بعد أن خسرت إسرائيل رهاناتها كافة بالمنطقة، سواء في سوريا من خلال هزيمة الجماعات المسلحة الإرهابية التي كانت تعتبر الدرع الواقي للكيان الصهيوني وحافظة أمنه واستقراره، أو من خلال فشلها في انتزاع أي ضمانات من روسيا بحصار حزب الله ومنع النفوذ الإيراني من التمدد في المنطقة، اتجه الاحتلال، خلال زيارة رئيس وزراء كيان الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى موسكو قبل أسبوع، بمساندة حليفه الرئيسي، الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلى اللعب على ملف قوات الأممالمتحدة في جنوبلبنان «اليونيفيل». كماشة إسرائيلية على «جوتيريش» كعادته، لا يترك الاحتلال الصهيوني شاردة ولا واردة إلَّا ويستغلها لصالح تحقيق أهدافه، فهذه المرة استغل الكيان المحتل زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة للمرة الأولى منذ تسلمه منصبه، ليمارس المزيد من الضغوطات على المنظمة الدولية من أجل تغيير طريقة تعاملها مع الكيان الصهيوني، فيما كان ملف توسيع مهمة اليونيفيل لتشمل المواجهه العسكرية مع حزب الله حاضرًا بقوة على الطاولة، حيث اجتمع جوتيريش مع رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية بالجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هاليفي، ونائب الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوث الأممالمتحدة إلى الشرق الأوسط، وسفير إسرائيل لدى المنظمة الأممية، ونائب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية لشؤون المنظمات الدولية. خلال اللقاء، قال رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، إن حزب الله يوسع هيمنته على الدولة اللبنانية، ويجب فعل الكثير لمنع حرب مقبلة، وأكد الجنرال الإسرائيلي أن التطلع الإيراني لإنتاج أسلحة دقيقة لحزب الله على أرض لبنان وفي إطار الصناعات العسكرية السورية يعتبر تطورًا خطيرًا لن تبقى إسرائيل مكتوفة الأيدي أمامه، وأضاف: حزب الله يواصل توسيع هيمنته على الدولة اللبنانية، وهناك خروقات فادحة ومتواصلة لقرار الأممالمتحدة 1701، معتبرًا أن قوات اليونيفيل جزء مهم من الحل، ويمكن تعزيز الضغط على حزب الله لعرقلة تعظم قوته، مشددًا على أنه يجب العمل أكثر ليس فقط لحفظ السلام، بل لمنع حرب مقبلة. من جانبه، قال سفير إسرائيل لدى الأممالمتحدة، داني دانون، إن إيران تمثل مصدر الإرهاب في سورياولبنان، وتحاول إضرام النيران بالمنطقة كلها، داعيًا الأممالمتحدة للتصدي لنشاط طهران وبتر جذور الإرهاب الإيرانية، على حسب تعبيره، وأضاف دانون: على قوات اليونيفيل تنظيف جنوبلبنان من النشاطات الإرهابية لحزب الله فى جميع أشكالها، وعلى الأممالمتحدة اتخاذ إجراءات صارمة لضمان الهدوء في المنطقة. إسرائيل وأمريكا تستبقان الزيارة جدير بالذكر أن زيارة جوتيريش إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة تأتي في الوقت الذي يناقش فيه مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، تجديد عمل بعثة قوات حفظ السلام في لبنان «يونيفيل»، لمدة عام آخر، حيث من المتوقع التصويت على القرار غدًا الأربعاء، وهو ما استبقته أمريكا بتوجيه انتقادات للقوات هناك والمطالبة بتعديل مهامها، حيث هاجمت السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، نيكي هالي، قائد قوات اليونفيل، الجمعة الماضية، متهمة إياه بتجاهل تهريب حزب الله للأسلحة. وعلى وقع الانتقادات الأمريكية، بادرت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، تسيي حاطوفيلي، بانتقاد الأممالمتحدة أيضًا، حيث قالت: لا يجب أن نسمح باستمرار هذا العمى، مؤكدة أن انتشار منظمة حزب الله على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل سيكون موضوعًا مركزيًّا للغاية في المناقشات مع غوتيريش، فيما لوحت بإمكانية وقف الدعم المالي عن المنظمة، قائلة: غوتيريش بصفته رئيس وزراء سابق في للبرتغال، يتمتع بحس سياسي حاد ويدرك أنه في ظل الإدارة الأمريكية الحالية سيكون هناك ثمن باهظ لما وصفته بالتقليد الطويل من التحيز المعادي للسامية تقريبًا في الأممالمتحدة ضد الدولة اليهودية، وأضافت حاطوفيلي: نجد فيه إدراكًا بأن المنظمة تخاطر في فقدان ليس فقط مصداقيتها لكن تمويلها أيضًا من أكبر وأهم قوة في العالم وهي الولاياتالمتحدة. هل تخضع الأممالمتحدة؟ في محاولة من الأمين العام للأمم المتحدة للدفاع عن حيادية الأممالمتحدة وقوات اليونيفيل، في مواجهة الانتقادات اللاذعه الأمريكية والصهيونية، تعهد انطونيو غوتيرش بأن يبذل جل جهده لكي تقوم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوبلبنان اليونيفيل بدورها على أكمل وجه، مشيرًا إلى أن حل الأزمة في الشرق الأوسط، لن يكون إلَّا عبر حل الدولتين، وقال غوتيرش: ينبغي تشجيع الفلسطينيين للقبول بالسلام عبر تحسين أوضاعهم المعيشية خصوصًا في غزة، مشددًا على أن المنظمة الأممية تسعى لحل الدولتين لجلب سلام دائم. الضغوطات الأمريكية والإسرائيلية لم تتوقف منذ سنوات على الأممالمتحدة، خاصة بعد اتخاذها بعض القرارات لصالح الدولة الفلسطينية، ورغم أن معظم هذه القرارات شكلية وصورية إلَّا أنها أثارت غضب الكيان الصهيوني وأمريكا حينها، لكن يأتي التساؤل الأهم في تلك المرحلة التي يلوح فيها الطرفان الإسرائيلي والأمريكي بزيادة الضغوط على المنظمة الدولية علانية دون مواربه أو إحراج: هل ستخضع الأممالمتحدة لتلك الضغوط مقابل الحفاظ على مكانتها الدولية أو تمويلها المالي؟ أم أنها ستحاول السير على درب الحيادية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي؟ جدير بالذكر أن جوتيريش منذ استلامه المنصب بعد بان كي مون مطلع يناير الماضي، حاول التعامل بحذر وحيادية مع النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن هذا الحياد لم يرق لطموحات إسرائيل التي طالما تتهم الأممالمتحدة بالانحياز للدولة الفلسطينية، لكن الضغوط الأمريكية والإسرائيلية دفعت الأمين العام للأمم المتحدة في مارس الماضي إلى سحب تقرير لهيئة أممية، بعد اتهامها إسرائيل بفرض نظام فصل عنصري «أبرتهايد» على الفلسطينيين، الأمر الذي أظهر مدى خضوع واستسلام المنظمة للضغوط الصهيوأمريكية.