أجرى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تغييرات كبيرة على الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط منذ دخل البيت الأبيض قبل شهرين، ويمكن أن يزيد هذا التدخل قريبًا من أثر الحرب الأمريكية أكثر من ذلك. مارس، وهو الشهر الثاني لرئاسة ترامب، كان الأكثر دموية بالنسبة للمدنيين في العراق منذ عام 2014، عندما بدأ التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة حملة ضد تنظيم داعش في العراقوسوريا، كما يخطط ترامب أيضًا لزيادة عدد القوات الأمريكية فى العراقوسورياوأفغانستان، مع زيادة عدد الضربات الجوية فى اليمن. خلال حملته الانتخابية، اتهم ترامب أوباما بأنه متساهل جدًّا مع داعش، ووعد بأنه سيقصفهم بقوة، وبالفعل قام بذلك، ففي شهر مارس فقط أسقط التحالف الأمريكي بقيادة الولاياتالمتحدة 3878 ذخيرة على العراقوسوريا، أي أكثر من أي مرة منذ بدء العمليات العسكرية في أغسطس 2014، وفقًا للبيانات الصادرة عن القيادة المركزية للقوات الجوية. وبلغ عدد القنابل التي تم إسقاطها في العمليات المناهضة لداعش في يناير وفبراير مستويات قياسية بالفعل. في يناير عندما انتقلت السلطة من أوباما إلى ترامب، أسقط التحالف عددًا قياسيًّا من القنابل على سوريا، على الرغم من أن أوباما كان مسؤولًا في الغالب عن العدد القياسي للهجمات، ومنذ فبراير قام التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة بقيادة ترامب بأكثر من ضعف الضربات الجوية من المتوسط الشهري لأوباما في سوريا، وفقًا للبيانات الصادرة عن عملية التسوية المتأصلة. تحت ترامب ضربت قوات التحالف الأمريكي سوريا بمعدل 470 مرة خلال الشهرين الماضيين، في حين كان متوسط أوباما الشهري منذ بداية العمليات في عام 2014 هو 212 في الشهر. الجيش في ظل ترامب يقوم في الواقع بضربات جوية أقل في العراق، ولكنها تتسبب في المزيد من الضرر. ونقلت صحيفة "بوسطن غلوب" عن مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية، إيلان غولدنبرغ، قوله "إن إشارات الرئيس هي القيام بالمزيد والمزيد من الضربات، والقيام بذلك بشكل أسرع ". كما فوض ترامب السلطة للقادة في الميدان، مطالبًا بالضربات الجوية، لقتل مقاتلي داعش بأسرع ما يمكن. وقال غولدنبرغ، من مركز الأمن الأمريكي الجديد: كان أوباما يدير الأمور التي كان ينبغي أن تكون قرارات عسكرية، ولكني أخشى الآن أن يتأرجح البندول بعيدًا جدًّا في الاتجاه الآخر. ومن جانبه قال الجنرال المتقاعد جيمس دوبيك، القائد السابق لقيادة الأمن والقيادة الانتقالية المتعددة الجنسيات في العراق، تعليقًا على مقاربة ترامب للحرب، إن الأمريكيين يعتقدون أن الحرب يمكن أن تكون بعيدة ودقيقة وغير دموية، ولكن لا شيء يمكن أن يكون أبعد من الحقيقة. ترامب يقتل المزيد من المدنيين، وفي الفترة ما بين أغسطس 2014 وديسمبر 2016، قتل التحالف الأمريكي تحت قيادة أوباما ما يصل إلى 1077 مدنيًّا في العراق. وفي الشهرين الأولين من حكم ترامب، تم الإبلاغ عن 1286 حالة وفاة في فبراير ومارس، وهذا يعني أن 43% من المدنيين العراقيين الذين قتلهم التحالف قتلوا في الشهرين الكاملين لرئاسة ترامب. ووفقًا للتقديرات والبيانات التي جمعتها إيروارز، كان أسوأ شهر لقتل المدنين قبل رئاسة ترامب في سبتمبر 2015، عندما مات ما يصل إلى 191 شخصًا، إلا أن هذا الرقم وصل في فبراير إلى 280، وفي مارس قدر إيروارز أن الرقم قفز إلى أربعة أضعاف تقريبًا، وهو 006 1. إذا كانت هذه الأرقام صحيحة، فإن عدد القتلى يتجاوز قتلى حرب الخليج منذ نحو 26 عامًا. وفي سوريا، فإن ترامب مسؤول بالفعل عن ربع إجمالي الخسائر في صفوف المدنيين، حيث بلغ عدد القتلى 509 قتيلًا مقارنة بأوباما 1387 منذ بدء العمليات في نوفمبر 2014. يغير ترامب قواعد اللعبة التي وضعها أوباما، حيث الموافقة على المزيد من الضربات الجوية بدون طيار، بجانب طلب البنتاغون توفير مساحة أكبر للمناورة في اليمن والصومال، مما يمنح الجنرالات المزيد من السلطة للقيام بهجمات جوية. وأكد مكتب الصحافة الاستقصائية، الذي يراقب عمليات البنتاغون السرية والغارات بدون طيار، زيادة الغارات في اليمن تحت حكم ترامب بشكل "غير مسبوق". ترامب يرسل المزيد من القوات إلى الشرق الأوسط، كان عددها في نهاية عهد أوباما وصل لنحو 10 آلاف جندي، أما ترامب فأرسل 300 من جنود مشاة البحرية إلى العراق في بداية مارس، وتعتزم إدارته زيادة إجمالي عددهم بنسبة 50%. وبالإضافة إلى ذلك، سيطلب البيت الأبيض من الناتو زيادة عدد القوات في أفغانستان بمقدار 5 آلاف جندي، ليصل عدد جنود التحالف حول كابول إلى حوالي 20 ألف جندي. رفضت إدارة ترامب حتى الآن التأكيد أو الإعلان عن نشر جديد للقوات التقليدية، على عكس البيت الأبيض في عهد أوباما الذي كان شفافًا وواضحًا حول عدد القوات على الأرض. وفيما يخص معركة الرقة المقبلة، ووفقًا لمسؤولين عسكريين أمريكيين تحدثوا إلى صحيفة واشنطن بوست، فإن إدارة ترامب يمكن أن ترسل ألف جندي إضافي إلى الخطوط الأمامية حول الرقة، أي ثلاثة أضعاف عدد الجنود هناك تحت حكم أوباما. وأخيرًا ترامب هو الأكثر حرصًا على تسليح حلفائه، ففي تحول كبير آخر عن سياسات عهد أوباما، أخطرت وزارة الخارجية الكونجرس في 29 مارس بأنها ستسقط شروط حقوق الإنسان بشأن بيع الطائرات المقاتلة إلى البحرين، حيث كان البيت الأبيض قد استخدم حق النقض في السابق على البيع وربطه بالإصلاح السياسي وتخفيف القمع على المعارضين السياسيين. كما يفكر ترامب في السماح ببيع الأسلحة للسعودية التي تم حظرها أيضًا من قبل إدارة أوباما، واذا تمت الموافقة على ذلك، يمكن لواشنطن بيع 16 ألف مجموعة من القنابل للرياض. وكان أوباما قد أوقف البيع، معربًا عن قلقه لارتفاع مستوى الخسائر المدنية التى سببها التحالف الذي تقوده السعودية فى اليمن. وفى اليمن من المقرر أن يقدم البيت الأبيض المزيد من المعلومات الاستخبارية، والتزود بالوقود، وغير ذلك من المساعدات إلى دولة الإمارات. كل هذا يشير إلى أن الولاياتالمتحدة تحت ترامب ليست فقط أكثر عسكرة، ولكنها مستعدة لإسقاط الكثير من مخاوف أوباما لمساعدة حلفائها. المصدر