تراجع الدولار مقابل الجنيه بالبنوك المصرية بداية تعاملات اليوم    بالصور| بعد تشغيل 5 محطات اليوم.. إقبال ملحوظ من الركاب على محطة مترو المهندسين    تشغيل تجريبي لسيارات كهربائية في العاصمة الإدارية: خدمة تاكسي صديقة للبيئة    بوتين: التعاون بين روسيا والصين يدفع نحو إقامة نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب    زيارة كيم جونغ أون: دعوة إلى "تغيير تاريخي" في استعدادات الحرب    وزير الخارجية: مصر حريصة على إنهاء أزمة غزة واستعادة الأمن والاستقرار بالمنطقة    حجازي: استخدام تقنية الباركود لأوراق الأسئلة لضمان تأمينها    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    وزير الري: 97.69 ٪ نسبة تنفيذ الشكاوى من يناير 2021 حتى أبريل 2024 -تفاصيل    أيمن عاشور: نسعى لجعل بنك المعرفة منصة رائدة للتعليم العالي على مستوى العالم    تداول أسئلة امتحان مادة العربي للشهادة الإعدادية على صفحات الغش.. والتعليم تحقق    سقوط عصابة سرقة رواد البنوك في الجيزة    ولاد العم وقعوا في بعض.. مقتل فتاة وإصابة سيدة في مشاجرة بالسلاح بسوهاج    مسلسل دواعي السفر الحلقة 1.. أمير عيد يعاني من الاكتئاب    محافظ الفيوم ووفد الوزراء يتابعان معدلات تنفيذ مشروعات "حياة كريمة" بإطسا ويوسف الصديق    عاجل| زعيم المعارضة الإسرائيلية: إبرام صفقة وإعادة المحتجزين بغزة أهم من عملية عسكرية برفح    قناة الأقصى: 10 شهداء جراء قصف إسرائيلي بحي الصبرة    قادة حزب الله وحماس يبحثون مجريات المفاوضات الأخيرة ويؤكدون أهمية وحدة الموقف    اليوم.. بيراميدز يسعى لمواصلة الانتصارات في الدوري من بوابة سيراميكا    نجم منتخب تونس السابق يكشف قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    وزير الرياضة يكشف موقف صلاح من حضور معسكر المنتخب المقبل    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    تداول 10 آلاف طن و675 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    اليوم.. «زراعة النواب» تناقش موازنة وزارة الري للعام المالي 2024-2025    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    "آداب القناة" تستقبل أحدث أجهزة الرفع المساحي لتدريب 3500 طالب وطالبة    أولي جلسات محاكمة 4 متهمين في حريق ستوديو الأهرام.. اليوم    ضبط 572 صنف سلع غذائية منتهية الصلاحية في الفيوم    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة هيئتي النقل العام بمحافظتي القاهرة والإسكندرية لعام المالي 2024-2025    «الصحة» تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل مهرجان الطبول ب«الأعلى للثقافة» الأحد المقبل    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    بعد تصدرها التريند.. من هي إيميلي شاه خطيبة الفنان العالمي مينا مسعود؟    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    طرح أهل الكهف ضمن موسم عيد الأضحى 2024    وزارة المالية تعلن تبكير صرف مرتبات يونيو 2024 وإجازة عيد الأضحى تصل إلى 8 أيام    وسيم السيسي: 86.6% من المصريين لديهم جينات من أسرة توت عنخ أمون.    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    بسبب الدولار.. شعبة الأدوية: نطالب بزيادة أسعار 1500 صنف 50%    مرصد الأزهر يستقبل وزير الشؤون السياسية لجمهورية سيراليون للتعرف على جهود مكافحة التطرف    سمسم شهاب يثير الجدل ويكشف عن وصيته الأخيرة.. ما القصة؟    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    شوبير: الزمالك أعلى فنيا من نهضة بركان وهو الأقرب لحصد الكونفدرالية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    غدًا.. أعمال عبد الوهاب ووردة بأوبرا دمنهور    بوتين: لدى روسيا والصين مواقف متطابقة تجاه القضايا الرئيسية    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    بعد 7 شهور من الحرب.. تحقيق يكشف تواطؤ بايدن في خلق المجاعة بغزة    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد فوز السيتي على توتنهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدور الأردني في النكبة.. كيف استخدم الاستعمار أداته الوظيفية؟
نشر في البديل يوم 16 - 05 - 2017

يعود الدور التخريبي للنظام الذي يحكم المملكة الأردنية بخصوص القضية العربية الفلسطينية إلى ما قبل النكبة، إلى أعوام الثورة الوطنية الفلسطينية الكبرى، حين وجّه هذا النظام الدعوة ومارس الضغوط على قيادة الثورة، والتي كانت مشكلة في مجملها من قوميين عرب، من أجل إيقاف التصعيد وإقامة هدنة مع سلطات الانتداب الإنجليزي، باستخدام سطوة معنوية "هاشمية" قائمة على الطابع القَبَلي والعشائري والديني للمجتمع العربي على عمومه، وبالتحالف مع الأنظمة الملكية الرجعية في مملكة آل سعود ومملكة العراق وقتها، إذ طالما تمتع ثلاثتهم من قبلها بعلاقات إيجابية متميزة مع الاحتلال البريطاني للمنطقة، أي بعد انهزام الدولة العثمانية ووقوع مناطق حكمها في الشام وغيرها من قطاعات المنطقة العربية في يد القوى الغربية.
لم تكن العلاقة في تميزها بطبيعة الحال قائمة على النديّة بقدر ما عبّرت عن إعطاء الاستعمار البريطاني الحكم لهؤلاء على قطاعات من التركة العثمانية تحقيقا لمصالحه، التي أثبتوا على مرور السنوات الولاء الكامل لها، نجحت الخطة البريطانية بكفاءة، وتسببت الهدنة في إعطاء الوقت الكافي لكل من العصابات الصهيونية والقوى العسكرية للاحتلال البريطاني لجلب الأولى لآلاف العناصر المقاتلة وقطع السلاح، وإقامة الإعدادات والتحصينات التي لم تسمح ضربات الثوار المتسارعة بإقامتها وتفعيلها، وللثانية لإعادة تنظيم قواها العسكرية على الأرض وجلب قيادات عسكرية كفؤ وجديدة على الميدان الفلسطيني، باستئناف الحركة الثورية بكامل زخمها كانت شروط نجاحها قد قاربت على الانتفاء الكامل نظرا لما تم من تصليب لجبهة عدوها على الأرض.
إلى ما قبل نكبة عام 1948، في 29 نوفمبر 1947 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية فلسطينية وتدويل القدس مع بقائها تحت إشراف الانتداب البريطاني، وكان التقسيم كالتالي (56% لليهود, 43% للعرب, 1% منطقة القدس)، ونص القرار على الحدود بين الدولتين وحدد مراحل للتطبيق ووضع توصيات لتسويات اقتصادية بين الدولتين، وكشفت الحقائق فيما بعد عن أن الملك الأردني عبد الله الأول (كان أميرا على شرق الأردن وقتما كانت إمارة)، وفي إطار سعيه إلى توسيع مملكته الجديدة في شرق نهر الأردن وطموحه للسيطرة الهاشمية على "سوريا الكبرى" أو سوريا الطبيعية التي تشمل الشام كلها تحت مبدأ ما تصوره على أنه "وحدة التاج الهاشمي"، قد اتفق مسبقا وبشكل سري مع الإنجليز والوكالة الصهيونية على ضم الضفة الغربية لنهر الأردن إلي مملكته في شرق الأردن بدلا من أن تقوم بها دولة فلسطينية، وفي المقابل تنسحب القوات الأردنية من الأراضي المخصصة للدولة اليهودية وفقا لقرار التقسيم، الجدير بالذكر أن قائد الجيش الأردني ورئيس أركانه وقتها جون جلوب، كان جنرالا بريطانيا عمل كمندوب اتصال دائم بين المملكتين، وكان لمنصبه بطبيعة الحال دور بارز فيما بعد في تسليم فلسطين وإفشال المشروع العسكري العربي لتحريرها عام 1948، فضلا عن بِنية الجيش ذاتها حيث كانت الأغلبية الساحقة من قادة الأفواج والفرق في الجيش الذي سيشارك في إسقاط التقسيم، وهو سياسة بريطانية، بريطانيين أصلا .
يرجع الأمر إلى عام 1946 حين تم لقاء جمع الملك عبد الله مع إلياهو ساسون، أحد مندوبي الوكالة الصهيونية في فلسطين، والتي كانت تقرأ طموح الملك في توسيع سيطرة دولته، المصنوعة استعماريا وبريطانيا، على سوريا الطبيعية، وفي اللقاء أبلغه إلياهو بفكرة ومبدأ تقسيم فلسطين وأيضا بموافقة الحكومة المصرية على ذلك، ممثلةً في رئيس الوزراء وقتها إسماعيل صدقي، بناء على ما ذكره الأخير في لقاء مع إلياهو في الإسكندرية، وهو مبدأ أو "حل" كانت قد اقترحته من قبل ذلك ومن قبل قرار الأمم المتحدة لجنة تحقيق بريطانية رسمية إبان الثورة الوطنية الفلسطينية الكبرى (من 1936 إلى 1939)، في إطار بحثها عن حل لتلك الثورة والخسائر المتزايدة لبريطانيا الناتجة عنها، ورفضته القوى الشعبية والوطنية الفلسطينية جذريا وفضّلت أن تستأنف ثورتها لتحرير الأرض.
تلقف الملك عبد الله الفكرة خاصةً في ظل عدائه مع النظام والدولة السورييَن حديثي الاستقلال وقتها بقيادة الرئيس السوري شكري القوتلي، والذي كان مدركا بدوره لأطماع ملك الأردن الموضوعة في إطار السياسة الرجعية للممالك (الوظيفية استعماريا) العربية نظرا لدعم وتأييد مملكة آل سعود لتلك الأطماع، في ظل العلاقة العضوية بين النظامين الهاشمي والسعودي، وفي إطار العداء مع المد الجمهوري والشعبي الذي صاحب جلاء الفرنسيين عن سوريا مناقضا للاتجاه الأردني السعودي نحو جمع الشام تحت "وحدة التاج الهاشمي"، على أي حال عقد الملك عبد الله الاتفاق مع الوكالة الصهيونية بشكل مبدأي غير مباشر في وقت كان قرار الأمم المتحدة بالتقسيم لم يزل في علم الغيب، وقدم إلياهو تقريرا عن مقابلته مع الملك عبد الله في أغسطس 1946 إلى ديفيد بن جوريون، رئيس اللجنة التنفيذية للوكالة الصهيونية.
لم يقتصر الأمر قبل النكبة على "تفاهم مبدأي" وفتح قنوات اتصال مع العصابات الصهيونية الساعية لإقامة الكيان الصهيوني، تحت رعاية بريطانية واعية للتناقضات بين العرب ومستخدمة لها بمهارة، يقول عبد الله التل قائد الكتيبة السادسة في الجيش الأردني والمقرّب من الأسرة والحاشية الملكيّتين، في مذكراته المنشورة عام 1959، إن وفودا من الصهاينة كانت دائمة الاجتماع بالملك خلال العامين السابقين للنكبة، ومنها من كان يتوجه إلى القصر الملكي مباشرةً من مطار عمان باعتباره وفدا بريطانيا، وهو نشاط توّج في 12-4-1948، أي قبل إنهاء الانتداب البريطاني وإعلان الدولة الصهيونية بشهر تقريبا، بلقاء في بلدة جسر المجامع على الحدود الأردنية الفلسطينية تم فيه التوافق نهائيا على التقسيم وتفاصيل الصفقة تحت المظلة البريطانية، في تناقض مع ما أعلنه الملك بعد قرار الأمم المتحدة 1947 برفض التقسيم وتوعُد الصهاينة بالقتال.
بإعلان إنجلترا رفع الانتداب عن فلسطين وما تلا ذلك من إعلان للدولة الصهيونية بعدها بساعات، وبتسليم إنجلترا للعصابات الصهيونية كميات إضافية أخيرة من الأسلحة المتطورة في إطار سحب وتصفية وجودها العسكري على الأرض لصالح الكيان الجديد، كانت الخطة التي وضعها جون جلوب البريطاني، قائد ورئيس أركان الجيش الأردني تنتظر التنفيذ، خطة كان قد أبلغ بها الإدارة البريطانية في ديسمبر 47 بناءً على الوثائق الرسمية البريطانية المُعلنة، مع مسايرته لخطة مشتركة تم الاتفاق عليها بين رؤساء الأركان العرب المشاركة قواتهم في المعركة وتضمنت – بحكم الجغرافيا – دورا أردنيا طليعياوحيويا.
قامت خطة جلوب، على دخول المناطق التي نص قرار التقسيم أساسا على كونها تحت سيطرة العرب لا الصهاينة، والوقوف عند تلك القطاعات دون تطوير الهجوم نحو الهدف الرئيسي والمنطقي وهو دخول القطاعات المنصوص على إعطائها للصهاينة، في حين قامت الخطة "العربية" المشتركة، والتي افتُرِض أن يكون على رأس تنفيذها جنرال إنجليزي، أن تحافظ الجيوش المشاركة على تطوير هجومها وصولا إلى تل الربيع المحتلة (تل أبيب) وميناء حيفا ذي الأهمية الاستراتيجية.
كجزء من خطة جلوب الأصلية دخل الجيش الأردني فلسطين بلا خطة هجومية محددة، وعلى الهامش قام بمحاصرة القدس بمن داخلها من قوى صهيونية، سالكا في هجومه مسلكا مخالفا للخطة العربية المشتركة، مكتفيا بمحاصرة القدس بعد انتصارات ساحقة له في المعارك الممهدة لسيطرته على المدينة، بتبرير أعلنه الملك عبد الله للقادة العرب وهو أن جيشه سيصل إلى تل الربيع في خلال أسبوع، الحقيقة أن هذا لم ينفِ مخالفة الجيش الأردني للخطة المتفق عليها رغم ما قام به من تهويش محدود – كجزء من خطة جلوب الأصلية – لبعض المرتكزات الصهيونية هنا أو هناك.
حين ضغطت بريطانيا في مجلس الأمن من أجل إصدار قرار دولي بوقف إطلاق النار وهدنة بين العرب والصهاينة صدر القرار، في ظل نجاح كان مُبشِرا بالنصر للاندفاعة المصرية من الجنوب ومثيلتها العراقية من الشمال وانحسار عملياتي غير مفهوم لنشاط القوات الأردنية، وأفصحت الإدارة الأردنية عن وجهها الحقيقي بالضغط على باقي مكونات التحالف من أجل قبول الهدنة وهددت بالإنسحاب من الجامعة العربية في توقيت حاسم مأزوم كهذا، وبالفعل قبل العرب الهدنة الخادعة التي فتحت الباب للكيان الاستعماري الوليد لالتقاط الأنفاس، وتلقي إمدادات هائلة بالمخالفة للهدنة التي التزم بها العرب بابتزاز أردني، مما مكّنه من نصر سريع حين تم استئناف القتال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.