تسرب التلاميذ من التعليم ظاهرة خطيرة وتعد سببًا رئيسيًا لتفشى الأمية وطبقًا لآخر إحصائيات التعداد السكانى فقد وصلت نسبة المتسربين من التعليم إلى 28.8 مليون متسرب )7.3%( منهم 12.4 مليون فى ه القبلى و12 مليونًا فى الوجه البحرى و4.4 مليون فى المحافظات ما يدق ناقوس خطر يدق فى الوقت الذى تسعى فيه الدولة جاهدة من خلال وزارة التربية والتعليم للنهوض بالتعليم، ما يطرح تساؤلات أسباب الظاهرة وكيف يمكن القضاء عليها؟ وما جهود وزارة التربية والتعليم تجاه هذه الظاهرة؟. يقول شبل بدران «أستاذ التربية وعميد كلية التربية جامعة الإسكندرية سابقًا» إن نسبة التسرب من التعليم حسب الإحصائيات الأخيرة مفزعة، وهناك العديد من الدراسات لظاهرة التسرب من التعليم فى مصر منذ السبعينيات وحتى الآن وجميعها تؤكد أن هذه الظاهرة تحدث فى الأسر الفقيرة والأقل دخلا وتحدث فى الريف أكثر من المدن وفى الأسر التى تضم عددًا من الأفراد أكثر من غيرها ونبه إلى أن الظروف الاقتصادية تمثل بالدرجة الأولى السبب الحقيقى، مؤكدًا أن الطفل لم يولد كارها للتعليم او ليست لديه الرغبة فى الذهاب للمدرسة لكنه أُجبر على تركها بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى تمثل 90% من أسباب ظاهرة التسرب بالإضافة إلى السبب التعليمى حيث تعد المدارس بيئة طاردة وليست جاذبة سواء فى طرق التدريس أو المناهج او المعلم، موضحًا أن القضية الآن ليست فى أعداد المتسربين من التعليم، ولكن ماذا ستفعل الدولة لتجعل المدرسة بيئة جاذبة ومحببة للطالب فيرتبط بها. أما دكتورة منى أبو طيرة «أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس» فتقول إن الفقر والظروف الاقتصادية والجهل وعدم الوعى كلها أسباب تلعب دورًا أساسيًا فى ظاهرة التسرب من التعليم، وسن قوانين لعقاب المتسربين من الممكن أن يساعد فى حل المشكلة، ولكن القضاء عليها يحتاج إلى وسائل متعددة منها: جعل المدرسة بيئة جاذبة وشيقة للطالب، تعديل المناهج الدراسية، جعل الجزء العملى فى نظام التدريس أكثر من النظرى، تقديم دعم مادى للأسر الفقيرة، هذا بالإضافة إلى التفكير فى أساليب جديدة للتعلم مثل مدارس صديقات الفتاة التى طبقت فى مصر قبل سنوات من قيام الثورة حيث كانت تذهب هذه المدارس للفتيات داخل الحقل بعد أن أكدت الدراسات أن نسب تسرب البنات أعلى من نسب تسرب الأولاد. ولم يختلف دكتور كمال مغيث «الخبير التربوى» فى أن الظروف الاقتصادية وراء ظاهرة التسرب، مضيفًا أن المشكلة الآن أن التسرب تزيد نسبته والسبب يرجع إلى العلاقة بين سنوات التمدرس وفترة انعدام الربح حيث إن سنوات التمدرس المقصود بها السنوات التى تتحمل فيها الأسرة الإنفاق على الطالب وانعدام الربح وهو قلة الدخل فالعلاقة بينهما أصابها خلل حيث إن الأسر خاصة الفقيرة أصبحت فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة لم تعد قادرة على الإنفاق مع قلة الدخل مما أدى إلى زيادة نسبة المتسربين. وأكدت راندا حلاوة «رئيس الإدارة المركزية لمعالجة التسرب التعليمى بوزارة التربية والتعليم» أن الوزارة أطلقت العام الماضى «2016/2017» وتحديدًا منذ عشرة أشهر مبادرة بعنوان «معالجة التسرب من التعليم» وهى عبارة عن فريق بحث يتكون من أخصائى اجتماعى ونفسى ومسئول من شئون الطلبة بالإضافة إلى عضو المشاركة المجتمعية يتعاونون معًا لمعالجة ظاهرة التسرب فى كل إدارة ومديرية تعليمية. وأشارت إلى أن هذا يتم من خلال شئون الطلبة بكل مدرسة حيث يصدر بيان بأسماء الطلاب المتسربين وعناوين أسرهم ثم يبدأ فريق البحث عمله بتحديد أسباب التسرب وهل هى «أسباب اقتصادية، اجتماعية ونفسية، تعليمية، صحية» ثم يبدأ بالعمل حسب كل سبب. فإذا كان السبب اقتصاديًا، يتم التواصل مع أسرة الطالب من خلال برنامج تكافل وكرامة حيث تقوم وزارة التضامن بإعطاء مبلغ شهرى يُصرف للطالب من خلال إدارة المدرسة. وفى حالة اذا كان السبب تعليميًا حيث يعانى الطالب عدم معرفتة القراءة والكتابة، تتم معالجة ذلك من خلال التواصل مع فريق عمل القرائية بوزارة التربية والتعليم. وفى حالة إذا كان السبب نفسيًا واجتماعيًا تتم معالجته من خلال الأخصائى الاجتماعى بالمدرسة، وأخيرًا اذا كان السبب صحيًا تتم المعالجة من خلال التواصل مع وزارة الصحة. واشارت إلى أن فريق البحث من خلال تلك المبادرة حقق نجاحًا كبيرًا وتم إعادة بعض الطلاب المتسربين إلى مدارسهم ويتم تدريب المدرسين حتى يستطيعوا التعامل مع الطلاب الذين أعدوا للمدرسة بعد أن كانوا متسربين.. مضيفة أن البداية تمت فى خمس محافظات هى: البحيرة وكفرالشيخ والشرقية والإسكندرية والدقهلية، حيث إنها تمثل أكثر المحافظات على مستوى الجمهورية فى معدلات التسرب من التعليم.. موضحة أن وزارة التربية والتعليم مازالت فى البداية وتحتاج إلى جهود العديد من الجهات للقضاء على هذه الظاهرة.. مضيفة أنه سيتم العمل هذا العام من خلال سبع محافظات تشمل المحافظات السابقة بالإضافة إلى محافظتين يتم تحديدهما بعد عمل دراسة لأعلى المحافظات تسربًا من التعليم حيث تكون البداية لهذه المحافظات ثم تتسع الدائرة بعد ذلك لتشمل باقى محافظات الجمهورية.