«دخلت الإدمان وعارف إني مش هقدر أبطل, تبطيل المخدرات وهم, حاولت كتير قبل كدة لكن معرفتش».. عبارات تتردد على ألسنة العديد ممن وقعوا في براثن الإدمان، بعضهم يرى التعافي من الإدمان أمرا مستحيلا، لكن هناك حالات كثيرة انتصرت على المرض. من جانبها، تواصلت «البديل» مع بعض المتعافين؛ لمعرفة أسباب تعاطيهم المخدرات وقصص تعافيهم أيضًا؛ عدد كبير منهم كان فاقد الأمل في الشفاء، وبعضهم حاول وانتكس أكثر من مرة، لكن هناك من أصر واتخذ قرار التعافي أو بُلغتهم (التبطيل)، ولم يتعافوا فقط، بل تحول عدد منهم إلى سبب في علاج آخرين، ليثبتوا أن الإدمان مرض يمكن التعافي منه. إرادة المتعافين تنتصر (ك.م) فتاة من طبقة ميسورة الحال، وقعت في براثن الإدمان بعد أزمات كثيرة مرت بها تسببت في انهيارها نفسيًا، ما دفعها إلى التوجه نحو تعاطي المخدرات؛ بدأت بسجائر الحشيش، بزعم أن تناوله أقل ضررًا من غيره، ومع الوقت زاد الأمر تدريجيًا حتى وصل إلى الإدمان، لكن النقطة الفارقة التي جعلتها تقرر الإقلاع عن التعاطي، وفاة شقيقها الأكبر، الذي كانت تعتبره والدها، وكان دائم النصح لها بالإقلاع عن المخدرات، وحينما توفى، اتجهت بنفسها، نحو أحد مستشفيات علاج الإدمان، وبالفعل نجحت في الإقلاع عن المخدرات، ومازالت تحت الإشراف الطبي حتى الآن. (أ.د) كانت توفر المخدر لها ولأختها الصغرى ولكل أصدقائها من المدمنين، وعندما علم والدها، قرر شحنها إلى أحد المراكز الخاصة لتلقي العلاج، لكنها انتكست مرة أخرى، حينما خرجت، وظلت منتكسة لمدة عامين بعد العلاج, حتى أعاد والدها الكرة، واستمرت في العلاج والتأهيل النفسي، واستمرت في العلاج فترة طويلة حتى تحولت من مدمنة إلى متعافية؛ بسبب إصرارها ورغبتها القوية في الإقلاع، وتعمل الآن ضمن فريق تأهيل المدمنين، وتروي لهم مأساتها مع الإدمان، وتحذر أي شخص يرفض العلاج، وعادت إلى الحياة مرة أخرى، ومن المستحيل أن تعود للإدمان مرة أخرى بعد 7 أعوام من التعافي. (ق.و) اتخذ قرار الإقلاع عن المخدرات بنفسه، بعدما تسبب في عاهة مستديمة لشقيقته الصغرى، رغم أنه شاب من طبقة متوسطة، وكان يعمل محاسبا قبل أن يدمن المخدرات، تزوج بمجرد تخرجه في الجامعة، وأنجب طفلين، لكن زوجته طلبت الطلاق بعد علمها إدمانه الهيروين، ليعود للعيش في منزل والدته وشقيقته التي تصغره ب15 عاما، وحينما ضاق به الحال، ورفض الجميع إعطاءه أموالا يوفر بها المخدرات، توجه نحو غرفة شقيقته الصغرى، محاولًا أخذ أموالها، وحينما انزعجت وصرخت أمسك برأسها وضربها في الحائط عدة مرات حتى فقدت البصر، لتكون الحادثة الدافع للتوجه نحو أقرب مستشفى لعلاج الإدمان، مقررًا ألا يغادره حتى يقلع تمامًا عن الإدمان، وبالفعل نجح، ومع الوقت، عاد إلى عمله مرة أخرى، وعادت إليه زوجته وأبناءه، وأصبح يتبنى حملات لمناهضة الإدمان، والتأكيد أنه مرض قابل للشفاء، والدليل أنه أقلع عن الإدمان منذ 12 عاما. طبيب: سحب السموم والتأهيل والاندماج.. 3 مراحل لعلاج الإدمان وقال الدكتور عبد الرحمن حماد، رئيس وحدة الإدمان بمستشفى العباسية سابقًا، إن الإدمان مرض وليس انحرافا كما يراه البعض، فهو مرض معقد يؤثر على وظائف المخ والمشاعر والسلوك أيضًا, والشخص المدمن يكون مسؤولا عن مرضه، لكن يمكن الشفاء منه، والدليل، وجود العديد من المتعافين منذ عدة أعوام ومازالوا مستمرين حتى الآن. وأضاف حماد ل"البديل"، أن هناك ثلاث مراحل لعلاج الإدمان؛ الأولى تكون عن طريق سحب السموم وتأخذ هذه الفترة من أسبوع إلى أسبوعين، على حسب المادة المخدرة والجرعات التي يتناولها المريض أيضًا، وعادة ما يعاني المدمن من أعراض الانسحاب في تلك المرحلة، لكن يتم إعطاؤه أدوية لتقليل أعراض الانسحاب والهيمنة عليها، تليها مرحلة التأهيل للعيش بنمط حياة معين؛ أي أن يمارس المتعافي حياته الطبيعية دون اللجوء إلى المخدرات، وتعد من أهم المراحل العلاجية، ويتم من خلالها دمج العلاج النفسي مع الأدوية في حالة حاجة المريض إلى تناول أدوية، والأصل، الاعتماد على العلاج النفسي بصورة أكبر. وتابع: "أما المرحلة الثالثة بعد التأهيل، تكمن في كيفية إعادة المدمن المتعافي إلى الاندماج والانخراط في المجتمع مرة أخرى، خاصة أنه يفقد كل أدواره أثناء فترة الإدمان؛ سواء الأسرية أو الاجتماعية أو دوره في الإنتاج كعضو فعال في المجتمع"، مشددا على ضرورة خضوع المريض لمدة علاج كافية؛ لأن هناك قاعدة للعلاج، تؤكد أنه كلما زادت مدة العلاج، كلما زادت نسب التحسن والتعافي. الانتكاسة.. ليست نهاية المطاف أما عن حالات الانتكاسة التي تحدث لبعض المدمنين بعد الإقلاع عن المخدرات، أكد حماد أنها ليست أمرا واجب الحدوث لكل مرضى الإدمان، فبعضهم نجح في الإقلاع عن المخدرات منذ المرة الأولى في العلاج، لكن حتى إذا حدثت انتكاسة للمريض، فالأمر طبيعي ووارد، فالانتكاسة جزء من العلاج، وليست نهاية المطاف أو دليل على عدم وجود إقلاع عن المخدرات كما يرى بعض المدمنيين. وأوضح الطبيب المتخصص، أن الإدمان مثل أي مرض مزمن، يحتاج إلى كبسولات للعلاج، لكن كبسولات المتعافي ليست دوائية، بل حياتية تساعده على تعلم أشياء جديدة يوميًا والعيش على مبادئ جديدة مثل الأمانة والصدق، وحتى يتجنب المريض الانتكاسة عليه اتباع خطوات العلاج من خلال المتابعة بشكل مستمر، والانتظام في حضور البرنامج العلاجي، وحضور الاجتماعات، والتعود على نمط حياة صحي، والابتعاد عن رفاق السوء. المدمن أكثر عرضة للأمراض النفسية وتحدث حماد عن علاقة الأمراض النفسية بالإدمان، قائلًا: "عادة، الأشخاص الذين يتعاطون مخدرات، إذا استمروا في التعاطي، تحدث لهم اضطرابات نفسية، كما أن الأشخاص الذين لديهم اضطرابات نفسية، لديهم ميل للإدمان أكثر من غيرهم، لذا عندما يتم فحص المدمن وعلاجه نراعي بحث وجود اضطرابات نفسية من عدمها". وأوضح حماد أن أكثر أنواع المخدرات تداولًا؛ المواد الأفيونية، مثل الترامادول والهيروين والأفيون، مؤكدًا أن المواد المصنعة أيضًا، أصبحت منتشرة بصورة كبيرة، مثل الاستروكس والفودو، وهي مواد خطيرة ولها تأثيرات ضارة، حيث تتسبب في نوبات من الهياج ونوبات ذهنية، تؤدي إلى اضطرابات نفسية، خاصة أن صغار السن أكثر من يعتمدون عليها.