الأستاذ بكلية الطب جامعة 6 أكتوبر يمكن أن نفهم إدمان المخدرات على أنها تخريب متعمد لعمليات التعلم في المخ والذاكرة العادية ومن ثمّ يتحول هذا الإدمان إلى عادة قهرية مميتة. مثل هذه العادات تتطور عبر سلسلة من العمليات المعقدة في النظم العصبية المسؤولة عن التعلم والذاكرة والأداء السلوكي العام. وبذلك نستطيع القول بميل سلوك متعاطي المخدرات إلى الانتكاس. ولتحرير ما سبق نبسط القول فنقول: تعاطي هذه المواد المخدرة بشكل مستمر يؤدي إلى حدوث ضرر كبير بالجسم وبالحالة العقلية، فينتج عن التوقف عن تعاطي المواد المخدرة خلل في تأدية الفرد لوظائفه الحيوية وواجباته اليومية الأمر الذي يدفعه إلى طلب المزيد منها. مراحل تحولك إلى مدمن مخدرات: حين تبدأ كشخص سوي في تعاطي المخدرات تمر ب 4 مراحل حتي تصل إلى مرحلة الذروة وهي: 1. مرحلة تجربة المخدرات: وهناك العديد من العوامل التي تدفعك إلى تجربة المخدرات مثل الضغوط النفسية والاجتماعية أو رفقة السوء. 2. مرحلة التعاطي عن عمد: وهنا تبدأ في تعاطي المخدرات دون الأخذ في الحسبان أنك قد تصبح مدمنًا لها. 3. مرحلة الإدمان: وفيها يصل جسمك إلى مرحلة إدمان المخدرات ومن ثمّ لا تستطيع التوقف عن تعاطيها. 4. مرحلة اللاعودة: وهنا، لا تكتفي بالكمية التي تحصل عليها من المخدرات بل تسعى دائمًا لطلب المزيد وتعاطي جرعات أكبر فتعرض نفسك للموت. والسؤال: بعد الوصول إلى مرحلة اللاعودة، هل يصبح الأمل منعدمًا في علاج إدمان المخدرات؟ بالطبع لا .. فبالرغم من صعوبة علاج إدمان المخدرات إلا أن العديد من تجارب علاج الإدمان قد أثبتت نجاحًا مع العديد من الحالات. ولكي يتم علاج الإدمان يجب علينا أن نتأكد أولًا من وجود الرغبة الحقيقية لدى المدمن في الإقلاع عن الإدمان، سواء بشكل ذاتي أو عن طريق استخدام الطبيب المعالج بعض الأساليب لزيادة الدوافع والرغبة لدى المريض. وهناك 6 خطوات للعلاج من الإدمان يمكن من خلالها أن يعود المدمن لطبيعته ويتوقف عن تعاطي المخدرات نهائيًا: 1. مرحلة نزع السموم من الجسم: وهي أولى الخطوات التي تستخدم في علاج المخدرات. وفيها يتم تخليص الجسم من السموم التي أصبحت جزءًا منه وإزالتها بشكل كامل من الدم. وبرغم أهمية هذه المرحلة التي لا يمكن استكمال العلاج بدونها، إلا أنها لا تعد علاجًا متكاملاً ولا يجب التوقف عندها كما يظن البعض. 2. علاج الأعراض الانسحابية: والأعراض الانسحابية هي مجموهة من الأعراض النفسية والجسدية التي تصاحب عملية نزع السموم من الجسم، مثل اضطرابات النوم والأرق ويصاحب ذلك آلام في البطن وارتفاع ضغط الدم والتعرق وارتفاع درجة حرارة الجسم. كما يقترن بذلك حدوث هلوسات عقلية ورغبة في الانتحار مع بعض الاضطرابات النفسية الشديدة كالاكتئاب الحاد. ولابد في تلك المرحلة من حجز المدمن في مستشفى أو في أحد مراكز علاج الإدمان ليسهل السيطرة عليه وإبعاده عن أماكن المخدرات. وتبلغ مدة هذه المرحلة ما بين الأسبوعين إلى الشهر. 3. مرحلة التأهيل: وهي المرحلة المركزية في علاج إدمان المخدرات، وقد تستمر مدتها ما بين شهور إلى عدة سنوات حسب حالة المريض وقدرته على تحمل العلاج. ويتم من خلالها تعليم المريض عدد من المهارات التي تساعده على عدم الانتكاسة مرة أخرى من خلال جلسات العلاج النفسي والسلوكي. كما يمكن إعطاء المريض بعض الأدوية التي تساعده على العلاج النفسي واجتياز مشكلة الرغبة في العودة للمخدر مرة أخرى. 4. مرحلة الاستشارات النفسية: تعتمد هذه المرحلة على جلسات العلاج النفسية التي تتم بشكل جماعي أو فردي، حيث يتم منح المريض فرصة للتعبير عن ما عانى منه خلال محاولته التوقف عن الإدمان، واكتشاف أي مؤثرات أو ضغوط نفسية كانت دافعًا له لإدمان المخدرات منذ البداية، مما يساعد الطبيب المعالج على حل هذه المشكلات بشكل جذري. 5. العلاج المجتمعي: يساعد المجتمع المدمن على العلاج من الإدمان عن طريق إيجاد حلول مناسبة للمشاكل الأسرية والاجتماعية المحيطة به التي ربما أدت لوقوعه في فخ الإدمان، كما يجب خلال هذه المرحلة الشد من أزر المريض ودعمه نفسيًا. 6. منع الانتكاس: يمكن للمتعافي تناول بعض الأدوية بإشراف من الطبيب للمساعدة فى إعادة تنشيط وظائف المخ الطبيعية وتقليل الرغبة في التعاطي. كما يجب متابعة المتعافي بشكل مستمر عبر إجراء التحاليل الدورية للتأكد من عدم تعاطيه للمخدرات مرة أخرى حتى يعود إلى ممارسة حياته بصورة طبيبعة تمامًا. القرآن فيه هدى وشفاء: ويأتي القرآن الكريم ليقر بأن إدمان المخدرات والخمور يؤدي بك لا محالة إلى تخريب ناصيتك فلا تجد من يوجه سلوكك، ولا من يحدّ من سقوطك أخلاقياً وهنا تكون الكارثة. قال الله تعالى: (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ ﴿15﴾ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴿16﴾ (سورة العلق). وهكذا ثبت أن مقدمة الفص الأمامي القابعة في عمق الناصية هي الموجهة للسلوك والمميزة للشخصية، وقد تؤدي إصابتها إلى هبوط في المعايير الأخلاقية ودرجة التذكر والقدرة على حل المشكلات العقلية. وللأسف الشديد ربما يتعمد الإنسان منا تدمير ناصيته بالسير وراء أهوائه ونزواته وتناول المخدرات والخمور. لقد خص القرآن الكريم وهو كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم منطقة الناصية أو مقدم الرأس دون بقية الأعضاء بالكذب والخطأ وتصوير معاقبتها بلفظ السفع وهو القبض على الشيء وجذبه بشدة تصويرا لبيان كيفية محاسبة العضو المسئول حقيقة عن السلوك في الإنسان. هذا العضو للأسف الشديد ندمره بتناول المخدرات والخمور!! الصلاة وقاية: وتأتي الصلاة إذا حافظ المسلم عليها وقاية من الإدمان لأن المولى عز وجل قد شرع في الصلاة السجود ويكون بأن تسجد هذه الناصية وأن تطأطئ لله تعالى وطالما وجدت ناصية تسجد وتخشع لله فإن سلوك صاحبها يستقيم.. قال تعالى: ( … إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴿45﴾ ( العنكبوت). والله الهادي إلى سواء السبيل.