تشهد نيجيريا حالة من الاحتقان تنذر بحرب أهلية نتيجة تراكم توترات منذ عقود؛ ففي أغسطس 1966، بعد انهيار المحاولات من قبل وسطاء السلطة لمنع الحرب الأهلية الوشيكة، رأى الجنرال أودوميجو أوجوكو، أن إيقاف النار من قبل المتمردين، يتطلب الانقسام؛ أي "يعود جميع الجنوبيين في الشمال إلى الجنوب، ويعود الشماليون المقيمون في الجنوب إلى الشمال". وفي يوليو 1967، اندلعت الحرب الأهلية في نيجيريا، وأودت بحياة أكثرمن مليون شخص في غضون ثلاث سنوات فقط، وظل الاحتقان في الصدور قائما لم تبدده السنوات، وخلال الشهر الماضي، أطلق تحالف من الجماعات الشمالية، الذي كان متوقفا بتجدد النداءات الانفصالية من نفس المجموعة الإثنية، إخطارا يطالب فيه "جميع الإيغبو المقيمين حاليا في أي جزء من شمال نيجيريا بالانتقال في غضون ثلاثة أشهر وجميع المقيمين الشماليين المقيمين إلى الشرق وترك المنطقة، ورغم أن هذين البيانين كانا منفصلين على مدى 51 عاما، فإنهما يتشابهان بشكل مذهل، وبما أن الحرب الأولى تلتها حرب مكملة، فإن هناك سببا حقيقيا يدعو للقلق من أن الثانية قد تدفع البعض إلى حرب مكملة مرة أخرى. وقال موقع أوول أفريكا: "احتفلت نيجيريا بالذكرى الخمسين للحرب الأهلية في الأسبوع الماضي، وكان يجب أن يكون الاحتفال فرصة للنيجيريين لتذكر أثار الحرب والتعهد بعدم السماح بتكرارها، لكن بدلاً من ذلك، تعالت الأصوات التي تطالب بالانفصال مرة أخرى، بل أكثر من ذي قبل، ما ينبئ بخطورة الوضع القادم". وأضاف الموقع: "مرت خمسة عقود على اندلاع الحرب الأهلية الداعية للانفصال، ومازالت هناك أصوات تطالب به، نتيجة لفشل القيادة المتسلسلة في السياسة النيجيرية لتصحيح الوضع وحل الأزمة والتقارب بين الطرفين، وعندما انتهت الحرب عام 1970، وعد ياكوبو جوون، رئيس الدولة آنذاك، ببناء أمة عظيمة في العدالة والتجارة العادلة والصناعة، لكنه لم يستطع تحقيق تلك الوعود، ورغم عدم وجود دليل على تجاهل محنة الإيغبو على وجه التحديد، فإن أجيالا من القادة الفاسدين دخلوا وأخلوا مناصبهم دون خطة حقيقية لإعادة بناء الشرق من أنقاض الحرب، ولم يفعلوا أي شيء من أجل التمرد، الذي دمر الشمال الشرقي من البلاد وهم يملؤون جيوبهم بالأموال العامة، بينما يتجاهلون الشباب الساخطين ويزداد الغضب". وتابع الموقع: "الآن، شباب الإيغبو الذين يواجهون مطالب بترك شمال البلاد على استعداد للقيام بأي شيء، بما في ذلك التضحية بحياتهم، لتحقيق حلم استقلال بيافرا، وتوفي نحو 150 منهم بسبب القضية في الفترة ما بين أغسطس 2015 وأغسطس 2016، وكانت سلسلة القمع العسكري على الناشطين المؤيدين لبيافرا خطرا جسيما من جانب السلطات؛ لأنها ولدت مجموعات من شباب الإيبو الضالعين الذين يريدون الانتقام من وفاة إخوانهم، كما ازداد الأمر سوءاً بسبب استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، التي نشروا من خلالها لغة الكراهية والغضب، وعلى سبيل المثال، كان قائد هذه المنشورات الثورية الداعية للانفصال، نامدي كانو، الذي لم تستخدم معه الحكومة وسائل دبلوماسية، وغياب هذا النوع من اللباقة، يمكن القول إنه سبب تصعيد تحريض بيافرا في العامين الماضيين". وحدة نيجيريا غير قابلة للتفاوض وأوضح "أوول أفريكا"، أن أهم سؤال يتعلق بانفصال بيافرا، ما إذا كانت وحدة نيجيريا قابلة للتفاوض؟ وقال الرئيس بخاري عدة مرات، وكرر نائبه، ييمي أوسينباجو، الرئيس الحالي بالنيابة، أن وحدة نيجيريا غير قابلة للتفاوض، ووفقا لهما، فإن الانفصال ليس ولن يكون أبدا على طاولة المفاوضات، متابعا أن الحجة وراء هذا الادعاء، أن الدستور النيجيري ليس فيه بند يتيح الانفصال؛ حيث ينص في المادة 2 على أن "نيجيريا دولة مستقلة غير قابلة للانفصال، وتعرف باسم جمهورية نيجيريا الاتحادية". وأردف الموقع: "لكن الانفصاليين يردون بأن بيافرا ليست حركة انفصالية جديدة، بل فكرة عمرها 50 عاما، وبصرف النظر عن أوجه القصور الخطيرة في مؤيديها الحاليين، لا يمكن تبديد الحركة التي تبلغ من العمر 50 عاما بحبس المؤيدين أو بنود الدستور، ويجب على الحكومة النيجيرية التوصل إلى حل مقبول وواقعي وعملي لهذه المشكلة، خاصة أن البند التاسع من الدستور ينص على الحوار، حول إمكانية تعديل عدم انفصال نيجيريا، ولكي يبدأ نفاد هذا التعديل، يجب على أقلية ثلثي المشرعين الفيدراليين دعم الخطوة، لذلك بدلاً من القول بلا صريحة لبيافرا، يجب على بخاري تذكير الانفصاليين ما يجب فعله والتقدم بمشروع انفصالهم للسلطة التشريعية، التي ستقرر في النهاية". استفتاء حول الحكم الداخلي سيناريو بيافرا أشبه بقضية انفصال جنوب السودان، التي أثبتت فشلها الذريع، كما أثبتت حجم التآمر والخيانة من عناصر داخلية وخارجية، وتمضي قضية انفصال بيافرا على نفس منوال قضية انفصال جنوب السودان، وبدأت القوى الدولية بالفعل تقترح على القيادة النيجيرية وجوب إجراء استفتاء، وتبث في روح الانفصاليين بأن الدولة تحبط الاستفتاء لأنها تحصل على حصة الأسد من أرباح البلاد للحكومة الفيدرالية مع ترك الدول للتدافع على الفتات، وأن الاستفتاء على النظام المفضل للحكم الداخلي أمر بالغ الأهمية، رغم أن الدعوات الأخيرة إلى الفيدرالية المالية، تأتي من السياسيين الذين هم أكثر اهتماما باستعادة ثروة البلاد من إعادة توزيعها من أجل الصالح العام، كما تقول القوى الغربية، الآن هو الوقت المناسب لاتخاذ القرار وتوجيهه إلى المحكمة العامة، وينتقد البعض الديمقراطية المباشرة بأنها طغيان الأغلبية، لكن ليس هناك خيار آخر لدولة نيجيرية، حيث استبداد الأقلية الحاكمة هائل.