تعرضت آريانا بولس مؤلفة كتاب المرأة الأنثى لكثير من النقد، إذ حملت عليها بعضهن إلى أنها تطرقت إلى قضية معروفة وواضحة لجميع الأطراف المعنية بهذا الموضوع، وأن ما كتبته ليس إلا دليلا على سوء تقديرها لجوهر الحركة النسائية التحررية. بيد أنه غاب عن منتقديها أن «آريانا» هدفت بدعواها إلى أن تحرز المرأة ما يحرزه الرجل من فرص وحقوق فى الحياة العملية شريطة أن تظل فى الوقت ذاته محتفظة بأنوثتها وبإحساسها بالفخر كامرأة تتمتع بملكات تختلف بها عن الرجل. وهذا ما نراه واضحا فى كتاب «آريانا بولس»عن طبيعة «المرأة الأنثى» وموقفها تجاه بعض الموضوعات وعلى رأسها الجنس والعمل والرجل من وجهة نظر تتباين مع ما تنادى به الحركة النسائية التحررية، فعلى حين تنظر هذه الحركة إلى الرجال بمثابة فئة متعسفة وطبقة صاحبة امتياز، فإن حركة «المرأة الأنثى» تتبنى وجهة نظر أكثر اعتدالا وتسامحا عندما ترى أن مصير الرجل أكثر عرضة للتطرف من مصير المرأة. بل وكما أنه قد يحرز امتيازا على طول الخط، فإنه قد يمنى بحرمان على طول الخط. ولهذا تنتفى عنه صفة التعسف. أما دعاة الحركة النسائية التحررية التى تقودها وتتزعمها «جيرمين غرير» صاحبة «الأنثى العقيم» فينظرن إلى أنفسهن بوصفهن صفوة من المستنيرات. غير أن حركة المرأة الأنثى تعتبرهن مجموعة من المثقفات المشوشات اللاتى يسقطن تخبطهن على كل النساء. وتمضى «آريانا بولس» الملتصقة بالمرأة الأنثى لتبرهن على كلامها بما تسوقه من أن مرَّكب النقص الذى تعانى منه بعض زعيمات الحركة النسائية التحررية قد دفع بهن إلى الايمان بأن الوسيلة الوحيدة لاحراز الاشباع والسعادة هى الاستغراق فى ميدان الذات بحيث تصبح ذواتهن بؤرة الاهتمام. وفى سخرية لاذعة تعقد المؤلفة آريانا بولس الصلة بين مرمى الحركة النسائية التحررية وهدف المصلح البروتستنتى «جون كالفن» الذى ظهر فى القرن الحادى عشر وذلك عندما تقول:(إذا كان «كالفن» قد سعى إلى تحويل العالم إلى منسك للزاهدين، فإن ما تسعى إليه الحركة النسائية التحررية هو تحويل العالم إلى ملجأ للأيتام). وتترأس قائمة ما تمقته «آريانا» فيما يخص الحركة النسائية التحررية مجادلاتها التى تتسم حسب رؤيتها بالصلف والعنجهية، والتى ترى أن بعضها يقود إلى عوالم غريبة يشقى من جراء جرائمها الأطفال. تماما كتلك العوالم التى رأت «جيرمى غرير» صاحبة الأنثى العقيم أن تحلق فى أجوائها دون أن يكون لها وللواتى يحلقن معها موطئ قدم حقيقى على الأرض. ولا شك أنه سيكون من المثير جدا أن تتمكن «آريانا» مؤلفة «المرأة الأنثى» رغم ما لديها من نشاط وحيوية من الامتثال لمبدأها وبالتالى من أن تنجح وفقا لما تأمله فى تحقيق ما ارتأت أن تحققه من وراء حركة «المرأة الأنثى»، فقد تكون هذه الحركة انتفاضة جديدة تسود فى دنيا المرأة، وقد تكون مجرد ومضة سرعان ما تزول وتختفى مثلها فى ذلك مثل صيحات الموضة. غير أنها ستصادف دون ريب هوى وتعلقا فى نفس الرجل لكونها تمده بالبراهين والأدلة التى طالما شرعها فى وجه المرأة لكى يثبت لها أنها امرأة.