بعد 40 يومًا من السير على الاقدام في غابات جنوب السودان والكونغو وبعد الهروب عشرات المرات من قصف طائرات سلفاكير وأكمنته العسكرية ومصارعته الوحوش والثعابين ورغم اصابة ساقه وتورم قدماه ونفاد اطعمته واغذيته وبطاريات هواتفه المحمولة،نجح الدكتور رياك مشار خصم ونائب الرئيس الجنوب سوداني،سلفاكير،في الوصول الى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. ورغم تعدد رويات الهروب إلا أن الصحف الكينية ذكرت السبت الماضي ان طائرة سودانية تحمل مسئولا رئاسيا وقوات خاصة سودانية هي من انقذت رياك مشار من الغابات الى أديس أبابا بمشاركة قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة بالكنغو مشار الذي هرب من جوبا عاصمة بلاده في الحادي عشر من الشهر الماضي اثر اشتباكات عنيفة بين قواته والحرس الجمهوري، هو زعيم قبيلة النوير ثاني اكبر قبيلة في جنوب السودان بعد قبيلة الدينكا التي ينتمي لها الرئيس سلفا كير ودخل الطرفان في حرب اهلية طاحنة في ديسمبر 2013 أدت الى مقتل عشرات الالاف ونزوح ولجوء مليوني ونصف مليون جنوبي الى خارج البلاد وارتكبت في هذه المعرك ابشع انواع الجرائم ضد الإنسانية من قتل وحرق للناس احياء وأكل لحوم الخصوم وابادة الناس على الهوية وتدمير المنشآت الصحية والتعليمية والدينية،خاصة وان طرفي الحرب هما الأكثر قوة على الاطلاق في جنوب السودان فالدينكا التي ينتمي اليها الرئيس سلفا كير وأبرز قيادات البلاد الامنية والعسكرية، يقتربون من نصف سكان البلاد وينتشرون في كل ولاياتها قريبا ويعتبرون أنفسهم ليس فقط اصحاب وأسياد جنوب السودان ولكن السودان كله وهم متهمون من القبائل الصغرى بالهيمنة على السلطة والثروة في البلاد ونجح سلفاكير مؤخرا في تشكيل قوات خاصة من بينهم تسمى قوات التايجر وهي مكلفة بتأمين الرئيس وأشارت تقارير صحفية أن هذه القوات تلقت تدريباتها في اسرائيل التي تساند كير. والنوير يعرفون بأنهم مقاتلون اشداء وكانوا يشكلون 70٪ من قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان التي حاربت حكومات شمال السودان طلبا لفصل الجنوب منذ علم 1983 وحتى توقيع السلام في 2005 ومن بين النوير تشكل الجيش الابيض الذي يضم عشرات الآلاف من شباب النوير الذين يؤمنون بضرورة تحقيق نبوءة زعيمهم الديني بأن النوير سوف يحكمون البلاد من خلال نويري ولا يحمل تشريطات النوير في وجهه وهو ما ينطبق على مشار وقصة هروبه ستضفي عليه طابعا أسطوريا آخر.