وزير التنمية المحلية يوجه المحافظات بتطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة بكل قوة وحزم    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    أكاديمية الشرطة تواصل تنظيم ورش العمل التدريبية لطلبة الجامعات المصرية والكوادر الشبابية بوزارة الشباب والرياضة    «التعليم» تستعرض خطة مواجهة الكثافات الطلابية على مدار 10 سنوات    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    أسعار الذهب فى مصر.. عيار 21 يسجل 3100    «عايزة رجالة».. دعوات لمقاطعة البيض بالأقصر بعد ارتفاعه ل180 جنيها: «بلاها لمدة أسبوع» (صور)    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    خبراء الضرائب: غموض موقف ضريبة الأرباح الرأسمالية يهدد بخسائر فادحة للبورصة المصرية    محافظ بني سويف يتابع انتظام العمل بسوق السيارات شرق النيل    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة.. وبلينكن يرد    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة، وبلينكن يرد    مصدر رفيع المستوى: مصر حذرت مرارا من تداعيات عزم إسرائيل اقتحام رفح    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    سكاي: سن محمد صلاح قد يكون عائقًا أمام انتقاله للدوري السعودي    اسكواش - نوران ل في الجول: الإصابة لم تعطلني وتفكيري سيختلف في بطولة العالم.. وموقف الأولمبياد    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    الهدوء يسود انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء الأسنان بالقاهرة    القبض على لصوص الكابلات الكهربائية وبطاريات السيارات بعدد من المحافظات    معمولي سحر وفكيت البامبرز.. ماذا قال قات.ل صغيرة مدينة نصر في مسرح الجريمة؟    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    محامية حليمة بولند تكشف كواليس حبسها    إيرادات الخميس.. شباك التذاكر يحقق 3 ملايين و349 ألف جنيه    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    الصحة: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثث 4 أشخاص قتلوا على يد مسجل خطر في أسيوط    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



'الوطن' تنشر أخطر فصول كتاب مصطفي بكري 'الجيش والإخوان.. أسرار خلف الستار'
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 25 - 04 - 2013

لم يتوقف الجدل حول الأسباب الحقيقية لإقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان، وعدد من قيادات القوات المسلحة، ودور الفريق أول عبد الفتاح السيسي في ذلك. كانت هناك كثير من الحقائق غائبة عن المسرح، حاولت جماعة الإخوان استغلال الموقف لصالحها، روجت الكثير من الشائعات، والمعلومات المغلوطة، ثم إنها أرادت أن ترسخ في ذهن العامة من الناس أن الرئيس هو الذي اختار بنفسه الفريق أول عبد الفتاح السيسي لمنصب وزير الدفاع، والفريق صدقي صبحي لمنصب رئيس هيئة الأركان.
كان الغرض من وراء ذلك إرهاب رموز مؤسسات الدولة المختلفة، الذين كانوا يعيشون صدمة تولي 'عضو إخواني' أعلي منصب تنفيذي في البلاد، وكذلك تقديم الرئيس في صورة 'الرجل القوي' القادر علي إصدار أصعب القرارات وأخطرها.
كان السؤال المطروح في هذا الوقت: ماذا عن دور الفريق أول عبد الفتاح السيسي فيما جري؟ وأين الحقيقة في ضوء ما يتردد من معلومات متناقضة؟
إن الحقيقة هنا تؤكد أن العلاقة بين المشير طنطاوي والفريق أول عبد الفتاح السيسي لم تكن علاقة تقليدية، تخضع للمعايير المهنية والعسكرية فقط، بل كان المشير يعتبر السيسي 'ابنه المفضل' داخل القوات المسلحة.
عندما اختار المشير 'السيسي' مديراً للمخابرات الحربية خلفاً ل'موافي' كان ذلك يعني أنه يعده ل'منصب مهم' يوماً ما
كان يثق فيه وفي إخلاصه وصدقه، منذ كان ضابطاً برتبة 'مقدم' يتولي رئاسة فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع.
وعندما أسند المشير إليه رئاسة المخابرات الحربية في أعقاب اختيار اللواء مراد موافي محافظاً لشمال سيناء، كان ذلك مؤشراً علي الصعود السريع للواء 'السيسي'، حتي بدا الأمر وكأن المشير يعده لمنصب مهم في يوم ما.
ومع انطلاقة ثورة الخامس والعشرين من يناير، كان اللواء السيسي هو الأقرب إلي المشير، يمده بالمعلومات والتقارير، ويضع أمامه دوماً تقدير الموقف بكل أمانة وموضوعية.
وقد لوحظ في هذه الفترة وما تلاها أن المشير كان يلتقي دوماً في مكتبه باللواء السيسي منفرداً ولساعات طوال، يستمع منه إلي رؤيته للموقف، وتحليل للمعلومات التي كانت تصل إلي المخابرات الحربية حول الأحداث التي شهدتها البلاد في الفترة الانتقالية.
كان اللواء السيسي يحرص أيضاً علي الحوار مع العديد من شباب الثورة والمثقفين والإعلاميين، ورموز الأحزاب والقوي السياسية، وكان يتواصل مع جميع القوي المجتمعية لمعرفة مواقفها في الأحداث التي تمر بها البلاد.
وقد عقد في مكتبه في مبني المخابرات الحربية عدة اجتماعات بحضور المشير طنطاوي والفريق سامي عنان مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ونائبه خيرت الشاطر، حيث دارت هذه اللقاءات جميعها حول الأزمات التي كانت تواجه المجلس العسكري في الفترة الانتقالية ودور الإخوان المسلمين فيها.
وكان الأستاذ والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل يري في اللواء السيسي نموذجاً لقائد عسكري منضبط ولديه رؤية وعمق ثقافي وقدرة علي تحليل الوقائع والأحداث بشكل أثار إعجاب الأستاذ، الذي التقاه أكثر من مرة في لقاءات متعددة.
عندما التقيت اللواء السيسي للمرة الأولي في المجلس العسكري ونقلت إليه وجهة نظر الأستاذ هيكل فيه، ابتسم بهدوء، وراح يثني علي الأستاذ ومواقفه.
وخلال جلسات الحوار التي جرت بين الأحزاب والمجلس العسكري في الفترة من 27 مارس وحتي النصف الأول من شهر يونيو 2012، كان موقعي دوماً في الجلوس علي مائدة الحوار إلي جواره، كان يتابع مجريات الحوار في صمت، ولم يدلِ برأيه، وإن كان يسجل دوماً جميع الملاحظات التي تطرح في جلسات الحوار.
في الخامس عشر من أبريل 2012 عقد المجلس الأعلي للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي وبحضور عدد من قادته، اجتماعاً برؤساء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وعدد من النواب المستقلين، للتوصل إلي رؤية مشتركة لإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، بعد حكم محكمة القضاء الإداري الذي قضي بحل الجمعية التأسيسية في 10 أبريل 2012.
كان الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة والمرشح الرئاسي 'الاحتياطي'، حاضراً هذا اللقاء، وكانت الأزمة بين المجلس العسكري والإخوان قد دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، بعد اتهام الإخوان للمجلس بأنه يعد للتدخل وتزوير انتخابات الرئاسة لصالح أحد المرشحين العسكريين، بينما رد المجلس علي هذه الاتهامات بالتذكير بأحداث 1954 بين الجيش والإخوان في زمن عبد الناصر.
في هذا الوقت، وقبيل بدء الاجتماع، كان هناك لقاء جانبي في قاعة الاجتماعات بين الدكتور محمد مرسي والفريق سامي عنان لتصفية الأجواء، وقد حضرت جانباً منه، وفيه أبدي الفريق عنان تأكيده حيادية المجلس العسكري إزاء جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية.
وبعد انتهاء أعمال الاجتماع بين المجلس العسكري والأحزاب وأثناء تناول غداء العمل بعد الاجتماع، طلبت من المشير طنطاوي ضرورة الجلوس مع د.محمد مرسي، والاستماع إلي وجهة نظره فيما يتعلق بالخلاف الناشب بين الإخوان والمجلس العسكري.
قال لي المشير إنه مرتبط بموعد، وإنه سيغادر علي الفور، وكلف اللواء محمد العصار واللواء ممدوح شاهين واللواء عبد الفتاح السيسي بعقد لقاء مع د.محمد مرسي، كما طلب مني ضرورة أن أحضر هذا اللقاء.
بدأ قادة الأحزاب ينصرفون بعد تناول الغداء مع المشير لحضور المؤتمر الصحفي الذي يعقد في حديقة وزارة الدفاع المجاورة للمبني، بهدف شرح الرؤية التي تم التوصل إليها للصحفيين والإعلاميين.
أبلغت الدكتور محمد مرسي بالاجتماع، كما أبلغ المشير طنطاوي القادة العسكريين الثلاثة بالحضور، والتقينا جميعاً في غرفة الصالون الملحق بقاعة الاجتماعات الرئيسية بوزارة الدفاع.
بدأ اللقاء بكلمة مني عن الأزمة الراهنة وأسبابها، وقلت إن د.محمد مرسي يريد الحديث بكل صراحة حول هذا الموضوع، وإن هناك حرصاً منه وأيضاً من المجلس العسكري علي تفادي هذه الأزمة، بعدها علي الفور استأذنت في الانصراف تاركاً للحاضرين بحث أبعاد الأزمة وجهاً لوجه.
وبالفعل، بعد حوالي نصف الساعة جاء د.محمد مرسي إلي حيث يعقد المؤتمر الصحفي، وقد طُلب منه إلقاء كلمة علي الحاضرين، وبعدها بدأنا نتجول معاً في حديقة الوزارة بعيداً عن مكان عقد المؤتمر الصحفي، حيث أبلغني د.مرسي بارتياحه لهذا اللقاء، وراح يثني علي المشير والفريق سامي وعلي القادة الثلاثة الذين حضروا هذا اللقاء.
يومها قلت للدكتور محمد مرسي إن المجلس العسكري ليس لديه موقف، لا من الإخوان ولا من غيرهم، وإنه بالفعل يقف علي مسافة واحدة من الجميع.
سألني د.محمد مرسي: 'وهل تعتقد أن المجلس العسكري لن يتدخل في الانتخابات لصالح أحد المرشحين العسكريين؟'.
قلت له: 'أنا واثق أن المشير لن يفعلها مهما كان الأمر'.
قال: 'وهل تثق أنهم سيسلمون السلطة في الموعد لرئيس الجمهورية الذي سيجري انتخابه؟'.
قلت له: 'نعم، وبكل تأكيد.. إنني أعرف أن المشير طنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان ينتظران لحظة تسليم السلطة بفارغ الصبر'.
استمر الحوار بيننا لبعض الوقت بينما نحن نتجول في حديقة وزارة الدفاع، وتواعدنا بعد ذلك علي استمرار الاتصالات.
وفي صباح اليوم التالي، كان الدكتور محمد مرسي يتصل بي ليشكرني علي النقل الأمين لوقائع كلمته خلال اجتماع المجلس العسكري مع الأحزاب، وذلك في البرنامج التليفزيوني الذي كنت أقدمه علي قناة الحياة، ثم تواصل بيننا الحوار الذي كنا قد بدأناه في أعقاب الاجتماع الأخير للمجلس العسكري مع الأحزاب.
'السيسي' عقد عدة لقاءات في مكتبه مع المرشد وخيرت الشاطر وقت الأزمات بحضور المشير وسامي عنان
كان من الواضح من خلال كلام د.محمد مرسي أنه مرتاح إلي حد كبير لجلسة الأمس وللقادة العسكريين الثلاثة الذين التقي بهم، فقد أعرب عن تقديره لهم ولموقفهم في رأب الصدع أكثر من مرة، كما أثني علي اللواء عبد الفتاح السيسي ورؤيته وعمق تفكيره وحرصه علي تجاوز الأزمة.
في شهر مايو 2012 وقبيل إجراء الانتخابات الرئاسية، عقد اجتماع مهم للمجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي، كانت انتخابات الرئاسة علي الأبواب، وفي هذا الاجتماع تحدث المشير مطولاً، وقال إن 'المجلس العسكري أدي دوره بكل أمانة وإخلاص، انحاز للثورة، وتحمل مسئولية الدفاع عنها، ورفض إطلاق رصاصة واحدة في مواجهة المتظاهرين، لم يستجب لكل محاولات الابتزاز، وصمد في مواجهة محاولة جر الجيش إلي الصدام مع الشعب'، وقال: 'لقد تحملنا الكثير من الإهانات، لكن جيشنا العظيم كان مصمماً علي أداء رسالته وإنجاز مهام المرحلة الانتقالية، وتسليم السلطة إلي رئيس منتخب'.
وقال المشير بلغة حاسمة: 'نحن مصممون علي إجراء انتخابات نزيهة، لن يهمنا من الذي سيفوز، فكلهم مصريون، وكلهم وطنيون، وعلينا أن نرضخ لاختيار الشعب، لذلك علينا أن نفي بالعهد والوعد، وعلينا أن نتصدي لأي محاولة لتعطيل الانتخابات أو التدخل فيها'.
وقال المشير: 'بعد تسليم السلطة يجب علينا جميعاً، سواء أنا أو الفريق سامي أو كل المنضمين لعضوية المجلس الأعلي ممن هم فوق السن القانونية وتم استدعاؤهم وضمهم للمجلس للاستفادة من خبراتهم، أن ننهي دورنا، مع استمرار أعضاء المجلس ال18 الأساسيين، بحيث سيجري اختيار واحد من الأساسيين لمنصب وزير الدفاع، يكون شاباً وحريصاً علي قواتنا المسلحة، ولدينا العديد ممن يصلحون لتولي هذا المنصب من بين أعضاء المجلس الأساسيين'.
كان حديث المشير يشير إلي اللواء عبد الفتاح السيسي، أدرك الجميع نوايا المشير وعرفوا منذ ذلك الوقت أن اللواء السيسي سيكون هو المرشح لمنصب وزير الدفاع، وهو أمر لقي ترحيباً شديداً، وتم التعامل معه علي هذا الأساس.
في ذلك الوقت كان الفريق عبد العزيز سيف الدين، قائد قوات الدفاع الجوي وعضو المجلس الأعلي، في لقاء مع المستشار حاتم بجاتو، رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية، وعندما سأله المستشار بجاتو: من سيخلف المشير؟ قال الفريق عبد العزيز: 'لقد تلاقت إرادتنا في المجلس العسكري علي اختيار اللواء عبد الفتاح السيسي حتي ولو دون إعلان'.
كانت المعلومات قد وصلتني من أكثر من مصدر، لقد قرر المشير تهيئة الأجواء لتولي اللواء السيسي مهام منصب وزير الدفاع في الوقت المحدد.. وكان من رأي المشير أن الوقت المحدد لذلك هو بعد تسلم الرئيس لمهام السلطة في 30 يونيو علي الفور.
لم يبدِ الفريق سامي عنان رأياً في ذلك الوقت، لقد سلم بما قاله المشير، فقد كان يريد هو الآخر أن يمضي بعد طول عناء وجهد كبير ومسئولية ظلت ملقاة علي عاتقه إلي جانب الآخرين في واحدة من أخطر مراحل التاريخ المعاصر.
وفي 14 يوليو 2012 اصطحب المشير طنطاوي معه إلي الجيش الثاني الميداني أربعة من أعضاء المجلس العسكري، وهم اللواء سامح صادق واللواء فؤاد عبد الحليم واللواء ممدوح عبد الحق واللواء إسماعيل عتمان.
وفي الطائرة طلب المشير من القادة الأربعة أن يكتب كل منهم في ورقة خاصة اسم وزير الدفاع المقترح وكذلك رئيس الأركان، شريطة أن يتم استبعاد اسمه واسم الفريق سامي عنان.
فجاءت الإجابات الأربعة التي قرأها المشير من الأوراق التي تسلمها منهم لتجمع علي اختيار اللواء عبد الفتاح السيسي، الذي كان مديراً للمخابرات الحربية في ذلك الوقت، في منصب وزير الدفاع، واللواء صدقي صبحي، الذي كان في موقع قائد الجيش الثالث، في منصب رئيس الأركان.
ابتسم المشير، وبدت عليه السعادة، وقال لهم: 'وأنا أيضاً أرشح اللواء السيسي لمنصب وزير الدفاع، واللواء صدقي لمنصب رئيس الأركان، فهما من أكفأ القيادات وأكثرها قدرة علي العطاء'.
كنت أعرف أن المشير قد اتخذ قراره بترشيح اللواء عبد الفتاح السيسي لهذا المنصب، وعندما تردد أن المشير ينوي الاستقالة من منصبه سألني الإعلامي عمرو أديب، مقدم برنامج القاهرة اليوم علي قناة أوربت، قبل فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة في 8 من أبريل 2012: من البديل؟
قلت له علي الفور: 'إنه اللواء عبد الفتاح السيسي'.
بعد هذا الاتصال مباشرة، اتصل بي الكثيرون يتساءلون عن مدي صدق هذه المعلومة ويبدون دهشتهم ويرجحون عدم مصداقية ما قلته، فقلت لهم: 'الأيام بيننا'.
'مرسي' قال لي عن 'السيسي' عقب لقائه به بتوجيه من المشير: 'هذا الرجل لديه رؤية وتفكير عميق'
في الثلاثين من يونيو، وبعد أن سلم المشير طنطاوي السلطة إلي الرئيس محمد مرسي، كان المشير في اليوم التالي يبلغ الرئيس أنه يرغب في الاستقالة من منصبه، وترشيح اللواء عبد الفتاح السيسي الذي كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية والاستطلاع بدلاً منه.
لم يعترض الرئيس مرسي علي اسم اللواء عبد الفتاح السيسي، لكنه طلب من المشير الاستمرار في مهام منصبه لحين إعداد الدستور وإجراء انتخابات مجلس الشعب المقبل.
في ذلك الوقت عقد اجتماع للمجلس الأعلي للقوات المسلحة، وقد طالب العديد من أعضاء المجلس المشير بالتراجع عن التفكير في تقديم الاستقالة، وانتظار تطورات الأحداث، غير أن هناك من كان يري ضرورة التعجيل بها، وكان في مقدمة هؤلاء الفريق عبد العزيز سيف الدين، قائد قوات الدفاع الجوي، واللواء محمود نصر، عضو المجلس للشئون المالية.
وقد جري الاتفاق في ذلك الوقت علي استمرار المجلس العسكري في أداء رسالته لحين الانتهاء من وضع الدستور وإجراء انتخابات برلمانية جديدة، علي أن تسلم السلطة إلي مجلس الشعب في ظل دستور توافقي تتولي القوات المسلحة متابعة الانتهاء منه وفقاً للموعد الذي حدده الإعلان الدستوري المكمل.
ظل المشير طنطاوي يتردد علي مكتبه في وزارة الدفاع بعد قرار إقالته لعدة أيام، وكان الفريق أول عبد الفتاح السيسي يدير أعمال الوزارة من مبني المخابرات الحربية، تاركاً الفرصة كاملة للمشير طنطاوي في الذهاب إلي مكتبه لأي وقت يريد.
أما الفريق سامي عنان فقد ذهب في اليوم التالي إلي مكتبه مرتدياً ملابسه المدنية، لملم أوراقه، وجلس مع الفريق صدقي صبحي، رئيس الأركان لمدة ثلاث ساعات لإطلاعه علي جميع الملفات وإدارة العمل داخل الوزارة.
كان الفريق أول السيسي يكن كل الاحترام للمشير طنطاوي، وكان المشير قد فاتحه بأمر الترشيح قبل ذلك، وقال له: 'استعد، أنت من سيتولي مسئولية الجيش المصري من بعد'.
وقبيل الثاني عشر من أغسطس2012، يوم الانقلاب الأبيض، كان الإعلامي د.توفيق عكاشة قد حذر علي شاشة قناة الفراعين من أن هناك انقلاباً سيقوم به الرئيس مرسي خلال أيام معدودة، وراح يقدم معلومات قال فيها إن اللواء عبد الفتاح السيسي ينتمي إلي أسرة إخوانية، وإن عمه هو الأستاذ عباس السيسي عضو مكتب الإرشاد السابق بجماعة الإخوان.
وقد أثارت هذه المعلومات حالة من الجدل الشديد، واتصل بي في هذا الوقت اللواء عباس مخيمر، أحد كبار ضباط المخابرات الحربية، منفعلاً ومؤكداً أن هذه المعلومات غير صحيحة ولا أساس لها وأن هدفها قطع الطريق أمام اللواء عبد الفتاح السيسي.
يومها قلت له: 'من المؤكد أن الإعلامي توفيق عكاشة سوف يراجع موقفه إذا ما ظهرت له الحقيقة، وهو ما حدث بالفعل في اليوم التالي'.
مضت الأيام، وعندما التقيت المشير طنطاوي والفريق سامي عنان بعد قرار إقالتهما من منصبيهما، وجدت ارتياحاً كبيراً منهما لتولي الفريق أول السيسي منصب وزير الدفاع والفريق صدقي صبحي منصب رئيس الأركان.. قال لي الفريق عنان: 'هذه سيمفونية تواصل الأجيال بين رجال الجيش الشرفاء، والفريق أول السيسي هو عنوان للالتزام والانضباط والكفاءة والوطنية'.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.