علاقة المعارضة السورية مع الكيان الصهيوني توطدت منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، ففي نفس العام نُشر مقطع فيديو للمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين المعارض للنظام السوري، علي صدر الدين البيانوني، يقول فيه إن "إسرائيل" موجودة، ويحق لها أن تعيش "بسلام". المعارضة السورية ومبادرة السلام مع العدو اليوم وبعد معركة حلب وانتصار الجيش العربي السوري فيها على فصائل المعارضة المسلحة، زادت وتيرة التقارب، فبعد شكر فصائل من المعارضة جيش الاحتلال الصهيوني على قصف مطار المزة العسكري التابع للجيش السوري ديسمبر الماضي، كالمعارض السوري خالد خلف، تطل علينا جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا المعارضة بوثيقة لخارطة الطريق، تقدم مقترحًا للسلام السوري الإسرائيلي. وكان مؤسس جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا ومنسقها العام فهد المصري قد وجه رسالة مفتوحة للشعب الإسرائيلي بداية شهر ديسمبر العام الماضي، في خطوة وصفت أنها شجاعة ومفاجئة وغير مسبوقة. وتضمنت المبادرة أمن واستقرار إسرائيل، وأن سوريا الجديدة لن تكون دولة معادية لإسرائيل ولا لأي دولة إقليمية أو عربية أو دولية، وأنها لن تكون وبأي حال من الأحوال مقرًّا ولا معبرًا ولا مركز تدريب أو دعم ولا محطة ترانزيت أو عبورًا للسلاح أو التطرّف والإرهاب، كما تضمنت عدم تقديم أي تسهيلات لأية جماعات أو أعمال عسكرية أو تخريبية تستهدف أمن وأمان إسرائيل أو أي دولة من دول الجوار والعالم. كما شددت الوثيقة على أن سوريا الجديدة لن تمنح الملاذ الآمن لمن يخطط أو يستهدف أمن واستقرار إسرائيل والأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، لكنها ربطت في المقابل ضرورة رحيل الأسد وحكمه لعودة الأمن والاستقرار إلى سوريا والمنطقة. الجولان وفيما يتعلق بمستقبل الجولان أشارت وثيقة خارطة الطريق إلى أن الحل ينبع انطلاقًا من مبادرة السلام العربية ومبادرة جبهة الإنقاذ الوطني في سوريا للسلام مع إسرائيل، والتي تتضمن إيجاد تسوية عادلة حول الجولان ترضي كلا الشعبين السوري والإسرائيلي، والانتقال بالعلاقة بين سوريا وإسرائيل من مرحلة العداء إلى مرحلة الصداقة والتعاون ثم التحالف والعلاقات الاستراتيجية، واعتبار جميع المواطنين في الجولان سفراء للسلام والعيش المشترك والتقارب بين الشعبين، وهو أمر ممكن ومقبول؛ باعتبار أن إسرائيل باتت حقيقة وواقعًا يعترف به العالم، واعتبار الجولان واحة للاستثمارات والمشاريع والعلاقات الاقتصادية والتعاون المشترك وقبلة للسياحة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إقامة أفضل العلاقات والتعاون العسكري والأمني، والاقتصادي، والثقافي والعلمي والاجتماعي، ودعوة إسرائيل والشركات الإسرائيلية للمشاركة في ائتلاف اقتصادي أمريكي أوروبي؛ بهدف إعادة إعمار سوريا، يشمل استثمارات النفط والغاز مشاريع الطاقة والري والمياه استثمارات النقل والسياحة والاتصالات والزراعة والصناعة والتبادل التجاري الاستثمارات المصرفية. القضية الفلسطينية: أما فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية فقد أوردت وثيقة خارطة الطريق للسلام السوري الإسرائيلي على البنود التالية، تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بالجنسية السورية، وإلغاء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وتحويلها إلى مناطق سكنية، حل كل التنظيمات المسلحة الفلسطينية الموجودة على الأراضي السورية، وحظر عمل ونشاط أي تنظيمات فلسطينية على الأراضي السورية وعلى رأسها التنظيمات الإرهابية حماس والجهاد الإسلامي، على حد قول الوثيقة. العلاقة مع طهران: وبالنسبة للدور الإيراني في سوريا فقد تعهدت الجبهة بطرد جميع الخبراء والضباط العسكريين والأمنيين الإيرانيين، وطرد جميع المقاتلين الإيرانيين. وفي سياق متصل أ كدمحمد حسين، رئيس حركة "سوريا السلام" عقد لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، أكد خلالها الجانبان "أنه ليس هناك أي تمسك بالرئيس السوري بشار الأسد". الطقوس الدينية: يبدو أن تماهي المعارضة السورية مع العدو الصهيوني لم يقتصر على الجانب السياسي، حيث بلغ التماهي حد الشعائر الدينية أيضًا، فالمنسق في الجيش السوري الحر، عصام زيتون والمعارض السوري الكردي سيروان كاجو، ظهرا وهما يمارسان طقوساً يهودية عند "حائط المبكى" في القدسالمحتلة، قبيل ساعات من مشاركتهما في مؤتمر إسرائيلي في القدسالمحتلة تحت عنوان "مزايا التطبيع". وكان ممثّلون عن المعارضة والمجموعات المسلحة السورية قد شاركوا في ندوة لمعهد "ترومان" الإسرائيلي للأبحاث التابع للجامعة العبرية في القدسالمحتلة في 17 يناير الحالي، وخلال الندوة احتجّ طلّاب فلسطينيون داخل القاعة على كلام المشاركين السوريين المعارضين، ووجهوا هتافات أثناء تحدث عصام زيتون، وقال له أحدهم "الجولان السوري محتل منذ عام 1967، أنت خائن ومتآمر"، فردّ زيتون قائلاً "اخجلوا، أنتم تعيشون في جنّة مقارنة بما يعيشه السوريون". وقال كاجو إنّ حزب الله اللبناني الذي تعزز وضعه من خلال الحرب السورية، اكتسب خبرة أكبر، معتبراً أنّ هذا الأمر يشكل خطراً على سوريا وإسرائيل والديناميكيات الإقليمية. توقيت التقارب: يرى مراقبون أن المعارضة السورية اختارت مجموعة من المعطيات لتعزيز تقاربها من العدو الصهيوني، فخسارتها الفادحة لملحمة حلب الكبرى، وتقارب تركيا من المحور الروسي، جعلاها تقدم أوراق اعتمادها للكيان الغاصب، خاصة بأن الفترة المقبلة ستشهد توغلًا للرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب على الساحة العالمية والإقليمية، وهو الأمر الذي يبدو ان المعارضة تراهن عليه، فالتقارب مع تل أبيب يعني التقارب من ترامب حسب اعتقادهم.