عندما يتعلق الأمر بجريمة ضد الإنسانية وفظائع قتل أطفال وتشريد أهالٍ وهدم منازل، ابحث فورًا عن مخترع هذه الجرائم لتجد الاحتلال الصهيوني إما فاعل مباشر في هذه الانتهاكات أو ضالع ومحرض وممول غير مباشر فيها على الأقل، وهو ما تم كشفه بالفعل مؤخرًا فيما يتعلق بالجرائم الإنسانية التي تمارسها السلطات في ميانمار بحق الأقلية المسلمة هناك. على الرغم من الإحصائيات والتقارير والإدانات الدولية من المنظمات الحقوقية وبعض الدول العربية والأوروبية للمجازر التي يرتكبها النظام في ميانمار بحق الأقلية المسلمة هناك، فإن الاحتلال الإسرائيلي يتمسك بمساعدة جيش ميانمار، ورفضت وزارة الجيش الإسرائيلي وقف بيع السلاح للنظام في دولة ميانمار. نشرت صحيفة "هآرتس" على موقعها الإلكتروني، مقالًا بعنوان "مع تصاعد العنف، إسرائيل تواصل بيع السلاح لميانمار"، قالت فيه إن الحكومة الإسرائيلية تصر على بيع السلاح لنظام ميانمار على الرغم من تواصل جرائمه، ولفتت الصحيفة إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية ستنظر نهاية شهر سبتمبر الجاري، التماسا قدمه حقوقيون إسرائيليون ضد استمرار بيع السلاح لميانمار. رفض تل أبيب وقف بيع الأسلحة إلى ميانمار، على الرغم من الحظر المفروض عليها من قبل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، دفع المنظمات والهئيات الحقوقية إلى فتح نار الانتقادات على إسرائيل، وقالت بعض المنظمات إن شركات الأسلحة الإسرائيلية باعت أكثر من 100 دبابة وقارب، فضلًا عن الأسلحة الخفيفة لحكومة بورما، فيما تولت إحدى الشركات الإسرائيلية تدريب القوات الخاصة البورمية في ولاية راخين الشمالية، التي أصبحت مركزًا لأعمال العنف. بيع إسرائيل أسلحة نوعية إلى النظام الوحشي في ميانمار، لم يكن مفاجأة للمتابعين لتحركات تل أبيب ضد المسلمين في المنطقة، فقد سبق وكشف تقرير صحفي نشره موقع "واللا" العبري، في مارس الماضي، تفاصيل خطيرة عن التعاون بين إسرائيل والنظام العسكري الحاكم في ميانمار، والذي يرتكب جرائم حرب وفظائع مروعة ضد أقلية الروهينجا المسلمة، وأكد تقرير بعنوان "بسلاح واحتواء إسرائيلي.. الأقلية المسلمة في ميانمار تباد بوحشية"، أن التعاون بين إسرائيل وبورما يعود لعام 1953، ومستمر إلى اليوم. وأشار التقرير إلى أن إسرائيل تعد الدولة الأبرز التي تزود الجيش في ميانمار بالسلاح على الرغم من إدراكها لحجم تورطه في جرائم ضد الإنسانية تستهدف المسلمين هناك، فيما يحتفظ قيادة الجيش الميانماري بعلاقات سرية وصاخبة مع المؤسستين العسكرية والاستخبارية في إسرائيل، وأشار الموقع العبري أيضًا إلى تقريرًا سابق أصدرته شركة الاستخبارات المدنية "جينس" ونشر عام 1989، وأظهر أنه في أعقاب فرض الأممالمتحدة والمجتمع الدولي مقاطعة ضد الحكام العسكريين لميانمار، فقد كانت إسرائيل هي الوحيدة التي واصلت مدها بالسلاح الذي هدف بشكل أساسي إلى قمع المظاهر الاحتجاجية ضد حكم العسكر، وأشار إلى أنه في العام 1997 وقعت شركة "إلبيت" الإسرائيلية للصناعات العسكرية على صفقة مع جيش ميانمار لتحديث 36 طائرة عسكرية، وتم تزويد الطائرات بصواريخ جو جو، في حين اشترى الجيش الميانماري بعد ذلك 16 مدفعًا من إنتاج شركات "سلوتم معرخوت" الإسرائيلية. الجدير بالذكر أن العلاقات بين ميانمار وإسرائيل تعود إلى العام 1953، وكان رئيس الوزراء الميانماري أو نو، أول مسؤول أجنبي يزور إسرائيل بعد الإعلان عنها وذلك عام 1955، وفي خمسينيات القرن الماضي بدأت العلاقات العسكرية بين الطرفين تتطور، وزودت تل أبيب بورما بطائرات من طراز "سبيفاير"، وتوالت الزيارات ذات الطابع العسكري بين الطرفين، فزار رئيس الوزراء الأول ديفيد بن جوريون واثنان من وزرائه هما وزير الحرب موشيه ديان، ووزير العمل شيمون بيريز، ميانمار 3 مرات متتالية خلال العام 1958 فقط، فضلا عن الزيارات التي تمت خلال السنوات الأخيرة، حيث قام قائد الجيش في ميانمار مين أونغ هلينغ، المسؤول الرئيس عن المجازر التي يتعرض لها الروهينجا هناك، بزيارة إسرائيل في العام 2015، والتقى خلال الزيارة بالرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت، ووزير الأمن موشيه يعالون، ليقوم رئيس قسم الدعم الأمني في وزارة الأمن الإسرائيلية ميشال بن باروخ، بزيارة مماثلة إلى بورما في يونيو عام 2016.