فى الحادى عشر من ديسمبر 2014 أصدرت الدعوة السلفية بيانا تأييدا للأزهر فى رفضه تكفير داعش. وهو ما حدا بالبعض إلى أن يعزو سبب رفض الأزهر تكفير داعش إلى وجود لوبى سلفى داخله، وهو الذى كان وراء خروج البيان المذكور. وهنا يتساءل البعض: هل غاب عن هؤلاء أن جرائم داعش من ذبح وحرق واغتصاب وتعذيب وبتر للأعضاء على مشهد من العالم أجمع ما هو إلا تشويه وتدمير للفقه الاسلامى؟ ثم كيف لا يكفر الأزهر من يكفر مؤمنا، فأفعال الداعشيين كفيلة بأن تجعلهم لا يمتون إلى الاسلام بصلة، فلقد تقمصوا الاسلام لتمرير فكرهم الظلامى، ومضوا على طريق الضلال فاستباحوا الدماء وانتهكوا الأعراض ونهبوا الأموال وأفسدوا فى الأرض. إنهم الفئة الباغية التى تبنت مناهج باطلة وغدت تمثل خطرا فادحا على المجتمعات وعلى الشباب ولهذا كان يتعين تكفيرهم. زاد من خطورة أفكارهم الضالة عندما أعلن «إبراهيم عواد البدرى السامرائى» وشهرته «أبو بكر البغدادى» خلافته لتنظيم ما أسماه بالدولة الاسلامية لتزداد خطورة فتاويه مع ما رافقها من أعمال إبادة للأبرياء والسيطرة على مساحات شاسعة فى سوريا والعراق وليبيا ومناطق أخرى لبناء مجتمع وفق الرؤى الارهابية المتطرفة. تبنوا عقيدة ترتكز على تكفير كل من لم يكن معهم وقتل كل من يخالف عقيدتهم. استدعوا بذلك أفكار «ابن تيمية» التى جرى إحياؤها مع «محمد عبدالوهاب» وأتباعه. اليوم تتكرر الصورة ولكن بأساليب مغايرة لتتم صياغتها فى قوالب جديدة لخداع الناس بحيث يجعلهم يتعلقون بها بوصفها تستدعى أمجاد الخلافة الاسلامية رغم أنها بعيدة كلية عن الدين الاسلامى حيث إنها تدعو إلى القتل والاجرام والارهاب. لدى الدواعش آراء عجيبة فى الكثير من القضايا الشرعية وتصورات غريبة تدل على الجهل بكتاب الله وسنة نبيه ومنها حرمة تقبيل المصحف الشريف. والأخطر هو هدر دماء المسلمين ممن يعارضونهم واستباحة أموالهم. منهجهم يعتمد على الغلظة والارهاب وذبح المعارضين لهم وحرقهم أحياء، فلقد فاقت جرائمهم كل ما عرفه العصر الحديث من الدموية والوحشية. ويحار المرء كيف يمكن لعلماء الدين الاسلامى تكفير البعض لأفكاره بينما لا يتم تكفير هؤلاء على أفعالهم. والنماذج كثيرة، فلقد سبق أن تم التشكيك فى عقيدة الامام» محمد عبده» مفتى الديار المصرية مما اضطره إلى التخلى عن منصبه كمفتٍ للديار وترك الأزهر. وهناك واقعة عزل الشيخ الأزهرى القاضى» على عبدالرازق» من القضاء بعد أن دعا فى كتابه «الاسلام أصول الحكم» إلى مدنية الدولة وقال إن الخلافة ليست لها أصول فى الدين الاسلامى. وهناك المفكر «فرج فودة» الذى صدرت فتاوى بارتداده بسبب نقده للدولة الدينية ودعوته للدولة المدنية. وهناك» نصر حامد أبوزيد» الذى تم تكفيره بسبب بحث قدمه حول نقد الخطاب الدينى وليس الدين، ولهذا جاء تكفيره بغير تدبير. كما جرت محاولة ضد الروائى» نجيب محفوظ»بعد أن اتهم بالكفر والالحاد لروايته «أولاد حارتنا» وانتهت الأزمة بعدم نشر الرواية فى مصر. كما تم اتهام الشاعر «حلمى سالم» بالكفر بسبب قصيدته «شرفة ليلى مراد»، فلقد رفع الأزهر تقريرا إلى المحكمة واتهم فيها الشاعر بالكفر. كما اتهم الأديب « طه حسين» بالتعدى على دين الدولة فى كتابه «الشعر الجاهلى» ليأتى التكفير بعد ذلك من المتشددين. وهناك المفكر الاسلامى» خالد محمد خالد» الذى اتهم بالتعدى على الاسلام من خلال كتابه «من هنا نبدأ» وكان أن تمت مصادرة الكتاب. فكيف يتم تكفير هؤلاء لمجرد طرح أفكارهم دون حجة جلية واضحة تدعو إلى تكفيرهم، فالآراء التى تطرقوا إليها هى مجرد محاولة للفهم وليست قرآنا. تم تكفير هؤلاء رغم أن أبحاثهم وأعمالهم والقصد من ورائها أمره إلى الله سبحانه وتعالى ،أما داعش الذى يجسد الارهاب والتوحش فيظل بمنأى عن التكفير!!