ترامب وصفه ب«الشجاع» وأقاله بعد تسلم مقاليد الحكم تتردد أصداء شبيهة لفضيحة «ووترجيت» داخل أروقة البيت الأبيض بعدما أقدم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على إقالة مدير جهاز المباحث الفيدرالية، ريتشارد كومى، الذى كان يترأس التحقيق فى تدخل روسيا فى الانتخابات الرئاسية لصالح ترامب وهو نفس ما فعله الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون مع مدير المباحث الفيدرالية أرتشيبالد كوكس الذى كان يحقق فى فضيحة ووترجيت التى عصفت فى النهاية بالرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون وأرغمته على الاستقالة من منصبه عام 1974. وانقلب ترامب على كومى الذى طالما وصفه بالرجل الشجاع حيث كان له الفضل فى سقوط هيلارى كلينتون فى الانتخابات الرئاسية وفوز ترامب بعدما أعلن عن تحقيق جديد بشأن استخدام هيلارى كلينتون للبريد الالكترونى قبيل إجراء الانتخابات بحوالى 11 يومًا الأمر الذى أثر على آراء الناخب الامريكى وجعل هيلارى تتخلف عن ترامب بعد ما كانت تسبقه فى استطلاعات الرأى. وكان كومى قد أدلى بشهادته أمام اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ وقال إن مساعدة كلينتون «هوما عابدين» أرسلت المئات بل الآلاف من الرسائل الالكترونية البعض منها يحتوى على معلومات سرية لزوجها لطبعها آنذاك فيما أكد مكتب التحقيقات الفيدرالى الأسبوع الماضى أن عابدين أرسلت فقط مجموعتين من الرسائل المتبادلة بهما معلومات سرية. وفوجئ كومى بخبر استقالته من التليفزيون عندما كان يتحدث بداخل أحد مكاتب الإف بى آى فى لوس انجليوس حيث ترك مكتبه على الفور الأمر الذى أثار الكثير من الجدل والذى مازال قائمًا داخل المجتمع الأمريكى بشأن أسباب الاقالة فى هذا الوقت الذى يقوم فيه كومى بالتحقيق فى تدخل روسيا فى الانتخابات الأمريكية من خلال التنسيق مع أعضاء حملة ترامب فضلًا عن تزامن هذا الحدث مع زيارة وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف لواشنطن ولقائه لأول مرة مع ترامب بعد توليه منصبه. ولاقى قرار إقالة كومى الكثير من الانتقادات فى واشنطن، ووصف الديمقراطيون فى مجلس الشيوخ قرار الاقالة بأنه أمر شبيه بقرار الرئيس الأمريكى السابق ريتشارد نيكسون إقالة القاضى المستقل الذى كان يحقق فى فضيحة ووترجيت وأعرب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ ريتشارد بور عن قلقه من توقيت إقالة كومى وأسبابها. وفيما أوضح أمام لجنة الاستخبارات فى مجلس النواب أن «إقالة كومى يثير أسئلة رئيسية عما إذا كان البيت الابيض يتدخل بشكل وقح فى أمر جنائى»، فقد دعا تشاك شومر زعيم الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ إلى تعيين قاض مستقل للتحقيق فى مزاعم وجود تنسيق بين روسيا وفريق حملة ترامب الانتخابية وإلا سيكون من حق الامريكيين التشكيك فى قرار إقالة كومى وأن سبب إقالته ليس بسبب الرسائل الالكترونية الخاصة بهيلارى كلينتون بل محاولة للضغط على التحقيق فى تلك المزاعم. ودافع ترامب وإدارته عن القرار قبل ساعات من لقائه بوزير الخارجية الروسى وقال «سيتم استبدال كومى بشخص سيؤدى مهامه بصورة أفضل» مضيفا «خسر كومى ثقة الجميع تقريبا فى واشنطن الديمقراطيون والجمهوريين». وقال فى وقت سابق «إن الديمقراطيين والجمهوريين سيشكروننى على حد سواء من قرار الاقالة». وقال مساعدو ترامب إن الرئيس أقال كومى بسبب توصيات من المدعى العام ونائبه الذين كتبا مذكرة مفصلة عما اعتبر أنه معالجة معيبة للتحقيق عن استخدام الايميل الخاص كوزيرة للخارجية. وقال البيت الابيض إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب كان يفكر فى إقالة المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالى جيمس كومى منذ توليه الرئاسة. وتدخلت روسيا فى الجدل الدائر حول اسباب اقالة كومى، نافية أى دور لها فى هذا الأمر، فبالرغم أن سؤال أحد الصحفيين كان موجهًا لوزير الخارجية تيلرسون أثناء لقائه بنظيره الروسى سيرجى لافروف فى واشنطن عن علاقة روسيا بقرار الاقالة أبدى لافروف استياءه من هذا السؤال مشيرًا إلى عدم علاقة روسيا بالقرار. ووصف ديمترى بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إقالة كومى بأنها أمر داخلى لا شأن لروسيا به ولا يجب أن يكون لروسيا شأن بالامر. وأظهر ترامب تناقضًا حادًا بشأن تلك القضية فبالرغم من وصف الرئيس الأمريكى التحقيق فى علاقة روسيا بالانتخابات الأمريكية بأنه مضيعة لأموال دافعى الضرائب منكرًا أى علاقة بروسيا فى فوزه اعترف بأنه حصل على تطمينات من كومى بأنه ليس قيد التحقيق فيما يخص تلك القضية ففى أحد اللقاءات التى أجراها مع الصحافة أشار ترامب إلى ثلاث محادثات أجراها مع كومى بشأن التحقيق، وقال إن مدير المباحث الفيدرالية السابق أكد له فى كل محادثة أنه ليس قيد التحقيق وكانت أحد هذه المحادثات فى عشاء بالبيت الأبيض عندما كان كومى يسعى للبقاء فى منصبه، وكان كومى الذى بدأ الحديث فى هذا الشأن مع ترامب وفى محادثتين عبر الهاتف سأل ترامب كومى عما «إذا كان من الممكن أن تدعنى أعرف إذا ما كنت قيد التحقيق «ورد عليه كومى» أنت ليس قيد التحقيق وكشف ترامب عن نفسه أكثر، مؤكدًا شكوك المرتابين فى الأمر عندما غرد على تويتر قائلا «جيمس كومى أفضل الأمل أنه لا توجد شرائط مسجلة لمحادثاتنا قبل تسريبها للصحافة». وهو أمر ربما يكشف عن وجود أسرار بين ترامب وكومى فيما يخص علاقة روسيا به وبفريقه الانتخابه وربما يكشف أيضًا عن الأسباب الحقيقية لتلك الاقالة إذا تم تسريب تلك الشرائط لوسائل الاعلام. حيث أكد موظفون سابقون لدى ترامب لصحيفة النيويورك تايمز أن الرئيس كان يسجل بعض مكالماته الهاتفية أثناء حملته الانتخابية واللقاءات التى عقدها فى «برج ترامب» مع مساعديه وشخصيات أخرى. ويبقى السؤال هل يواجه الرئيس ترامب نفس مصير سلفه الأسبق نيكسون بعد الكشف عن الشرائط المزعومة التى ربما تؤكد تورطه فى التنسيق مع روسيا للتأثير على سير الانتخابات الرئاسية لصالحه ومن ثم يكون ثانى رئيس أمريكى يترك منصبه بفضيحة مدوية؟