عادت السلطة مجددا إلى الممارسات القمعية؛ بتكميم الأفواه ومصادرة الرأي، بعد فرم عددين من صحيفة البوابة نيوز؛ بسبب ما تضمنته من مطالبات بمحاسبة وزير الداخلية على التفجيرات الإرهابية التي شهدتها الكنائس خلال اليومين الماضيين، راح ضحيتها عشرات القتلى والمصابين. وكشفت عملية الفرم عن انقسام شديد داخل مجلس نقابة الصحفيين الجديد؛ حيث أصدر 4 أعضاء بيانا منفصلا عن بيان المجلس؛ لرفض قرار مصادرة صحيفة البوابة. الخلاف الذي شهده اجتماع مجلس النقابة حول البيان لصادر عن المجلس، تمثل في ذكر اسم جريدة البوابة من عدمه، وعلى إثره خرج الاجتماع ببيانين مختلفين، أحدهما يحمل توقيع النقيب وسكرتير المجلس، ولم يرد فيه اسم الجريدة، واتجه للتعميم، والآخر يحمل توقيع 4 من أعضاء المجلس، هم جمال عبد الرحيم، محمد سعد عبد الحفيظ، ومحمود كامل، وعمرو بدر. ومن المتعارف عليه داخل أروقة نقابة الصحفيين أن أي أزمة تواجه المهنة، لا يخرج بيان منها قبل حدوث اجتماع بين الأعضاء لمناقشة الأمر وكيفية التصرف والخروج ببيان يعبر عن النقابة في الأزمة يتوافق عليه جميع أعضاء المجلس، لكن يبدو أن انقسام مجلس عبد المحسن سلامة، سيطول في ظل الأزمات المتلاحقة للجماعة الصحفية. وقال بيان نقابة الصحفيين الذي خرج عن الاجتماع، إن المجلس يتفهم الظروف الاستثنائية، التي تعيشها مصر، مشددًا على الدور الذي يقوم به الإعلام في مواجهة كل أعمال الإرهاب والتطرف، وتصديه بالدفاع عن قضايا المجتمع، إلا إنه في ذات الوقت، يرفض مصادرة الصحف أو التضييق عليها، ويؤكد أن التعامل بين مؤسسات الدولة يتم في إطار الالتزام بالدستور والقانون. بينما أكد الأربعة أعضاء المختلفين، في بيان منفصل، رفضهم مصادرة جريدة البوابة، معتبرين قرارات مصادرة الصحف مخالفة للدستور والقانون وعودة مرفوضة للقمع والحصار والتفتيش في الضمائر، مشيرين إلي أن حرية الصحافة ليست ترفاً ولا مكافأة للصحفيين، بل حق أصيل للمجتمع، وأن الدفاع عن حرية الصحافة هو في الأصل دفاع عن حق المواطنين في المعرفة وحق المجتمع في ترسيخ قيم الشفافية ومواجهة كل صور الانحراف والفساد. وأعلن أعضاء المجلس خشيتهم من أن تتحول الإجراءات التي تنوي الدولة اتخاذها في سياق الحملة علي الإرهاب إلى قيود جديدة تنال من حرية الصحافة ومن حق التعبير عن الرأي، وهو خطأ لا يجب أن يقع فيه كل صاحب قرار. وقال بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، أن بيان الإدانة التي خرجت من اجتماع مجلس نقابة الصحفيين، لحفظ ماء الوجه؛ فاختلاف المجلس على ذكر اسم الجريدة محل الواقعة من عدمه يؤكد أن الانقسام داخل المجلس محتدم منذ اللحظة الأولى، مشيرا إلى أنه من حق المجلس أن يختلف داخل الاجتماعات، لكن لابد من التوافق على خروج بيان موحد يرضي جميع الأطراف. وأضاف العدل ل«البديل» أن الجماعة الصحفية لا تريد مجلسا منقسما على نفسه بهذه الطريقة، فالعمل النقابي الآن ليس على ما يرام؛ فهناك نوع من التربص الواضح بين أعضاء المجلس لبعضهم بعضا، وستكون الصحافة هي الخاسر الأوحد من ورائه. واعتبر مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة مصادرة جريدة البوابة تحذيرا ضمنيا للصحف المختلفة؛ بسبب عدم وجود أسباب واضحة للمصادرة، في ظل عدم وجود ملاحظات على العدد الذي تمت مصادرته من حيث المحتوى المهني، حتى انتهى الأمر بالمصادرة دون علم المسؤولين بالصحيفة، الذين كان بإمكانهم إجراء أي تعديلات مطلوبة. وتابع العدل أن حماس الصحفيين للتضامن مع قضايا وطنهم، لا يجب أن يقابل بمصادرة الصحف التي تظهر تلك الحماسة، خاصة أنها مسؤولة ولم تخرج عن آداب المهنة أو قيم المجتمع، موضحا أن المسؤولين التنفيذيين ليسوا فوق المساءلة، ومن حق الصحافة أن تنتقد أداءهم، طالما يصب في صالح الوطن والمجتمع.