ذهب الكلام عن اعفاء المسكن الخاص أدراج الرياح، ومازال الأمل قائما في أن تفلح الدعاوي القضائية في إلغاء أو علي الأقل تقليص أضرار كفانا الله شر أهوالها المعروفة حاليا باسم الضريبة العقارية، وحتي ذلك الحين مازالت العقلية الحكومة المميزة في الإنفاق قادرة علي ابتداع مختلف الطرق لشفط السيولة وإعمار الخزانة من جيوب مواطنيها، الوسيلة الجديدة أسمها السجل العيني،الذي يبدو للوهلة الأولي أخا شقيقا لنفس الضريبة، لكنه يحصل مرة.. واحدة في العمر، وهي للحق مرة غير كل المرات، والشقة التي كانت معفاة من الضريبة العقارية لا محل لإعفائها من رسوم السجل العيني، والتسعيرة تبدأ من 500 جنيه لتسجيل الشقة حتي 100 متر وتتدرج حتي تصل ل 2000 جنيه، والبداية كانت في الشروق والشيخ زايد وهما منطقتا قصور وفيلات إضافة إلي مختلف أنواع الإسكان، ولا تسألني لماذا بدأ بهما، ولا تسألني عن حكاية أنك إذا كان لديك أصل سند الملكية وفي قول آخر رخصة المباني تستطيع بأي عقد ابتدائي دون النظر إلي كل العقود العرفية السابقة وباثنين شهود أن تؤكد ملكيتك لأي قطعة أرض أو عقار فيما يعرف باستمارة التسوية، وهي استمارة يدور حولها الكثير من الشبهات وعلامات الاستفهام، فهل يعقل أن يكون كل ما علي المواطن أن يدفع المبلغ المقرر للتسجيل لينال فرصته الذهبية للفوز بقطعة أرض أو عقار سواء قام بالرشوة أو سرق أو دلس ليحصل علي سند الملكية الخاص بأيهما! خاصة وأن الثغرات في خطوات الوصول إلي سند ملكية نهائي واضحة بدءا من البند الذي يقول:يتم التسجيل في حضور الطرفين البائع والمشتري"عقدان عرفيان" والبند التالي الذي يخلق سند ملكية من العدم والذي يقول: يتم التسكين بدفتر الملكية لتصبح أساس سند الملكية "قيد رسمي في دفاتر الحكومة" في حالة عدم وجود العقد المشهر علي نفس الوحدة!! وبالطبع فهناك وقت محدد للطعن فإذا لم يتم فالتسجيل العيني قد تم وأصبح لديك حجة ملكية قانونية مائة بالمائة،باختصار لو عمك مات وابنه كان في البرازيل ودخلت بيت عمك وقلبت في مستنداته يبقي ألف مبروك عليك، ولو أرض أصحابها ليس لهم وريث يبقي ألف ألف مبروك، ولو أرض دولة يبقي رخصة بناء أمرها سهل ومليون مبروك!! وحكاية السجل العيني ليست جديدة فلنا سنوات نتحدث عنه،وفوائده المعلنة من الحكومة عظيمة فهو يجعل للعقار سجل ورخصة تسهل التعامل عليه وهو ما سيحفظ الثروة العقارية في مصر ويزيد من قيمتها،ولأن المهمة كبيرة فقد قيل أن تسليم الاستمارة يجب أن يتم خلال شهرين بدءا من 15 نوفمبر الماضي وإلا ستوقع الغرامة، ووقف الناس طوابير، اختنقوا وسبوا ولعنوا لكن لا يهم، المهم أنهم دفعوا وعمروا الخزائن، ثم خرج علينا مسئول ليقول لا غرامة! والأهم أن التساؤلات ظلت دون إجابة، وأهمها بالطبع: لماذا طالبوا المشتري من مالك أصلي في المدن الجديدة أن يدفع الرسوم المذكورة مع أن هذا المشتري قام بالشراء بمعرفة جهاز المدينة وسدد رسوم تنازل داخل نفس الجهاز وعقده أصبح عقدا أصيلا، بينما لم يدفع أي مالك أصلي بقيت معه أرضه أي رسوم جديدة للتسجيل، فقط كان عليه أن يقدم أوراق اثبات ملكيته، أليست هذه ازدواجية عجيبة، ألا يكون المشتري من مالك أصلي قد دفع رسوما مرة للجهاز وأخري للحكومة لملكية نفس العقار وهو أمر غير قانوني بكل المقاييس،وهل من سجل بالجهاز عليه أن يسجل مرة أخري في الشهر العقاري فإن كان الأمر كذلك فلماذا لم يدفع المشتري الأصلي؟!أم أن جهاز المدينة في وادي ووزارة التنمية الإدارية في واد آخر، ولماذا يدفع المشترون في المدن الجديدة مبالغ جديدة لاستمارة التسوية للبدء في إنشاء السجل العيني؟ تلك المدن التي لها بالفعل سجل عيني بغض النظر عن المسميات، فهي بعيدة تماما عن عشوائية البناء الذي تمت جميع مراحله تحت إشراف أجهزتها بداية من الرسومات ونهاية بالاستلام النهائي للمبني عن طريق مهندسيها،وكل خطوة كان يخطوها المالك كان لها رسومها التي تدفع للجهاز، بدءا من تراخيص البناء ونهاية بعدادي الكهرباء والماء، والحكومة هي من باعته الأرض وتعرف أبعادها بالسنتيميتر، والتسويات "استمارة التسوية" مدفوع ثمنها بالفعل ولكن تحت مسمي تنازل رسمي في الجهاز، والحقيقة أن الحكومة كان عليها أن تذهب إلي العشوائيات لتبحث عن التسويات وتجهد موظفيها في عمل سجل عيني لمباني زرعت في الأرض في غفلة منها، لكنها الجباية التي تمارس ضد المواطن والتي تتعدد أشكالها ويتفق منهجها، فمن ضريبة عقارية، لاستمارة تسوية، كلنا في القهر سواسية.