أدت جموع حجاج بيت الله الحرام في عرفات صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا اقتداء بسنة النبي المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة. وألقي مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ خطبة عرفة بمسجد نمرة قبل الصلاة ، دعا فيها المسلمين حكاما ومحكومين إلي تقوي الله عز وجل حق التقوي ومراقبته في السر والنجوي ، قال الله تعالي " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " . وقال سماحته إن الله بعث نبيه محمدا صلي الله عليه وسلم بالهدي ودين الحق ، بشيرا ونذيرا برسالتة إلي جميع الخلق، ليخرج الناس من ظلمات الكفر والضلال إلي نور التوحيد والإيمان، ومن ظلمات الجهل إلي نور العلم والرشاد، ومن عبادة النفس والشيطان إلي عبادة الملك الديان، ومن النزوات الشهوانية إلي سمو الأخلاق الإسلامية ، ومن طغيان العقل والهوي إلي ضفاف الشرع ووحي السماء، و من التعلق بالدنيا الفانية إلي التعلق بالدار الباقية في النعيم بالدرجات العلي " . وبين أن الله عز وجل شرع دين الإسلام ليكون منهج حياة للبشرية يسير وفق أحكامه وتعليماته، فلا شأن من شؤون الدنيا إلا وللإسلام فيه حكم وبيان، ليحقق الغاية التي من أجلها خلقوا، قال تعالي " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " ، ولتستقيم حياتهم كلها عقيدة وعبادة وسلوكا وأحوال شخصية ومعاملات وأخلاق وسيادة وتعليم ، قال الحق عز وجل " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين " . وحث الحجاج علي الإخلاص في العمل وأن يتبعوا السنة النبوية المطهرة وان يكثروا من ذكر الله ومن الدعاء وأن يتجنبوا ما ينقض الحج والرفث والجدل والفسق إلي جانب السكينة والرفق والشفقة والرحمن بإخوانهم الحجاج سيما في مواطن الازدحام، وأثناء الطواف وعند رمي الجمار وعند أبواب المسجد الحرام، وأن يستشعروا عظم العبادة وحجم الموقف، مؤكدا أن في مناسك الحج تربية علي إفراد الله بالعبادة والسؤال والطلب مع التوكل عليه. وحذر مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن يحول الحج إلي ما يتنافي مع مقاصده فلا دعوة إلا إلي الله وحده ولا شعار إلا شعار التوحيد والسنة، مشيرا إلي أن الحج عبادة فريدة تجمع ملايين البشر، وهذا التجمع فيه روح الإيمان العظيم وفيه اجتماع الأمة وائتلافها، وفيه تظهر أخلاقها وقيمها قيم التسامح والإخاء والعدل والأخوة والمحبة والقناعة والبساطة، كما أنه من الحج نستلهم المراجعات السلوكية في كثير من القيم والأخلاق وأن الحج جهاد ولا بد في الجهاد من مشقة وترك الترف. وأوضح أن الحج يهدم ما قبله، ومن حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، والحجة المبرورة ليس لها ثواب إلا الجنة فهنيئا لمن ورد مشارع القبول وخيم بمنازل الرحمة ونزل بحرم الله الذي أوسعه كرامة وجلالة ومهابة. وقال ما أعظم هذه الأيام وما أجلها من مواسم، واليوم عرفة يوم شريف كريم وعيد لأهل الموقف، يوم تعتق فيه الرقاب ويسمع فيه الدعاء ويجاب، وما من يوم أكثر من أن يعتق الله عز وجل فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وأنه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول ماذا أراد هؤلاء فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة، فعلي المسلمين أن يظهروا فيه التوبة والاستغفار والتذلل والإنكسار طمعا في رحمة الله ومغفرته. وكان توجه السبت نحو 4 ملايين حاج الي صعيد عرفات- بعد صلاة الفجر- لآداء ركن الحج الأعظم، ويستمرون حتي غروب الشمس، حيث يقضون ليلتهم في المشعر الحرام قبل أن يعودوا مجدداً إلي مني لرمي الجمرات. وقد صلي الحجاج الفجر في مشعر مِني، ثم انطلقوا بعد الشروق إلي صعيد عرفات، وسيصلون الظهر والعصر هناك جمعا وقصرا بآذان واحد وإقامتين، ويبقون في عرفات حتي غروب الشمس. وسينفر الحجاج من عرفات بعد الغروب إلي مزدلفة، حيث يصلون المغرب والعشاء جمعا وقصرا ويقضون ليلتهم هناك. وبعد مزدلفة، يتوجهون في ساعات الصباح الأولي 'يوم الأحد'- أول أيام عيد الأضحي- إلي مني لرمي جمرة العقبة الكبري وذبح الهدي، ثم الحلق أو التقصير فيتحللون من إحرامهم تحللا أصغر، وعقب ذلك يتجهون إلي مكةالمكرمة لطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة، وبذلك يتحللون تحللا أكبر. ولاول مرة يشارك قطار المشاعر المقدسة بكامل طاقته في نقل الحجاج من مشعر مني إلي عرفات 'حوالي عشرين كيلومترا' عبر 9 محطات وينقل في الساعة الواحدة حوالي 75 الف حاج, بالاضافة الي الحافلات كما ان عددا غير قليل من الحجاج يفضلون قطع هذه المسافة سيرا علي الاقدام من مني إلي عرفات وتستغرق حوالي ست ساعات ويمكن لمن يتحرك من مني بعد صلاة الفجر مباشرة أن يصل غلي عرفات مع صلاة الظهر.