فتاة تكتب ابنها باسم جدها.. وأخرى تنتظر السن القانونية لتطلب الطلاق..! «عفاف البنت والحفاظ على شرفها والتخلص من عبء إعالتها» مثلث الرعب الذى تعيشه الفتاة عندما تبلغ السادسة عشرة من عمرها، ظاهرة اجتماعية أخرى طغت فى مجتمعنا، ارتبطت أسبابها « اقتصاديا واجتماعيا» نتيجة التفكك الأسرى وانتشار المخدرات وارتفاع معدلات الفقر، الأمر الذى جعل الآباء يقومون بتزويج بناتهن فى سن مبكرة برجال يكبرهن فى العمر، ظنا منهم بأنه صيانة لعفاف البنت، والحفاظ على شرفهن والخوف عليهن من العنوسة. تقول «هدى محروس»: تزوجت وانا عندى 17 سنة ولصغر سنى لم يستخرج لى «قسيمة زواج» واكتفى مأذون القرية بالإشهار فى الجامع حتى تكملة السن القانونى، ولكن بعد عام أنجبت «طفلة» ولعدم وجود ما يثبت زواجى أمام القانون اضطررت إلى تسجيلها باسم والدى حتى أستطيع الحصول على التطعيمات لها. وأضافت «مها سيد»: تزوجت وأنا عندى 16 سنة ولدى طفلة ولدت بعد زواجى بسنة، ولأننا معروفون فى البلد، سجلت طفلتى بعد ولادتها دون أوراق رسمية تثبت زواجى، مشيرة إلي أن قسيمة زواجها استخرجت بعد عام وثلاثة شهور من زواجها وبذلك أصبحت طفلتها مسجلة قبل زواجها قانونا. «مستنية أكمل السن القانونى حتى أستطيع الحصول علي ورق يثبت زواجى حتى أطلب الطلاق من زوجى» هكذا بدأت «هناء» كلامها مضيفة: تزوجت وأنا عندى 16 سنة وزوجى عنده 18 سنة ولحكم العادات والتقاليد بالقرية قرر والدى زواجى ولكننى أعانى من المشاكل والإهانات من أهل زوجى، مؤكدةً أنها صابرة حتى بلوغ السن القانونية ال18 سنة لكى تطلب الطلاق. فيما ذكرت إحدى حالات الزواج المبكر التى رفضت ذكر اسمها أنها «اتفرمت بسبب زواجها وهى صغيرة وحدث العديد من المشاكل بينها وبين زوجها ولكنها الآن بتحاول تعلم بنتها حتى لا تعيش نفس المعاناة اللى عانتها والدتها . أما «مروة حسن» فقالت: عندى 17 سنة ويريد والدى أن يزوجنى من أحد اقارب العائله يكبرنى ب7 سنوات، حتى لا يضيع الورث بره العيله وعندما رفضت صمم على قراره وحرمنى من التعليم على الرغم أنى متفوقه جدا فى دراستى ولكن لم أجد احدا يقف بجانبى خاصة أن والدتى متوفاه وأهلى والدى معاه فى قراره هذا. ومن جانبها قالت «فاطمة محمد» أحد المشاركين فى مشروع «الزواج المبكر» بجمعية حواء المستقبل إن هناك طفلة كما نقول زوجها والدها وهى فى سن ال17 سنة ولصغر سنها وضعف جسمها وعدم معرفتها بأسس الزواج والحمل أصيبت بسكر حمل تسبب فى نزيف لها، الأمر الذى أدى إلى وفاتها أثناء ولادتها . وأضافت فاطمة: رغم ما قمنا به من جولات ومبادرات بالقرى والنماذج التى نعرضها إلا أن الأباء والأمهات لم يأخذوا عظة من الحالات السابقة، بل زاد الموضوع لديهم ظنا منهم أنه هذا هو «الستر للبنت«. زواج القاصرات أما زينب حيدة المستشار الفنى للصحة الانجابية لهيئة «كير» فقد أكدت أن الزواج المبكر يتسبب فى مشاكل كثيرة للبنت، فمن الناحية الصحية يسبب الأمراض المختلفة مثل «الانيميا والاجهاض المبكر , نقص فى النمو , تأثير على الحمل والولادة , سوء تغذيه , عدم فهمها معنى الرضاعه الطبيعية , حالات نفسية من تاثير الاجهاض , فقر الدم , الامراض الفيروسية». واستطردت قائلة: لابد من فهم القانون لحماية الام والطفلة , حيث أن كل الدراسات أثبتت صحيا أي كل أعضاء البنت لم تكتمل فى السن التى يزوجونها فيها، لأنها تكون غير ناضجة بالشكل الكافى. ومن الناحية التعليمية قال «حيده»: زواج البنت فى سن مبكرة يعتبر أحد أسباب تخلفها لحرمانها من التعليم مما يسبب انتهاكا لطفولتها وضياع حقوقها، لأنه لا يوجد عقد زواج أو ما يضمن حق الابن إذا مات الزوج أو تركها فيضطر الأب إلى كتابة الطفل بابنها ووقتها يكون الطفل أبنا وأخا لها. وعن كيفية التوعية قالت زينب: المأذون لابد أن يكون على وعى بالمشكلة وكل مسوغات الزواج تكون لديه وأن يكون هناك رقابة على المأذون لانه لا يوجد قانون يدين المأذون ولكنه قانون تأديبى فقط. وأضاف عبدالمحسن ديغم إستشارى العلاج النفسى وعضو هيئة التدريس بجامعة المنيا: أصبحنا نواجه فى مجتمعنا الذى نعيش فيه ظاهرة منتشرة بشكل كبير وهى ظاهرة «الزواج المبكر» والتى يتم فيها زواج البنت قبل عمر ال 18 عاماً أى قبل اكتمال البلوغ والنضج للفتاة من الناحية الجسمية والفسيولوجية والسيكولوجية والعقلية والاجتماعية. وذكر «ديغم» أن هناك الكثير من الأسباب التى تدفع كثيرا من الأسر لإلقاء الفتاة إلى تدميرها بالزواج المبكر ومن هذه الاسباب: الجهل وعدم التوعية والفقر، بعض الاعتقادات الخاطئة لدى البعض بأن نزوج الفتاة فى سن مبكرة حتى لا يفوتها قطر الزواج وتصبح عانس، البعض يبررون هذا بحماية المراهقة من تعرضها للتحرش الجنسى والاغتصاب فبزواجها المبكر وعدم نضجها يرون به حماية لها، ويحرمونها من حرية إبداء الرأى أو اعتراضها، وحريتها فى التعليم، كثرة عدد الإناث بداخل الاسرة تجعلهم يلجأون للزواج المبكر، والسبب بُعد الناس عن الدين. وعن مخاطر زواج المراهقة فى سن مبكرة الذى يطلق عليه «زواج الطفلة« فقال الاستشارى بأنه يعرضها للعديد من المخاطر والعواقب ومنها جهل الفتاة بأمور الزواج، عدم إلمامها بالأمور المتعلقة بالجنس والعلاقات الحميمة، وقد يصل فى بعض الأحيان إلى تعنيفها لممارسة الجنس بشكل إجبارى .. قد تتعرض لفقر الدم فى حالة الحمل المبكر، ازدياد نسبة الوفيات بسبب الزواج المبكر، عدم فهم المراهقة للأمومة فهذا يعوقها عن قدرتها على تربية الطفل تربية صحيحة، وفى كثير من الحالات يحدث الانفصال والطلاق، فالزواج المبكر للمراهقة يصبح تعديا على حقوقها وإنسانيتها وعدم الاعتراف بالحقوق الإنسانية لها. وأشار على سيد صادق مدرس علم النفس والاجتماع بأبوقرقاص إلي أن أول ما يواجه المرأة هو خوف البنت من عدم امتلاك الخبرة بسبب صغر سنها مما يجعلها غير قادرة على التعامل مع شريك الحياة بسبب نقص الخبرات ومشكلات صحية بسبب عدم اكتمال النضج الجنسى والجسمى مما يترتب عليه من مشكلات تتعلق بصحة الأم وصحة الجنين، وإضافة لذلك الاضطرابات الاجتماعية داخل الاسرة او مع الأقارب بسبب عدم القدرة على الاتزان الانفعالى بالنسبة للام مما يترتب عليه عدم التصرف بطريقة جيدة ومن جانب الرجل يجد صعوبة فى التعامل مع المراة بسبب توترها لصغر سنها ويعتبر معوقا لاستيعاب شريكة حياته. ومن جانبها قالت منى عمر أمين المجلس القومى للمرأة إننا نعقد العديد من الحملات والتدريبات للتوعية بخطورة وأضرار الزواج المبكر على الفتاة من الناحية الصحية والجسدية نتيجة لعدم فهمها الكامل بمعنى العلاقات الزوجية. وأضاف: نقوم بعمل جولات فى المدارس الثانوية، للتوعية بالزواج المبكر وأسبابه ومخاطره على الطفلة. وأوضحت سالى صلاح مدير مشروع الزواج المبكر بمؤسسة حواء بالمنيا: إن أهالى البنت يبررون سبب زواجهم أن «زواج البنت سترة»، رغم أنه أخطر مصادر انتهاك حقوق الإنسان التى يجب التصدى لها بالوعى والقانون، لأن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب. وأشارت «صلاح» إلي أن قانون الطفل المصرى ينص على أنه لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين 18 سنة ميلادية كاملة، مشترطا للتوثيق أن يتم الفحص الطبى للراغبين فى الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التى تؤثر على حياة أو صحة كل منهما، أو على صحة نسلهما، ويعاقب تأديبيا كل من وثق زواجاً بالمخالفة لأحكام هذه المادة، ولكن ما يحدث ماهو إلا إغتصاب لطفولة البنت وتدمير لجسدها فلا يتم عمل شهادة أو عقد زواج . جريمة فى حق الطفولة فيما قال محمد يوسف مأذون إحدى قرى مركز أبوقرقاص إن الزواج المبكر جريمة فى حق الإنسانية، رافضًا هذه الحالات رفضا تاماً، وذلك لأنى أخاف الله وحتى لا أتعرض للمساءلة القانونية بل أقوم بتوعية الأهالى بأضرار زواج بنتهم فى هذا العمر، مضيفا: نحن نعيش فى مجتمع ريفى يغلب عليه العادات والتقاليد القديمة، ولذلك تميل القرى والنجوع إلى فكرة الزواج المبكر وتعتبرها ستر للبنت وعفة لها . وأضاف «يوسف»: هناك أضرار لم يأت فى مخيلة الآباء عندما يقومون بتزويج بناتهم فى سن مبكرة من ضياع لحقوقها الشرعية، حيث لايوجد عقد رسمى تستطيع من خلاله الحصول على حقوقها، أو حقوق أطفالها عند إنجابها قبل وصولها السن القانونية. وأشار المأذون إلي أن بعض أهالى القرية يلجأون إلى القرى المجاورة لعقد قران بناتهم ولكن هذه الوثيقة غير معترف بها لأنها مخالفة للقانون، وفى حالة التوثيق بهذه الطريق لا يظهر الأهالى هذه الوثيقة خوفاً من المساءلة القانونية، وما يقومون به ما هو إلا تنفيذ لرغباتهم، إضافة أنهم لا يستطيعون توثيق أطفالهم فى السجل المدنى إلا عندما تصل الأم إلى السن القانونية، وتعتبر الوثيقة التى حررت من مأذون القرية المجاورة أو المحافظة الأخرى لا يستطيعون تقديمها لأي جهة حكومية حتى لا يتعرضوا للسجن. قصة نجاح فيما تحكى «فاطمة. ح. م» مطلقة وإحدى ضحايا الزواج المبكر والتى إنضمت لمجموعات المساندة النسائية بمشروع الزواج المبكر بعد أن تلقت تدريبات وحضرن لقاءات توعية حول مفاهيم الصحة الإنجابية واضرار الزواج المبكر واهمية التعليم وحقوق الطفل والمرأة, أنها تفاعلت مع المعلومات التى تلقتها من المشروع وشعرت انها تأثرت بتلك المعلومات. وقالت : أهلى جوزونى وأنا عندى 12 سنة وقعدت 3 سنين مع جوزى مخلفتش وورانى فيهم المر هوه وأمه وإخواته وكنت بشتغل خدامة ليهم كلهم ولما ما خلفتش قالوله طلقها دى راجل، وبعدما طلقنى رجعت بيت أبويا وطبعا أهلى كانوا مستعرين منى وحاسين إنى حمل عليهم وقررت إنى أبحث على شغل، اشتغلت حاجات كتير ومكنتش بفلح فيها وبعدين اشتغلت فى فصول محو الامية لحد ما سمعت عن مشروع الزواج المبكر وفكرة مجموعات المساندة من الستات ودخلت وعرفت حاجات كتير عن الزواج المبكر وازاى مش بس بيضر نفسيا زى ما حصل معايا دا كمان بيضر جسدياً اتعلمت ازاى أوعى غيرى من الستات اللى عندهم بنات على سن جواز وكونت مجموعة من أهل الشارع بتاعى وابتديت معاهم أوعيهم واحكيلهم عن اللى حصل معايا وعن المعلومات اللى عرفتها من خلال المشروع وفكرت كمان إنى أعمل توعية لفصول محو الأمية وللبنات نفسهم اللى فى الفصول. استكملت فاطمة حديثها قائلة : حاسة إنى أخيرا نجحت فى حاجة فى حياتى وعرفت أعمل حاجة ومبقتش حاسة بالإحباط زى الاول ومتشجعة إنى أشارك وبقيت أبحث على صور ومعلومات وأبحث على الحالات اللى زيى علشان ييجوا يحكوا اللى مروا بيه للبنات والأمهات علشان ما يتكررش تانى اللى حصل معايا.