يجرى الفأر الشقى ويتفوق على القط فى المقالب التى نراها ونضحك عليها لينتهى الكارتون ويظهر شعار عالم والت ديزنى فى نهاية «التتر». ماذا لو قلت لك: إن توم وجيرى فى الأصل حدوتة مصرية ظهرت تفاصيلها على جدران المعابد القديمة قبل اكثر من 3300، وكان النزاع بين القط والفأر موضوعا عاما للأدب الشعبى الفرعونى كما يقول عماد مهدى الباحث الأثرى فى علم المصريات القديمة. ولم يصلنا منها إلا ما تم تدوينه كتابة فبقى لنا محفوظا وقد حظيت الحيوانات بنصيب وافر من قصص المصريين القدماء الذين قدسوها واعتبروها رموزا لآبائهم ثم ما لبثوا أن عبدوها قبل سنة 3000 قبل الميلاد. وكان القط من أكثر الحيوانات تقديسا وذكرًا فى النصوص والقصص الفرعونية المسجلة فوق جدران المقابر والمعابد المصرية القديمة. وتروى تلك النصوص إن مصر عرفت نوعا من القطط البرية يسمى «شوس» منذ عصور ما قبل التاريخ وكان يوجد دائما قرب حدود الصحراء وكان «شوس» القصير الذيل والممتلئ الجسم صيادًا شرسًا وميالًا إلى الاعتداء على الدوام. وهناك أيضا «القط العظيم» الذى ذكر فى كتاب الموتى بأنه «كائن شمسى يحمى الناس ويمزق الافعى أسفل جذع الشجرة المقدسة». أما القط المصرى الأليف الودود المبهج، فترجع أول إشارة له إلى حوالى سنة 2100 قبل الميلاد فكان اسم أحد رجال حاشية الملك منتوحب الاول «القطة» وإلى هذا التاريخ أيضا تنسب أول مومياء عرفت لهذا الحيوان. ومنذ عصر الدولة الوسطى شاع استعمال صور القطط فى زخرفة جدران المصاطب. بل اعتبروه إلهًا وأقاموا له معبد «القطة « وهو تحفة نادرة فى منطقة تل بسطة بالشرقية. وقد أودع قدماء المصريين فى معبد «القطة» كثيرًا من التماثيل للقطة فى صور شتى. لكن المدهش كما يقول عماد مهدى هو ما أكده خمسة من علماء المصريات الأجانب هم «جان دوريس وإف.إل. ليونيه وأيه.أيه. إس إدواردز وجان يو. يوت وسيرج سونرون « فى كتابهم الموسوعى «معجم الحضارة المصرية القديمة» بإن المصريين عرفوا «تومى» و»جيرى» قبل أكثر من 3300 سنة وأن النزاع بين القط والفأر كان موضوعا عاما للأدب الشعبى فى تلك الفترة حيث عثر على العديد من الصور المرسومة على «الاوستراكا» وعلى أوراق البردى بشكل تهكمى ومكتوب عليها «تصبح القطة عبدة لدى مدام فأرة» ويهاجم جيش من الفئران فرقة القطط المسكينة المحبوسة فى قلعة ويُرجع علماء للمصريات بينهم الأثرى المصرى أحمد صالح عبد الله أول ظهور لرسم كاريكاتيرى للقط والفأر إلى حوالى عام 1300 قبل الميلاد. لكن المصريين الذين مهما صادفهم من سوء حظ تجدهم مبتسمين على الدوام رمزوا لنزاع القط والفأر بصراع الملك والشعب، فكان يرمز بالقط إلى الملك وبالفأر إلى الشعب، لكن الفأر النحيل الجسد فى قصص وصور المصريين القدماء كان هو المنتصر دائما. بقى أن نعرف أن القط وفد إلى أوربا من مصر عن طريق بلاد الإغريق الذين أدهشهم تقديس المصريين القدماء للحيوانات- ويعتقد الكثيرون من المتخصصين فى علوم الحيوانات أن القطط الانجليزية القابعة على أسطح المنازل تنحدر من سلالة القطط المصرية. توم وجيرى واحد من أشهر مسلسلات الكارتون التى غزت بها الولاياتالمتحدة عقول أطفال العالم وهى عبارة عن حلقات كرتونية أجنبية عن الصراع بين القط «توم» والفأر «جيري» وهى من ابتكار؟ شخص أمريكى من أصل سوري، وهو ابن الفنان إبراهيم عبود حنا.وقد كان أول ظهور لشخصيتى «توم وجيرى» فى حلقة بعنوان «puss gets the poot» عام 1940، ووصلت عدد حلقات المسلسل إلى 162 حلقة، كان آخرها عام 2005. لكن المدهش هو تلك الحقيقة التى أكدتها مجموعة من علماء المصريات الأجانب وهى أن قدماء المصريين هم أول من عرف توم وجيرى حيث احتوت القصص الشعبية للمصريين القدماء «الفراعنة» على العديد من الحكايات التى تقوم حبكتها على وجود صراع دائم بين القط والفأر.