تباينت ردود الفعل الدولية إزاء البيان الختامي لمؤتمر باريس، الذي حضره سبعون دولة ومنظمة دولية، وأكد أن إنهاء الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن أن يتحقق إلا بحل الدولتين، داعيا إلى نبذ العنف ورفض الاستيطان، ففي الوقت الذي خرجت تنديدات إسرائيلية ترفض البيان وتعتبره مناهضا، رحبت السلطة الفلسطينية بالمؤتمر وبيانه، فيما تحفظت الإدارة البريطانية وتنتظر وصول إدارة ترامب إلى البيت الأبيض. المؤتمر الذي جاء الترويج له على أساس أنه سيكون داعما للقضية الفلسطينية، اعتبره الكثيرون مخيبا للآمال، حيث تجنب البيان النهائي للمؤتمر أي انتقاد صريح لخطط ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بينما اتفق المجتمعون على عقد مؤتمر جديد بحلول نهاية العام. ورحب البيان بجهود دفع السلام في الشرق الأوسط، بما فيها قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2334، الذي أدان النشاط الاستيطاني، وتعهد المؤتمر بتقديم حوافز اقتصادية لكلا الطرفين لتشجيعهما على الانخراط في المفاوضات، وتضمنت مسودة البيان الختامي النقاط التي ركز عليها خطاب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري. استياء إسرائيلي اعتبر الكيان الصهيوني البيان الختامي للمؤتمر، مناهضا للاحتلال الإسرائيلي، رغم أنه لم يثمر أي توصيات ضده، مؤكدًا أن "مؤتمر باريس الدولي للسلام" الذي جدد دعمه لحل الدولتين يبعد فرص السلام بين الجانبين، وقالت الخارجية الإسرائيلية «المؤتمر الدولي وقرارات الأممالمتحدة تبعد فرص السلام؛ لأنها تشجع الفلسطينيين على رفض المحادثات المباشرة مع إسرائيل»، وأكدت على ضرورة دفع جهود السلام في الشرق الأوسط، بما فيها قرار مجلس الأمن الأخير رقم 23344 الذي أدان النشاط الاستيطاني، كما أدان ما وصفها بالأعمال "الإرهابية". ترحيب فلسطيني من جانبها، رحبت منظمة التحرير الفلسطينية بالبيان الختامي للمؤتمر، ووجهت شكرها إلى جميع الدول المشاركة التي أجمعت على رفض الاحتلال وسياسة الاستيطان، وأكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أنه آن الأوان لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها المنظمة للقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني وتعاملها بفوقية مع الشرعية والإرادة الدولية. وقال عريقات إن الزخم في مشاركتها (الدول) وإجماعها على رفض الاحتلال والاستيطان وضرورة الالتزام بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، يوجه رسالة إلى إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، أنه لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم دون إنهاء الاحتلال العسكري لفلسطين السبب الرئيس في العنف والإرهاب. تحفظ بريطاني وجاء الموقف البريطاني متحفظًا على مقررات "مؤتمر باريس الدولي للسلام" المتضمنة بشكل أساسي تأكيد حل الدولتين واعتماد حدود 1967 أساسا لهذا الحل، وأعربت بريطانيا عن "تحفظاتها" بشأن نتائج المؤتمر، ورفضت التوقيع على بيانه الختامي. وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان إن بريطانيا شاركت بصفة مراقب فقط في المؤتمر لوجود تحفظات لديها حيال انعقاده في غياب ممثلين إسرائيليين وفلسطينيين وفي وقت غير مناسب قبل أيام من تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. واعتبر البيان رفض بريطانيا إرسال وفد رفيع المستوى إلى باريس بوصفه مؤشرا على تصميم لندن على البقاء قريبة من ترامب، وتطلعها إلى العمل مع الأطراف المعنية ومع الإدارة الأمريكية الجديدة والدول الأخرى التي شاركت في المؤتمر لتحقيق تقدم خلال العام 2017 وبعده. ولم يشارك وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، في المؤتمر، في حين أرسلت معظم دول الاتحاد الأوروبي الكبرى وزراء خارجيتها. وقال الدكتور أيمن الرقب، القيادي الفتحاوي، إن مجرد انعقاد مؤتمر باريس هو انتصار للقضية الفلسطينية وهزيمة لنتنياهو الذي حاول إفشاله ودليل على عزلة إسرائيل التي تجلت في قرار مجلس الأمن سابقا وفي الإدانة الدولية الواسعة للنشاط الاستيطاني، لكن في نفس الإطار، أكد أن خروج مؤتمر باريس بهذه النتائج جاء أقل بكثير مما كان متوقعًا. وأضاف الرقب ل"البديل" أن اجتماع باريس لم يرتق إلى مستوى مؤتمر دولي، حيث عاد للحديث عن المفاوضات الثنائية التي فشلت على مدار 23عاما، مؤكدا أن ما خلص إليه اجتماع باريس أقل بكثير مما يجب منتقدًا انتهائه بدون آليات محددة يعني السماح لنتنياهو ليعيد السيطرة على الأمور طالما الصيغة المطروحة هي مفاوضات ثنائية لن تؤدي إلى نتائج ما دام ميزان القوى مختلا. وتابع: كان يجب على المؤتمر التلويح بعقوبات على إسرائيل، وأنه لا يجوز استخدام معايير مزدوجة في مناطق مختلفة من العالم، وعلى الدول الأوروبية وخاصة فرنسا الاعتراف الآن بدولة فلسطين، وهذا أقل ما يمكن عمله، مؤكدًا أنه رغم زخم الحضور بمشاركة 70 دولة وخمس منظمات دولية، إلا أن المؤتمر كان باهتاً ومخرجاته أكثر، وكل ما قيل هو كلمة حق في توقيت خاطئ، لاسيما أن الإدارة الأمريكية الحالية راحلة والحكومة الفرنسية ورئيسها في أيامهم الأخيرة.