نكسة جديدة تلقاها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد تأجل التصويت على مشروع قانون الرعاية الصحية الجديد، البديل ل"أوباما كير"؛ بسبب معارضة بعض أعضاء الحزب الجمهوري، الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي، للقانون. وطلب ترامب الجمعة الماضية، من الجمهوريين في مجلس النواب، سحب مشروع القانون قبيل التصويت عليه؛ لتعذر جمع أكثرية، حيث من المقرر أن يصوت أعضاء المجلس ال430 عليه، لكن عدد الجمهوريين الذين أعلنوا معارضتهم له يفوق ثلاثين، ما يعني هزيمة مؤكدة عند التصويت. خيبة الأمل التي ألمت بترامب دفعته إلى مهاجمه "أوباما كير"، قائلا إنه سينهار، ووعد الأمريكيين بمشروع قانون جديد، وكتب على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "أوباما كير سينهار وسنتجمع كلنا ونبني معًا قانون ضمان صحي رائعًا من أجل الشعب لا تقلقوا"، مضيفًا: "لقد تعلمنا أشياء حول القواعد المبهمة جدًا في مجلس الشيوخ وفي مجلس النواب". واعتبرت صحيفة واشنطن بوست، أن ما حدث "هزيمة مدوية لترامب"، قائلة: "في المرة القادمة التي يؤكد فيها شخص ما أن رجل أعمال سيدير البلاد بشكل أفضل من سياسي محنك، تذكروا الأسبوع الذي مر"، وأضافت الصحيفة: "على السيد ترامب ألا يعتقد أن الأمريكيين الغاضبين سيحملون الخطأ للديمقراطيين الذين ما بيدهم حيلة البتة وهم خارج السلطة". ونددت صحيفة نيويورك تايمز، بتسرع الجمهوريين الذين أرسلوا على عجل نسخًا من قانون دون المرور بمسار جلسات الاستماع الشاقة وبناء التحالفات، وانتقدت الصحيفة بشدة الرئيس الأمريكي، قائلة: "بالنسبة للسيد ترامب، النتيجة تشكل تذكيرًا قاسيًا بأن القيام بحملة يشكل الجزء السهل من العمل السياسي". وحاول ترامب التشويش على موقفه الذي بات سيئًا أمام مؤيديه من خلال طي صفحة القانون، قائلا إن مشروع قانونه حول النظام الصحي كان على وشك أن يُقر قبل أن يُسحب لعدم توافر غالبية لتبنيه، معلنًا أن حكومته ستبدأ على الأرجح بإصلاح ضريبي، واعترف صراحة بخيبة أمله: "لكي أكون صريحًا أشعر ببعض الذهول، فقد خاب أملي". وسبق أن حاول ترامب تمرير القانون الخميس الماضي أيضًا، إلا أن محاولاته فشلت لنفس السبب، حيث أرجئ التصويت من الخميس إلى الجمعة بسبب فشل الجمهوريين في التوصل إلى صيغة قانون تلقى الأغلبية المطلوبة بعد اجتماعات ومشاورات طويلة، ووجه حينها الرئيس الأمريكي ما يشبه الإنذار إلى الغالبية الجمهورية في مجلس النواب، بضرورة التصويت على إلغاء قانون "أوباما كير" للرعاية الصحية، وإيجاد بديل له مهما كانت النتيجة. تعتبر هذه النكسة السياسية التي تعرض لها ترامب بسبب القانون، الثانية من نوعها خلال تسعة أسابيع فقط على توليه السلطة؛ حيث سبق أن تعرض لحرج كبير بعدما رفضت المحاكم الأمريكية تمرير مرسومين أقرهما عقب تنصيبه، يحظران دخول رعايا ست دول عربية وإسلامية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، الأمر الذي دفعه إلى المراهنة على تمرير قانون الرعاية الصحية، ليكون أول نجاح مهم له خلال ولايته، وأول وعد انتخابي يتحقق بعد تنصيبه، لكن آماله سرعان ما تبخرت، ما دفع بعض المراقبين إلى القول بأن مصداقية ترامب قد تنهار قريبًا بعدما وعد خلال حملته الانتخابية بتسخير كل مهاراته التفاوضية التي استخدمها لجمع ثروته في قطاع الأعمال، من أجل تمرير مشاريعه في البيت الأبيض، لكن هذا لم يحدث حتى الآن، بل فشل في تنفيذ أكبر وعدين انتخابيين، وهما إغلاق الحدود أمام اللاجئين وإلغاء نظام "أوباما كير". وبعيدًا عن النظرة الضيقة التي تشير إلى فشل ترامب المتكرر في إقناع الكونجرس بأي من مقترحاته، يأتي هذا الفشل ليشير إلى نقطة أهم وهي افتقار قادة الحزب الجمهوري الذي يسيطر على الكونجرس إلى الأغلبية لتمرير القوانين، ما يعني أن مشرعي الحزب منقسمون على أنفسهم، الأمر الذي يقلل من قدرة الحزب على الوقوف خلف الرئيس الجمهوري، دونالد ترامب، ويأتي الانقسام وسط شعبية متدنية بشكل تاريخي بالنسبة لرئيس أمريكي في هذه المرحلة من ولايته، ليس فقط على الصعيد الشعبي، لكن أيضًا على الصعيد المؤسسي الرسمي الأمريكي، حيث بات ترامب في مواجهة عداء ظاهر من حزبه أولًا والمؤسستين القضائية والأمنية في بلاده ثانيًا، والمؤسسة الإعلامية التي أثار معها العديد من الخلافات ثالثًا.