«تعيين وترسيم الحدود بين الدول من أعمال السيادة التي لا يحق للقضاء نظرها».. نص خرج به مجلس الدولة في الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار بخيت إسماعيل، نائب رئيس مجلس الدولة، في الدعوى رقم 70526 لسنة 70 قضائية، الخاصة بتعيين الحدود البحرية بين مصر وقبرص، ليقضي بعدم الاختصاص الولائي، ما يمثل ذريعة لدى النظام لتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، الأمر الذي فنده الخبراء، بما يحظر على السلطة التنازل عن أي شبر من الأرض وفقا للدستور. وقال المحامي طارق نجيدة، أحد أعضاء هيئة الدفاع في قضية الأرض «تيران وصنافير»، إن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية تختلف عن تعيين الحدود مع قبرص، حيث ترتب على الأولى التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، الأمر المحظور نهائيا على كل سلطات الدولة، لذا أصدرت المحكمة قرارا ببطلان توقيع الاتفاقية. وأضاف نجيدة أن الحكم الصادر بعدم الاختصاص الولائي بشأن اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر وقبرص، جاء لأنها تتعلق بتعيين المنطقة البحرية الاقتصادية لكل دولة، وفقا لقانون البحار، ولم يترتب عليها تنازلا عن أي جزء من إقليم الدولة، وهو المحظور وفقا لنصوص الدستور. وتابع: لا يصح القول بأن أعمال السيادة بفرض توافرها في عمل السلطات السياسية عند إبرام المعاهدات تعلو وتسمو أو تتحصن أمام نص دستوري قاطع مانع، فلا يجوز أن يترتب على إبرام المعاهدات التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، والدستور أقر ذلك، واعتبر أي معاهدة تتنازل أو يترتب عليها تنازلا عن إقليم الدولة، عملا باطلا وغير جائز ومحظور. وشدد نجيدة على ضرورة التفرقة بين اتفاقية تعيين الحدود البحرية المصرية السعودية الباطلة التي لا تعتبر من أعمال السيادة، وبين اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر وقبرص المنطقة الاقتصادية التي تتعلق بحقول الغاز والبترول ولا تتعلق بالتنازل عن الأرض. وقال الدكتور عادل عامر، خبير القانون العام، إن التشريعات المختلفة للدول لم تتناول أعمال السيادة بالتحديد، لكن تم تحديدها بالاجتهاد القضائي عن بعض الأعمال المنسوبة للحكومة، وقالت عنها إنها من أعمال السيادة، وكان من ضمنها عقد المعاهدات والاتفاقات الدولية والانضمام إليها عملاً من أعمال السيادة، إلا أن مضمونها أو موضوعها ليس بالضرورة أن يكون دائمًا متصلاً بالسيادة. وأضاف عامر ل«البديل» أنه ليس صحيحًا إطلاق القول بأن جميع الاتفاقيات الدولية أيًا كان موضوعها من الأعمال السياسية، لكن ما يحدث أن إدارة الدولة عندما تجد نفسها بحاجة إلى مخالفة القانون الذي يحكم في الظروف العادية والاستثنائية تستعين بالسلطة التشريعية لإصدار النص اللازم والمبرر لتصرفاتها حيال الأمر الواقع.