزمات, أبرزها قوانين الصحة النفسية التي تحتاج إلى تعديل جذري، حسبما يطالب به الأطباء والإخصائيون النفسيون, ومن ضمن هذه القوانين التي تحتاج إلى تعديل جذري قانون دخول مريض الإدمان إلى المستشفيات لتلقي العلاج, حيث ينص القانون الحالي على عدم السماح لأهل مريض الإدمان بإدخاله عنوة لتلقي العلاج، بل يجب أن يدخل بكامل إرادته، وأن يخرج من المستشفى أيضًا في الوقت الذي يحدده! وهو قانون مثير للجدل، أدى إلى مناداة العديد من الأطباء بتغييره، خاصة أنه فتح المجال للمراكز النفسية ومراكز الإدمان غير المرخصة للعمل من قبل غير المتخصصين في المجال, حيث يقوم مجموعة من المدمنين المتعافين بفتح مراكز علاجية غير مرخصة بعيدًا عن أعين وزارة الصحة والجهات الرقابية، ويستقبلون حالات من مرضى الإدمان بعد لجوء الأهالي لهم؛ لأنهم يوفرون خدمات شحن المرضى بعيدًا عن رغبة المريض في العلاج من عدمها. وعلق الدكتور رضا الغمراوي، مدير مستشفى العباسية الأسبق، قائلًا: بالفعل قانون الصحة النفسية لا يجيز إدخال المدمن لتلقي العلاج رغمًا عنه، أي يجب أن يدخل بإرادته، وإذا تبين للطبيب أو لإدارة المستشفى أن المريض يرفض تلقي العلاج، يتم إخراجه على الفور, وهو قانون يجب النظر فيه؛ لأن المدمن عادة ما يكون بحاجة إلى الضغط عليه من الأهل، حتى يتوجه لتلقي العلاج. مضيفًا أن هذا الأمر أيضًا يفتح المجال لظهور مراكز الإدمان غير المرخصة، والتي تعمل تحت إشراف مجموعة من المدمنين المتعافين دون إشراف طبي؛ مما يعرض حياة المرضى للخطر. ويقول عبد الرحيم راضي، إخصائي نفسي، إن هذا القانون ظالم للمدمن ولأهله أيضًا؛ لأنه نادرًا ما يتوجه مدمن بكامل إرادته إلى المستشفى طالبًا العلاج، وإنما يكون بحاجة إلى ضغط من الأهل حتى يستجيب للعلاج، بل إن أكثرهم بحاجة إلى شحنه عنوة إلى المستشفى, وللأسف المستشفيات الحكومية لا تعترف بذلك طبقًا لقانون الصحة النفسية، الذي يرفض إجبار المريض على العلاج. وأضاف راضي ل"البديل" أن قوانين الصحة النفسية بحاجة إلى إعادة النظر، فالمريض لا يكون في وعيه، خاصة مريض الإدمان الذي يكون غارقًا في المواد المخدرة، وبالطبع لن يطلب العلاج؛ لخوفه من أعراض الانسحاب وغيرها من الأمور الأخرى, مؤكدًا أن الخلل في القانون يجعل الأهالي يلجؤون إلى المراكز غير الخاضعة للإشراف الطبي؛ لأنها توفر خدمات الشحن، أي أن يقوم أشخاص من المركز بشحن المريض عنوة ودون إرادته للمركز حتى يتلقى العلاج. وهذه الخدمة غير متوفرة بالمستشفيات الحكومية؛ مما يجعل بعض الأهالي يتوجهون نحو تلك المراكز القائم عليها مدمنون متعافون.