حذّر مصطفي بكري الكاتب الصحفي والنائب السابق، من أن شبح الحرب الأهلية علي الطريقة اللبنانية، يهدد مصر. وقال في حواره ل'الوطن'، إن سياسات النظام ستسفك المزيد من دماء المصريين، وتعجِّل باستقلال عدد من المحافظات، مشيراً إلي أن الزحف العظيم للشعب في ذكري الثورة فاجأ الجميع، متهماً 'مرسي' وجماعته بأنهم ينفِّذون مخططاً أمريكياً لتقسيم مصر، واضعاً حلولاً للخروج من النفق المظلم، تبدأ باعتذار الرئيس للشعب، ووقف 'أخونة' الدولة. * إلي أين تسير البلاد برأيك؟ - إذا لم يحدث تدخُّل بشكل قوي وفاعل، وتهيئة المناخ واتخاذ إجراءات عملية لاستقرار مصر، علي رأسها تعليق العمل بالدستور، وتشكيل حكومة انتقالية محايدة، للإشراف علي الانتخابات، واتخاذ خطوات عملية تُنهي عملية أخونة أجهزة الدولة، وتعطي الأمل للناس في لقمة العيش، ورد الاعتبار للقضاء، فإن الأوضاع ستمضي سريعاً نحو حرب أهلية، وسيتقاتل المصريون في الشوارع، وستسيل الدماء أنهاراً، وسنواجه حالة فوضي شاملة، نراها حالياً فيما يحدث في السويس وبورسعيد، وكأنها بروفة مصغّرة، حيث نتابع محاولات اقتحام السجون وأقسام الشرطة، وترويع الآمنين. الزحف العظيم للشعب فاجأ الجميع.. وإذا لم يتحرك النظام سيتحرك الجيش.. وكل الخيارات مفتوحة * هل تتفق مع ما يقوله البعض من أن الرئيس يتحمل مسئولية ما يحدث؟ - كنا نظن أن الرئيس مرسي سيتحرك سريعاً، ويفي بالتعهدات، التي قطعها علي نفسه، لكنه لم يخاطب شعبه، واكتفي بالبيان الهزيل، الذي أعلنه عقب انتهاء اجتماع مجلس الدفاع الوطني، وفي مقابل ذلك كان هناك بيان قوي من جبهة الإنقاذ، تضمّن كلاماً محدداً، والمطالب التي يطمح الشعب إلي تحقيقها، وهدّدت الجبهة بمقاطعة الانتخابات، إذا لم يجرِ الاستجابة لهذه المطالب، والخاسر من المقاطعة سيكون النظام الإخواني الحاكم، فسيجري كشفه وتعريته أمام الرأي العام، خصوصاً أننا نتذكّر جميعاً أن نظام مبارك سقط، بعد أن انسحبت المعارضة من آخر انتخابات برلمانية، قبل ثورة يناير بشهر واحد فقط. * ما الاحتمالات والسيناريوهات القريبة التي تنتظرها مصر، برأيك؟ - نحن الآن أمام 3 سيناريوهات: الأول أن تستمر رئاسة الجمهورية في العناد، مما سيؤدي إلي الفشل وانهيار مؤسسات الدولة، وعلي رأسها جهاز الشرطة، والثاني أن يخرج الرئيس ويعلن اعتذاره عن كل التجاوزات التي وقع فيها، بدءاً من الدستور المطبوخ، مروراً بالقضاء الذي جري الاعتداء عليه وإهانته، بالإضافة إلي نكوصه عن كل التعهدات التي قطعها علي نفسه، وأن يتوقف عن تنفيذ مخططات الإقصاء لحساب الإخوان، وضرورة أن يتبني مطالب الشعب، بتشكيل حكومة انتقالية، وإلغاء الدستور الذي طبخه الإخوان، وأؤكد هنا ضرورة أن يكون الجيش هو الضامن لجلسات الحوار الوطني، وفي هذه الحالة يكون مرسي قد أنقذ نظامه ومصر كلها من السقوط والانهيار. والسيناريو الثالث هو أن يتدخل الجيش لينقذ البلاد من الهاوية التي تهرول إليها، إلا أن أحداً لا يعرف مدي هذا التدخُّل، لكن في حالة استمرار مرسي في عناده ستكون كل الخيارات مفتوحة، والخيار الذي نتمني أن يحدث هو أن يخرج مرسي ويعلن التزامه بمطالب الشعب. 89% من المصريين يؤيدون القوات المسلحة.. و'السيسي' تعهد بحماية مصالح الشعب وحده * ما المخاطر التي تنتظر البلاد علي ضوء الأحداث التي تشهدها حاليا؟ - ما يحدث الآن مخطط للفوضي المدمِّرة الذي سبق أن أعلنته كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، خصوصاً أننا بدأنا نسمع مطالبة بعض المحافظات بالاستقلال عن مصر، وهذا المخطط سبق وأعلنه المفكر الأمريكي 'برنارد لويس' عام 1983، الذي اقترح تقسيم مصرإلي 4 دويلات، الأولي في سيناء وتمتد إلي منطقة الدلتا، والثانية في النوبة وعاصمتها أسوان، والثالثة للأقباط تمتد من أسيوط، مروراً بالصحراء الغربية وحتي الإسكندرية، أما الرابعة فهي دولة إسلامية عاصمتها القاهرة، ويبدو أن أمريكا وجدت أن وصول الإخوان إلي الحكم فرصة كبيرة لتنفيذ هذا المخطط، إلا أنني أؤكد أن هذا المخطط سيفشل، وتقسيم مصر من رابع المستحيلات، إلا أن انقسام صفوف الشعب المصري يُهدِّد بحرب أهلية. * هل تري أن هناك دوراً للإخوان في إشعال الأحداث؟ - أشعر أن النظام غير مهتم بما يجري في جميع المحافظات، في الوقت الذي تُهدِّدنا فيه جماعة الإخوان بنزول ميليشياتها، مما يهدد بمخاطر جسيمة، خصوصاً أن الدكتور محمد البلتاجي القيادي الإخواني، قال إنهم جاهزون لساعة الصفر، ويمتلكون عشرات الألوف الذين سيؤدبوننا، وقد أدي تهديد الإخوان بنزول ميليشياتهم، إلي تجهيز القوي الأخري أجنحة عسكرية لها، مما يعد خطراً شديداً، فما يحدث الآن هو استنساخ للتجربة اللبنانية، وهذا هو المخطط الذي تريد أمريكا وإسرائيل تنفيذه في مصر، والإخوان يتحمّلون المسئولية كاملة عما يحدث من انقسامات في المجتمع، بسبب إصرارهم علي تنفيذ مخطط أخونة الدولة. *الإخوان اتهموا جبهة الإنقاذ بتوفير غطاء للعنف وتمويل جماعات مثل 'بلاك بلوك'؟ - الإخوان يعيدون إنتاج النظام السابق، ويكرِّرون نفس الاتهامات التي كان يوجهها لهم، عندما يزعمون أن جبهة الإنقاذ شكّلت ميليشيات لتكون جناحاً عسكرياً لها، وأقول إن جبهة الإنقاذ لا يزيد عمرها علي شهرين فقط، وظهرت للوجود عقب الإعلان الدستوري، الذي أصدره مرسي. وأؤكد أن الإخوان يبحثون عن شماعة ليعلقوا عليها أخطاءهم وجريمة اختطافهم للدولة المصرية ومؤسساتها، ويجب عليهم أن يتأكدوا أن جبهة الإنقاذ وفصائل المعارضة لا تخشي تهديداتهم، وإذا اعتقدوا أنهم يستطيعون تلفيق التهم للناس، فنقول إن الشعب استيقظ من نومه ولن يسمح لهم بممارسة الابتزاز. * هل تري أن اللعبة محصورة بين الإخوان والجبهة في غياب أي دور فاعل للشعب؟ - الشعب فاجأ الجميع بزحفه العظيم يوم 25 يناير في الذكري الثانية للثورة، وأعلن الملايين موقفهم الرافض لسياسات النظام الإخواني الحاكم بوضوح شديد. واحتشد المصريون في جميع ميادين التحرير بالعاصمة والمحافظات، ووجّهت رسالة شديدة الوضوح إلي الإخوان تؤكد الرفض القاطع لمخطط أخونة الدولة، والسيطرة علي جميع مفاصل مؤسساتها، خصوصاً أن سياسات النظام الإخواني تمثل خطراً شديداً علي مصر، وستدفع البلاد فاتورة كبيرة ثمناً لخطايا هذا النظام، وأقول للإخوان إن الكرة الآن في ملعبكم أنتم ومرسي، وإذا لم يتحرك النظام فإن الجيش سيكون مطالباً بأن يتحرَّك لحماية ثورة الشعب المصري. الخروج من النفق يبدأ باعتذار 'مرسي' للشعب ووقف 'أخونة' الدولة وتشكيل حكومة إنقاذ * الجيش لن يغامر بالعودة إلي الملعب السياسي حفاظاً علي رصيده.. البعض يرددون ذلك، ما تعليقك؟ - الجيش والمجلس العسكري تحملا إهانات كثيرة من بعض التيارات السياسية، وبالرغم من ذلك أوفي بعهوده وسلّم السلطة إلي الرئيس الذي انتخبه الشعب، ويجب الإشارة هنا إلي استطلاع نظَّمه أحد المراكز الأمريكية الكبري، وأكد أن 89% من الشعب المصري يؤيدون ويساندون الجيش الذي يحظي بشعبية كبيرة بين المصريين، ومن المهام الرئيسية للجيش حماية الأمن القومي للبلاد والدفاع عن مصالح الشعب، وهو ما تعهد الفريق عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، علي الالتزام به. ولا أظن أن الجيش سيتراجع عن أداء رسالته بموجب العقيدة الوطنية التي تربي عليها أبناؤه، ولن يقف أبداً موقف المتفرج علي ما تتعرض له البلاد من مخاطر، ولا يستطيع أحد في القوات المسلحة تحمُّل انهيار مصر وتقسيمها. * هل لديك مخاوف من سيطرة الإسلاميين علي البرلمان بعد تلويح 'الإنقاذ' بمقاطعة الانتخابات؟ - إذا تجاهَل مرسي المعارضة، وعلي رأسها جبهة الإنقاذ وجرت الانتخابات دون مشاركتها، فإن ذلك سيكون وبالاً علي رؤوس الإخوان ونظامهم الحاكم، لأنهم بذلك يرتكبون نفس الخطيئة التي ارتكبها نظام مبارك في انتخابات عام 2010، وعليهم أن يتحمّلوا النتائج أمام الشعب والتاريخ في حالة إصرارهم علي العناد. * الحكومة اتهمت جبهة الإنقاذ بأنها ستكون مسئولة عن تعثُّر المفاوضات مع صندوق النقد، ما تقييمك لهذا الاتهام؟ - دعني أؤكد للجميع أنه حتي لو توصلت الحكومة إلي اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فإن هذا الاتفاق سيكون بشروط مجحفة، خصوصاً أن البلاد تشهد حالياً حالة من عدم الاستقرار السياسي، ستجعل إدارة الصندوق تطلب تأجيل الموافقة علي القرض. * كيف تري المستقبل؟ - من رحم الأزمة يولد الأمل، فرغم الحرائق والخراب، فأنا متفائل بالوطن والشعب وجيشه، والشعب لن يسمح للإخوان والإسلاميين بالسيطرة والاستئثار علي البرلمان القادم أو احتكار أي مؤسسة في الدولة، حيث لن تساعدهم الأوضاع الحالية بعد أن خسروا حتي حلفائهم من السلفيين. وأطالب جبهة الإنقاذ بعدم خوض الانتخابات البرلمانية دون الحصول علي ضمانات، وعلي رأسها تشكيل حكومة انتقالية محايدة تُشرف علي الانتخابات، وتعليق العمل بالدستور الإخواني والعودة إلي دستور عام 1971.