تشهد مصر منذ أكثر من عام أزمة سكر، لاسيما أننا نستورد ثلث احتياجاتنا منه سنويًا، لتغطية الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك، التي تقدر ما بين 800 طن إلى مليون طن سكر سنويًا، طبقًا للبيانات الرسمية لمجلس المحاصيل السكرية، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. والأزمة قائمة رغم وجود 17 مصنعا لإنتاج السكر؛ منهم 7 لإنتاج سكر القصب تابعين لشركة السكر والصناعات التكاملية الحكومية "أبو قرقاص، جرجا، نجع حمادي، دشنا، قوس، ادفو، كوم امبو"، و8 مصانع تابعين للدولة لإنتاج سكر البنجر "الحامول بكفر الشيخ، بلقاس بالدقهلية، اسطا بالفيوم، أبو المطامير بالبحيرة، العين السخنة، النوبارية، الدلتا، المنصورة"، ومصنعان مملوكان لأفراد لإنتاج سكر البنجر "النيلوالإسكندرية". ومن جانبها، استنكرت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، خلال زيارتها لمحافظتي قنا والأقصر، استيراد مصر للسكر، في ظل وجود مصانع لإنتاجه متقدمة المستوى، فضلا عن زراعة القصب بكثافة. وكشف تقرير لوزارة الزراعة، أن إنتاج مصر من سكر القصب والبنجر، بلغ العام الجاري نحو 2.2 مليون طن، وبلغ إجمالي الإنتاج المحلي من سكر البنجر نحو 1.25 مليون طن، بما يمثل نحو 57% من إنتاج السكر، بينما بلغ إجمالي إنتاج سكر القصب نحو مليون طن، بما يمثل نحو 43% من إجمالي إنتاج السكر في مصر، وبذلك تحتل المرتبة الأولى عالميا في إنتاج قصب السكر بمتوسط عام 50 طنا للفدان. وأوضح التقرير، أن إجمالي الاستهلاك المحلي من السكر بلغ 3.1 مليون طن سنويا، ما يعني أن وجود فجوة في الاستهلاك قدرها نحو 900 ألف طن، مضيفا أن كمية السكر السائل "جلوكوز" و"فركتوز" المنتجة هذا العام، بلغت نحو 200 ألف طن، ليصل إجمالي إنتاج السكر بنوعية المبلور والسائل نحو 2.4 مليون طن، بما يحقق ما يقرب من 77% من الاكتفاء الذاتي والتي تكفي الاستهلاك المحلي لنحو 9 أشهر. ويكشف التقرير السنوي لمجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة، عن وجود عجز فى إنتاج السكر عن الموسم الماضي 2016 بحوالى 175.6 ألف طن، بنسبة 7.4% عن الموسم السابق عليه، جراء نقص المساحات الموردة لمصانع السكر من القصب بحوالى 4007 أفدنة بموسم عصير 2016، وبالتالي نقص الكمية حوالي 256.2 ألف طن قصب، كما تراجعت جودة المحصول، وانخفاض معدل توريد فدان البنجر بواقع طن للفدان. وقال الدكتور شريف فياض، الخبير الاقتصادي، إن مصانع إنتاج السكر لا تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية؛ لأنها تحتاج إلى أعمال صيانة وإحلال وتجديد، ما يجعلها لا تستوعب الإنتاج الكلي من المحاصيل السكرية، الأمر الذي يتسبب في خسائر فادحة للمزارعين، مؤكدا أن الدولة في طريقها لتقليص مساحة زراعة قصب السكر ل200 ألف فدان فقط، للتماشي مع مرحلة الفقر المائي التي تعيشها مصر حاليا، خاصة أن قصب السكر من الزراعات الشرهه في استهلاك المياه. وأوضح الدكتور أحمد أبو دوح، نائب رئيس مجلس المحاصيل السكرية، أن الحل في الإبقاء على زراعات القصب لتوفير نوعية السكر التي تلقى إقبالا لدى المواطن، من خلال اتباع النظم الحديثة في الزراعة على المصاطب واتباع طرق الري بالتنقيط، بجانب استخدام أصناف جديدة ذات إنتاجية مرتفعة ومقاومة للأمراض ومبكرة النضج وذات محتوى عالٍ من السكريات كجيزة 3، وجيزة 4، مضيفا أن مساحة قصب السكر هذا العام لا تتعدى ال250 ألف فدان بإنتاجية 10 ملايين طن، تنتج ما يقرب من مليون طن سكر، و1.1 مليون طن سكر بنجر و900 ألف طن "الفجوة" يتم استيرادها. أكد أبو دوح ل"البديل" أن الشركتين التابعتين للأفراد تسببوا في حدوث أزمة السكر خلال السنة الماضية؛ حيث صدروا كامل إنتاجهم دون النظر إلى احتياجات السوق المحلي، في ظل فقد الدولة سيطرتها عليهم، لافتا إلى أن مصانع السكر نفسها ساهمت في حدوث الأزمة؛ فلم تقدم مساعدة فعلية لمزارعي القصب من توفير عربات النقل أو عزاقات لتوفير الأيدي العاملة التي ارتفعت يوميتها بشكل كبير في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الدولة، بجانب توفير المحروقات بسعر مدعم. وكشف عن تقدم مزارعي القصب بطلب لمجلس النواب لرفع سعر توريد طن القصب عن السعر الحالي والمقدر ب620 جنيه، والذي لا يوفر هامش ربح لا يتعدى ال3000 جنيه، الأمر الذي يستحيل معه الاستمرار في زراعة القصب، في ظل انخفاض سعر السكر عالميا والذي سيتم طرحه في الأسواق المحلية بسعر لا يتعدى 8.5 جنيه للكيلو، في حين أن السكر المنتج محليا تم تسعيره من قبل الدولة ب 10.5.