لا يرى محمد بن نايف ولي العهد السعودي في سياسات المملكة العدائية تجاه قطر حلا للأزمة الحالية، وأن مثل هذه السياسات ضد الحكومة القطرية ستضر بمجلس التعاون الخليجي، ولابد من تسوية الخلافات مع قطر بالمفاوضات وراء الأبواب المغلقة. ويسعى ولي العهد السعودي جاهدا لتتم تسوية هذه الخلافات بوساطة خليجية وبصورة ودية، وفي هذا الصدد دعا أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح ومحمد بن زايد إلى الرياض للعمل على احتواء التوتر في العلاقات بين الأشقاء، وإتاحة الفرصة للجهود الهادفة لتحقيق ذلك. ويعتقد محمد بن نايف أن كل الإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات ومصر من قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وطلب المغادرة من الدبلوماسيين القطريين، وإغلاق المجالات الجوية والمنافذ البرية والبحرية مع الدوحة كلها نتيجة سياسات ولي ولي العهد محمد بن سلمان ومحمد بن زايد الخاطئة ونقص خبرتهما. وإذا أمعنا النظر في القضايا والمواقف التي تم اتخاذها من قبل الدول الخليجية ضد الحكومة القطرية يتضح لنا الأمر أكثر من قبل بأنه ليس سوى لعبة تستفيد منها الحكومة الإماراتية والحكومة المصرية، إذ يرى محمد بن زايد هذه القضية أفضل فرصة للثأر مما يسميه بالخيانة القطرية بعد دعم الدوحة لجماعة الإخوان واتخاذها مسارا مختلفا عن السعودية ومصر والإمارات في ثورات الربيع العربي عام 2011م. كما كانت أبوظبي تشير إلى هذه الخيانة بصراحة في مجمل حديثها عن سياسات قطر، معتبرة أن هذه الخيانة ليست فقط لأنّ الدوحة كانت تتبنى سياسة خارجية مختلفة عن تلك التي وافق عليها جميع الأعضاء الآخرين في مجلس التعاون الخليجي، ولكن أيضًا لأنّ الإمارات تنظر إلى الإخوان المسلمين، فضلًا عن الحركات السياسية الأخرى في المنطقة، كتهديد وجودي لنظامها السياسي غير الديمقراطي والسلطوي. كما كانوا غاضبين أيضًا من أنّ «مبارك»، أقرب حليفٍ لأبيهم المؤسس (الشيخ زايد)، قد أُجبر على التنحي عن السلطة، وكان ذلك بمساعدة شبه الجزيرة الصغيرة التي تسمى قطر، وأبطن الإماراتيون غضبهم تجاه جيرانهم، وتعهدوا بالانتقام، فاستعانوا في هذا الطريق بأقرب حليف لهم في المنطقة وهو ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي بطبيعة الحال له نفوذ واسع على العاهل السعودي الملك سلمان والحكومات العربية التابعة للمملكة إذ استخدم كل ما تحت يديه من أدوات لتحقيق مآربه المشتركة مع محمد بن زايد وإجبار الشيخ تميم بن حمد وحكومته على الاستسلام لمطالبهم. وفي نفس الوقت يتضح لنا أن هذا التفحيط السياسي الذي قامت به كل من المملكة العربية السعودية والحكومة الإماراتية ضد قطر وتركيا قد سلط الضوء على السيسي ودوره في المنطقة، حيث استطاع بتحريض محمد بن سلمان ومحمد بن زايد على مواجهة قطر وتركيا أكبر داعمي جماعة الإخوان فوجه ضربة قاصمة إلى عدوه اللدود، لكن هذا الأمر أدى إلى انشقاق في المجلس التعاون الخليجي، وهذا هو السبب الرئيسي وراء مخالفة محمد بن نايف لمحمد بن سلمان بشأن تصعيد الأزمة مع قطر. باحثة دكتوراة في العلوم السياسية بجامعة السوربون