الحملة على تنظيم داعش الإرهابي في العراقوسوريا تقترب من النجاح، وسيتحقق ذلك إذا تمت السيطرة وتقليص حجم الأراضي الواقعة في قبضة التنظيم الإرهابي. فقد استعادت قوة عراقية مدعومة من الولاياتالمتحدة معظم مدينة الموصل في شمال العراق، والتي استولت عليها داعش في يونيو 2014، أما في سوريا فتتخذ داعش مدينة الرقة عاصمة لها في الشمال، إلا أن المقاتلين الأكراد المدعومين من واشنطن يحاولون تحرير المدينة، وفي فبراير الماضي استولى الجيش الحر بمساعدة تركيا على مدينة الباب، ولكن لوقف تقدم الأكراد السوريين. المتوقع هو هزيمة داعش وإسقاط شبكة الإرهاب الدولية وحركة التمرد الإقليمي، وإذا حدث ذلك، من المرجح أن تقع كارثة بسبب الاندفاع من أجل السيطرة على الأراضي الجيوسياسية من كافة الأطراف. هناك طريقة أخرى للنظر في هذه التطورات المشؤومة، في سورياوالعراق ومعظم أنحاء الشرق الأوسط الأوسع، وهي أكثر إثارة للقلق، حيث إن الجهات الفعالة الرئيسية المتابعة للسياسات تقضي على كافة الحلول الوسطى، وبالتالي فإن امساك العصا من المنتصف أمر صعب في الشرق الأوسط، لأن العديد من القوى لا ترغب في ذلك. بعد مقتل نحو نصف مليون شخص في سوريا، ونزوح نصف السكان، تم القضاء على الحل الوسط، كما أنه بعد الاستعانة بمصادر الدعم الخليجي، فتحت الأبواب أمام العودة المزدوجة للقاعدة، ومن ثم تنظيم داعش. ترى الولاياتالمتحدة هذا الصراع من جهة الحرب على داعش وعدائها لإيران، ومن ثم تحالف إيران مع واشنطن للتخلص من داعش في العراق، كما أن روسيا تحاول العودة كقوة إقليمية وعالمية، وتركيا تركز على منع الأكراد السوريين من تعزيز دولتهم على حدودها، بجانب كردستان العراق التي تتمتع بحكم ذاتي. حتى قبل الانتصار الحاسم في حلب ديسمبر الماضي، هرب المتمردون السوريون وأسرهم من المدينة، وتحالف العديد منهم مع تنظيم القاعدة. تريد تركيا التحالف مع روسيا لمواصلة حملتها ضد الأكراد السوريين، دون أن تتخلى عن متمرديها، في حين أن نظام الأسد يتطلع لسحقهم في إدلب. في العراق نشرت إيران قوة كبيرة غرب الموصل، لدعم الجيش العراقي والقوات الخاصة الأمريكية، وبناء عليه فإن الأمور بالنسبة لداعش وحلفائها ليست جيدة بما فيه الكفاية في العديد من الأماكن. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، مشغولان بتمكين أنفسهما سياسيًّا وسجن المعارضين، أما السعودية والتي هي حليفة الغرب فلن تسمح إلا بوجود حكومة وهابية في سوريا وليس لديها حل وسط، وإسرائيل تتحرك إلى أقصى اليمين؛ لمواصلة استعمار الأرض التي عليها يمكن بناء دولة فلسطينية قابلة للحياة. وعلى الرغم من كل هذا، فإن نموذج الرجل القوي الضامن للاستقرار في الشرق الأوسط يعود، حيث في واشنطن وبعض العواصم الأوروبية، وبطبيعة الحال في موسكو وبكين، يعتبرون الأسد هو ذلك الرجل، وهو الحل الوسط لما يحدث في سوريا. المقال من المصدر: اضغط هنا