الأمم المتحدة تدعو العالم للاحتفال باليوم العالمى للسعادة الذى يحل هذه الأيام هذا الخبر آثار داخلى شجونًا ووضعنى أمام سلسلة لا تنتهى من التساؤلات وبعيدًا عن تصدرنا مراكز متأخرة فى مؤشر السعادة العالمى وبعيدًا عن الشقيقة الإمارات التى استحدثت بها وزارة للسعادة. قرأت الخبر وسألت نفسى: هل أنا سعيدة؟ وما السعادة؟ ثم اتسعت دائرة الجدل مع النفس ووجدتنى أمام تساؤل أكبر: هل المصريون سعداء؟ وهل لنا ان نحتفل بهذا اليوم فى مصر؟ وهل تحتاج مصر لوزارة سعادة حتى نشعر بها؟ فمن يتأمل وجه أى مواطن أو مواطنة مصرية لن تجد فيه أى ملمح للسعادة أو حتى الرضا، فقد انعكست معاناته اليومية على ملامحه التى يكسوها العبوس والقلق فهو ما بين صباح ومساء يكابد ضغوط الحياة اليومية ويئن تحت وطأة أزمات تتلاحق عليه مثل النكبات. وأصبح الهاجس بعدم القدرة على مواصلة الصمود لتلبية الاحتياجات الملحة فى مواجهة التحديات يقتل الأمل فى نفوس البسطاء والطبقة المتوسطة التى أصبحت تتهاوى. ولا أدرى لماذا استدعت الذاكرة قراءاتى لتجارب الدول الغربية التى بدأت من تحت الصفر باقتصاديات خربة خلفتها الهزيمة فى الحرب العالمية الثانية ولكنها تداركت سريعا ما ألم بها فبدأوا نهضتهم بإعادة بناء الإنسان قبل المجتمع. وكانت البداية بزراعة الأمل فى نفوس مواطنيهم فتحولت من دول منهارة متعثرة إلى كيانات اقتصادية عملاقة وقلاع صناعية وتحققت المعجزة. فالحرب دمرت اقتصادهم ولكنها لم تقتل قدرتهم على الحلم ولم تهدم معاول الإحباط ثقتهم فى غد مبهر فلماذا لا ننظر لتجربتهم إن كانت لدينا إرادة حقيقية للتنمية؟ ولنبدأ أولًا بصناعة الأمل وليس بتردديه شعارات جوفاء بل إن له ما بعده فعلينا بإطلاق خطط تنموية ومشروعات قومية عملاقة شعبوية، تترسخ وتتأصل أهميتها للشعب المصرى فى انعكاسها المباشر على مستوى معيشته. وبإصدار تشريعات قادرة على إحداث نقلة نوعية فى حياة المواطن المطحون يوميًا الذى ييأس فى خضم الأعباء التى تتزايد عليه يوما بعد يوم. امنحوا الأمل لليائسين فى غد مشرق. بشروا المصريين ان لمعاناتهم نهاية ومردودًا، استنهضوا الشعب وجيشوه حتى تتحول طاقة اليأس إلى طاقة عمل جبارة تكون قادرة على الإنجاز والتخيل والإبداع وصناعة المعجزات. وهذا ما فعله الراحل جمال عبدالناصر عندما أراد ان يحقق نهضة ومعدلات تنمية فى ظل تحديات دولية وإقليمية، فحشد ظهيرًا شعبيًا له من البسطاء وبدعم غير مسبوق جعلهم يشاركونه أحلامه بمصر الجديدة. لا نحتاج وزارة للسعادة بل نحتاج لزراعة الأمل الذى فقدنا ملامح الطريق إليه. نحتاج ستعادة روح الإنسان المصرى.. فهل نستطيع ان نفعل كلمة السر؟!