نحن نملك مقومات النجاح.. لدينا إمكانيات بشرية ضخمة ولكنها للأسف مثل الحروف الصامتة لا تأهيل أو تدريب يلاحق التطور الزراعي والصناعي. لدينا بالأمس واليوم علماء طاقة يستطيعون أن يلبوا احتياجات مصر من الطاقة المتجددة والنووية بجانب طاقة السد العالي والمحطات الكهربائية ولكننا مازلنا نستورد من يبني لنا محطات الطاقة النووية ويجدد لنا المحطات القائمة. نحن نفتقد الاستغلال الأمثل لمواردنا الطبيعية ونترك للآخر الأجنبي أن يأتي لاستيرادها ثم إعادة تصنيعها وإعادتها إلينا في ثوب جديد صناعي أو معدني بأسعار خيالية أي أننا نقدم المادة الخام وننتظر الاستيراد منه لتلبية احتياجاتنا مثلما حدث ابان فترة الاستعمار الإنجليزي عندما كانت مصانع لانكشاير تستورد القطن المصري المأسوف عليه الآن محليا ودوليا ثم تعيده إلينا في منسوجات وملابس وأصبحنا بعد مرور الزمن الذهبي للقطن نستورد القطن قصير التيلة. هذا الخط السلبي في معادلة الاقتصاد والتجارة انعكس علي مصر سنوات طويلة حتي صرنا نتندر علي الأيام الخوالي التي كانت لنا فيها اليد الطولي في التجارة العالمية من خلال قناة السويس. الآن نحاول جاهدين أن نعالج أخطاء الماضي وتصحيح المسار الاقتصادي والتجاري بيننا وبين العالم بوضع خطط مدروسة والبعد عن العشوائية وبعرض مشروعات ضخمة أهمها تنمية إقليم قناة السويس بدءا من حفر القناة الموازية لزيادة مرور السفن والحاويات وإنشاء مشروعات علي ضفتي القناة. أصبحنا نتحرك في طرق موازية في كل مناطق مصر لضخ المزيد من المشروعات العملاقة من إنشاء عاصمة جديدة وزراعة مليون فدان وإنشاء مدن سياحية وصناعية في الساحل الشمالي ولا نترك لهذه المشروعات أن تتعثر أو تنعزل بل هناك شبكة طرق جديدة لا تقل أهمية عن حفر القناة الجديدة.. فتيسير حركة مرور البشر والسلع إنما هي من أركان الاستثمار الرئيسية وليست مشروعات هامشية. مصر تخطو بثقة في الله وفي شعبها وفي أصدقائها بأن مصر المستقبل تبني علي أساس صحيح وليس عشوائيا وأنها استعادت إرادتها في رسم ملامح هذا المستقبل الذي تري فيه مصلحة الوطن والمواطنين من تخفيض نسبة التضخم وزيادة النمو والقضاء علي البطالة ونشر الأمن والأمان بعد القضاء علي الإرهاب حيث أكدت مصر من خلال انعقاد المؤتمر في شرم الشيخ قدرتها علي التنظيم والحفاظ علي الأمن في مدينة السلام ولم يستطع الإرهاب أن يعكر صفو هذه الصورة الجمالية الاقتصادية. إنني استنهض الحكومة أن تبدأ في إعداد الجيل العامل في هذه المشروعات الضخمة وأن تبدأ وزارة التعليم الفني المستحدثة في وضع الخطط لتخريج جيل يتماشي مع التطورات التي تحدث كل دقيقة سواء باستقدام علماء مصريين أو أجانب أصدقاء لمساعدة مصر في إعداد الدراسات اللازمة ليصبح عندنا جيل وراء جيل كما كان يحدث في الأمس البعيد من استقدام للعمالة المصرية في أرجاء الدنيا. علماؤنا وأبناؤنا ومواردنا الطبيعية التي حبانا بها الله تحتاج إلي الإرادة والقدرة علي إدارة كل أركان المنظومة البشرية والطبيعية حتي يثق المستثمر فينا ولا يغادر أبدا بل يزيد من استثماراته ويعتبر نفسه وسط أهله، خاصة أن الشعب المصري بطبيعته ودود محب للزائر والضيف لديه مفاتيح التعامل مع كل الأجانب والعرب. أبناء مصر.. دوركم ضخم في تفعيل وضع النقط فوق الحروف وبدونكم ستصبح الاستثمارات مكونات اقتصادية تفيد المستثمر أكثر والقليل يكون من نصيب بلدنا ومواطنينا.. فهل نحن بذلك نتجه إلي المستقبل أم نعيد صورة الماضي؟