خادم الموسيقى العربية وهو اللقب الذي كان يفضل ان يختم به مقالاته الموسيقية رغم انه سيدها ونهرا يفيض بالالحان فهي لاتهبط عليه بل وليدة الهامه تلين له فيصاغها كما يحلو له لم يتعد العمر الفني لسيد درويش العشر سنوات الا انه استطاع خلالها ان يصبح جزء من تاريخ الامة ووجدان الشعوب العربية وعندما يؤرخ للموسيقي العربية لابد ان ياتي سيد درويش في المقدمة فهوكبيرها مفجر الثورة الموسيقية الذي نجح في نقل الألحان الشرقية من عليائها غير المعبرة عن المزاج المصرى والمنفصلة عن واقعه بمقاماتها التركية الملئية بالجمل اللحنية المعقدة والزخارف التي تعاني الجمود الفني اسيرة التحفظ وتشبه محبيها من الطبقة الأرستقراطية ليتجه بها سيد درويش من القصور الي قارعة الطريق نحو الاصول الشعبية فتدوالها الاسطوات والعمال. ونجح سيد درويش في ان يجعل للمصريين موسيقاهم المعبرة عنهم وعن جذورهم من خلال جملة موسيقية درويشية تحمل عبق مزيج متنوع تميزت به الاسكندريةمسقط راسه وتشم معها رائحة ملح الارض الذي ينتمي اليه عموم الشعب فجمع بين التنوع والاصالة والحداثة في آن واحد. واصبحت موسيقاه خير معبرعن الهوية المصرية. بعد ان نقلها الى مرحلة الواقعية التي استلهمها من واقع الشعب بكافة طوائفه وطبقاته فكان بحق مراة عاكسة لهمومهم وقضاياهم لم لا فهو فنان الشعب. كما ادخل سيد درويش على الألحان العربية لأول مرة فى تاريخ الموسيقى العربية الأسلوب التعبيري من خلال جملة لحنية بسيطة معبرة فاللحن كروان ينطق بالمعنى ويختزل الكلمات والمواقف الدرامية بل والحالة المصرية في نسيج مبدع بايقاعات متطورة شابة مليئة بالحيوية. ثورة اخري احدثها بكسر المقامات المتجاورة فكان يقفز قفزات غير مالوفة ومن مقامات مختلفة واضعا مقاما موسيقيا جديدا وهو ما تفردت به اعمال سيد درويش فكانت موسيقاه تنطلق معبرة من مقامات متنوعة تدخل القلب وتتسلل الي الروح متجاوزة وعابرة حدود الزمان والمكان وهو ما كتب لها الخلود. يحكي زياد الرحباني في احدي الحوارات التلفزيونية أنه عندما كان يسجل اغنية زوروني كل سنة مرة لسيد درويش بصوت السيدة فيروز في ألمانيا انبهر الموسيقيين الألمان باللحن مما دفعهم للسؤال عن صاحبه وارتسمت علامات الدهشة علي وجوههم عندما عرفوا أنه لموسيقارمصري عاش في أوائل القرن الماضي فكانوا يظنون انه لحنا من مقطوعة عالمية. ولم يعتبرسيد درويش نفسه محترفا لكنه كان هاويا لدرجة العشق فترك لنا الحانا خاطبت العقول وغازلت الأرواح غيرت شكل الموسيقى العربية ناسب بين الألفاظ والمعاني وناسب بين المعاني والألحان وناسب بين الألحان والحالات النفسية التي تعبر عنها أيقن أن الموسيقى لغة عالمية فعاشت ألحانه لأكثر من قرن من الزمان تحية لروح خالد الذكر الشمس الابداعية التي لم ولن تغيب عن الاجيال المصرية والعربية وسيبقي اسما يمثل علامة فارقة في تاريخ الموسيقي العربية والعالمية .