رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    عاجل - سعر الدولار مباشر الآن The Dollar Price    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    جيش الاحتلال يُقر بمقتل رقيب من لواء المظليين في معارك بقطاع غزة    زيلينسكي: الهجوم على خاركيف يعد بمثابة الموجة الأولى من الهجوم الروسي واسع النطاق    خالد أبو بكر: مصر ترفض أي هيمنة غير فلسطينية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    أكسيوس: محاثات أمريكية إيرانية غير مباشرة لتجنب التصعيد بالمنطقة    إنجاز تاريخي لكريستيانو رونالدو بالدوري السعودي    نصائح طارق يحيى للاعبي الزمالك وجوميز قبل مواجهة نهضة بركان    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    التشكيل المتوقع للأهلي أمام الترجي في نهائي أفريقيا    موعد مباراة الأهلي والترجي في نهائي دوري أبطال أفريقيا والقناة الناقلة    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    تدخل لفض مشاجرة داخل «بلايستيشن».. مصرع طالب طعنًا ب«مطواه» في قنا    أحمد السقا يرقص مع ريم سامي في حفل زفافها (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 18 مايو بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    "الدنيا دمها تقيل من غيرك".. لبلبة تهنئ الزعيم في عيد ميلاده ال 84    عايدة رياض تسترجع ذكرياتها باللعب مع الكبار وهذه رسالتها لعادل إمام    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    محكمة الاستئناف في تونس تقر حكمًا بسجن الغنوشي وصهره 3 سنوات    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    الأرصاد تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة التي تضرب البلاد    هل يمكن لفتاة مصابة ب"الذبذبة الأذينية" أن تتزوج؟.. حسام موافي يُجيب    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ الأسواني أحد المتهمين بأغتيال السادات: للأسبوع

محمد الأسواني، سر الأسرار وحكاية الحكايات، صاحب التفاصيل المثيرة والأحداث الغريبة والحياة المليئة بالروايات والذكريات.. إنه الأسواني الذي تحدثت عنه مصر حينما اعتقل وحينما هرب
وحينما عاد..
هو الرجل الذي حمل فوق ظهره زمناً يشهد الآن علي العصر، إنه السجين الذي سطر في سجله أنه 'أول سجين سياسي هارب من معتقلات مصر' في زمن لم يكن الهروب فيه حتي مجرد حلم للمتفائلين خلف القضبان، إنه الأسواني الذي صار في زمانه أسطورة يتحاكي بها الأمن و حكاية تروي للكبار وللصغار.. هو السجين الذي عاش داخل زنزانة انفرادية لمدة عشرة أعوام كاملة لا يعرف ما يدور خارج حدود زنزانته ولا يعرف شيئاً عن أهله ولا هم يعرفون شيئاً عنه، كان الأسواني ضمن الدفعة الأولي التي أنشئ لأجلها سجن العقرب فكان من أوائل سجنائه في مرحلة شديدة القسوة وبالغة الصعوبة، هو الرجل الذي لا تكفي لسرد رحلته مجرد صفحة في جريدة ولن يكفيها حتي كتاب، هو الأسواني ابن الأسرة ميسورة الحال، دخل السجن وكان في العشرينيات من عمره، وخلف القضبان أمضي أكثر من ثلاثين عاماً، فيها رحل الشباب و ضاعت الصحة ومضي العمر، قال لي: 'اعتبرينا اليوم في عداد الأموات'!
إنه 'محمد محمود محمد صالح' الشهير ب 'محمد الأسواني' 53 سنة، خريج كلية الآثار جامعة القاهرة.
القضية الأولي التي اتهم فيها عام 1981 هي قضية الجهاد القديم - اغتيال السادات - و قد حملت رقم 462/81 أمن دولة طوارئ، أما القضية الثانية التي اتهم فيها بينما كان معزولاً في سجنه فتحمل رقم 5/95 جنايات عسكرية، وتسمي 'طلائع الفتح'
التقيناه في أحد مكاتب سجن العقرب شديد الحراسة - وكان هذا الحوار:
متي بدأت حكاية قضاياك يا شيخ أسواني؟
منذ أن كنت في الجامعة عام 1975، كان زملائي مزيجاً من الليبراليين والماركسيين والإسلاميين، لم تكن طبيعة شخصيتي تتواءم مع أحد غير الإسلاميين، فالإنسان بطبيعته يحب التدين وهو الفطرة الطبيعية التي فطرنا الله عليها.
تقصد أنك انضممت إلي الجماعة الإسلامية في هذا الوقت؟
لم تكن هناك جماعة إسلامية بالمعني المفهوم، كنا بعض الطلبة الملتزمين الذين يحاولون السير علي منهج الدين وتطبيق تعاليمه، ومن ثم كنا نحلم بالتغيير.
تقصد الحكم الإسلامي أو الدولة الإسلامية؟
في هذه الفترة كنا نحلم بالتغيير للأفضل وأن تكون الحكومة من الشعب بعيداً عن الحكومة العسكرية.
ولماذا تغيير حكومة العسكر التي كان انتصارها الساحق علي العدو الصهيوني في حرب أكتوبر مازال يتغني به ليس المصريون آنذاك بل العالم كله والنظام وقتها كان يحظي بشعبية عالية؟
رغم انتصار أكتوبر إلا أننا كانت لدينا تحفظات علي هذا الانتصار فقد كنا ندرك أن شيئاً ما حدث جعل مصر تتوقف في معركة الثغرة ولا تكمل انتصارها لسحق العدو، وكان هذا الأمر محل جدال وخلاف كبير وقتها.
ألم يقنعكم وقتها كل ما قيل عن التدخل الأمريكي بقوة للضغط علي مصر لوقف إطلاق النار لصالح العدو الصهيوني وأن مصر وقتها لم تكن لتواجه فقط جيش العدو المنهزم بل كانت ستواجه أمريكا نفسها بكل قوتها وتفوقها العسكري خاصةً أن مصر خاضت الكثير من المعارك التي استنفدت قوتها وعتادها بدءاً من النكسة ومروراً بحرب الاستنزاف ثم أكتوبر؟
كنا نفكر أن دحر العدو كان ممكناً ومتاحاً ونعلم أن شيئاً ما حدث لكننا لم ندرك ما هو، فنحن المنتصرون، ولو فكرنا بهذا المنطق فإن الفرق في التفوق العسكري بيننا وبين العدو كان مائة سنة ورغم هذا انتصرنا، فلماذا التوقف عند هذه النقطة؟!
في هذه الفترة هل كان الإسلاميون يفرضون سلوكاً أو نظاماً معيناً علي بقية الطلبة في الجامعة؟
كل ما كنا نفعله هو المواظبة علي الصلاة في المسجد وقراءة القرآن، وأحياناً كنا ندعو زملاءنا بالحسني للصلاة ونذكرهم بها، وكنا ننصح من يتصرف بأسلوب غير لائق مع الأخوات من الطالبات حفاظاً عليهن لكننا لم نتعرض يوماً لأحد علي الإطلاق كما كان يروج عنا بعد ذلك، وكنا نري أن النموذج الإسلامي للحكم هو النموذج الوحيد المفروضة تجربته، رغم تجربة الحكم الملكي وحكم العسكر.
لكن مصر طول عمرها دولة مدنية وليست دينية وهي طبيعة الشعب المصري الذي لا يفرق بين المسلم والقبطي.
ولماذا نفرق، الأقباط طوال عمرهم يعيشون في أمان بين المسلمين الأغلبية ولم يتعرض لهم أحد قط بسوء، حتي في ذروة ما كان يقال عن جمهورية إمبابة الإسلامية وفي ظل انتشار الإسلاميين في إمبابة وفي العديد من الأحياء الشعبية لم نسمع منذ الثمانينيات عن حادثة فتنة طائفية واحدة، من كان يروج لذلك هو الأمن، فقد كان هو المستفيد الوحيد من فزاعة الإسلاميين.
متي كان أول احتكاك معك بالأمن؟
حينما خرجنا في مظاهرات الجامعة اعتراضاً علي استقبال مصر لشاه إيران بعد قيام الثورة الإيرانية تعرضنا للضرب بمجرد محاولتنا الخروج من بوابة الجامعة، ولو كانت لدينا الفرصة للتعبير السلمي عن رأينا ومنحنا طريقةً لتوصيل كلمتنا ما ظهرت التنظيمات السرية التي تسبب الأمن نفسه في تكوينها بالضغط والتضييق علي شباب في قمة حماسهم وقوتهم.
يعني.. انضممت لتنظيم سري يا شيخ أسواني؟
أيوه.. لكن التنظيمات السرية وقتها لم تكن تنظيمات مسلحة، عبارة عن كلمات تقال فقط.. كان الإعلام في هذه الفترة يعرض بصفة دائمة فيلم 'الكرنك' لإرهاب الناس، وقتها كنت أدخر نصف مصروفي في حصالة خاصة استعداداً لما قد يطلب مني من أموال..
كيف استقبلتم كامب ديفيد؟، وما رد فعلكم عليها آنذاك؟
لم يكن أحد يتخيل أن تحدث كامب ديفيد، فقد كنا نحن المنتصرين وكامب ديفيد بها العديد من البنود المليئة بالتنازلات المصرية أولها إشكالية التواجد العسكري في سيناء فسيطرتنا علي سيناء سيطرة شرفية فلو أراد الصهاينة استردادها في ساعات سيستردونها، فضلاً عن تعويم قضية القدس وهي القضية الأساسية لدي المسلمين و هناك الكثير من التنازلات في الاتفاقية لصالح العدو الصهيوني، ولم يكن الإسلاميون فقط هم المعترضين علي الاتفاقية بل غالبية الشعب المصري والعربي أيضاً، هذا فضلاً عن معترضين في الجيش آنذاك وهو ما جعل عبود الزمر وغيره يفكرون في اغتيال السادات، وحينما تحدث السادات عن إمكانية ذهابه للكنيست الإسرائيلي اعتقدنا أن ذلك مجرد مناورة سياسية وليس أكثر.
قضيتك الأولي هي اغتيال السادات، فلماذا اتهمت في تلك القضية وما كان دورك فيها؟
كنا ننتظر انتهاء نظام السادات والتعويل في ذلك كان علي الجيش، فأفراد الجيش المصري هم من الشعب يشعرون بنفس إحساسه بالمذلة والمهانة لما كان يحدث، وقتها كانت الحوارات تدور بيننا وكان السؤال الذي دائماً ما كنا نسأله: ماذا نفعل إزاء ما يحدث؟ وكان بيننا أخ مقرب لي هو صلاح بيومي، كان يجلس معنا ونتناقش فيما نريد فعله، ويوم اغتيال السادات كنت في المسجد وسمعت الخبر فأسرعت إلي البيت وفتحت التلفاز فلم أجد شيئاً، ولكن بعدها ظهر مبارك بيده المصابة وأعلن عن موت السادات.
وماذا كان رد فعلكم عندما سمعتم الخبر في المسجد؟
كانت فرحة عارمة فقد ظللنا نهتف ونكبر بأن ذلك قد حدث وأننا قد انتهينا من حكمه، لم نكن نتحدث عن اغتيال كل ما كنا نتوقعه انقلابا من داخل الجيش وليس اغتيالا.
بعد كل ما عشناه وشاهدناه مع نظام مبارك، هل تري أن اغتيال السادات كان عملاً صائباً وأن التغيير بالسلاح أمر سليم؟
هناك مثل شعبي يقول: 'إللي يشوف عمايل مرات أبوه يعرف حنية أمه' لو كنا نعرف ما سيحدث في عصر مبارك ما كنا فكرنا في التخلص من السادات، أما عن التغيير، فالتغيير أمر وارد ومطلوب بعيداً عن السلاح وأظن أنه طالما ظهر ميدان التحرير وعرف الناس أن سر قوتهم هو ضمتهم علي بعضهم فلن يفكر أحد في حمل السلاح، لو كان هناك علي أيامنا 'ألفية' مش 'مليونية' مثل مليونية التحرير لما قتل السادات.
لم تذكر لي حتي الآن ما علاقتك باغتيال السادات؟
عندما شاهدت من اغتالوا السادات علي التليفزيون لم أصدق نفسي، فقد كنت أعرفهم، أعرف محمد شوقي الإسلامبولي وشقيقه خالد وحسين عباس وعبد الحميد عبد السلام وعطا طايل حميدة، جميعهم كانوا يصلون معي في مسجد آدم وهو مسجد شهير في عين شمس في تلك المرحلة خرج منه العديد من الشخصيات التي ارتبطت أسماؤهم بجماعات العنف كما أطلق عليها آنذاك ذلك فضلاً عن صديقي الذي دائماً ما كنا نتناقش معاً وسط الإخوة وهو صلاح بيومي الذي كان يسألنا عن رأينا في التخلص من السادات وطريقة ذلك، بعد حادثة الاغتيال رأيت صلاح وتحدثنا معاً ولكني شعرت أن به شيئاً غريباً، فقلت له: 'لو فيه حاجة يا صلاح قول لي' فقال: 'لو فيه حاجة ها قولك' ثم مشي.. وفي الساعة 11مساءً يوم 10 أكتوبر فوجئت بعدد من الأشخاص يقتحمون شقتي ويسألون عني، خفت فأنكرت نفسي وادعيت أنني شقيقي الأصغر فقد ظننت أنهم من الصعيد وجاءوا يأخذون بثأرهم منا فعائلتي كان عليها ثأر، ومن جاءوا لا يرتدون ملابس الشرطة، وقتها استطعت الهروب من باب الشقة وكان بعض هؤلاء الأشخاص يقفون علي سلالم العمارة من الداخل وبعضهم من الخارج فلمحني أحدهم من داخل العمارة فأطلق النار عليَ بينما ظن من خارج البيت أن هناك من يطلق النار عليهم من الداخل وأن هناك من يقاومهم فتبادلوا إطلاق النيران مع بعضهم البعض فقتل بعضهم وأصيب آخرون وهو ما جعل هناك بعد ذلك تحفزاً أكثر ضدي، في تلك الأثناء أصبت في ذراعي برصاصة ولم استطع الذهاب لطبيب، وقتها ظللت مختبئاً في مسجد مهجور وكنت أبيت داخل مئذنته، وكل ما فعلته مع إصابتي أنني اشتريت حقنة تيتانوس وأخذتها، ظللت فترة مختبئاً في هذا المكان لفترة وكلما حاولت الذهاب إلي مكان فوجئت بالأمن فيه، هربت كثيراً وكلما كنت أهرب كانت شهية رجال الأمن تتشوق للقبض عليَ، حتي اختبأت عند صديق لي يدعي سمير ويوم تركته جاءت الشرطة لبيته، وألقت القبض عليه هو وزوجته، وأثناء التحقيق معهم ذكر اسمي فأخبرهم أنني علي موعد معه في اليوم التالي وبالفعل جاءوا معه وقت الموعد واعتقلوني.. وفي سجن القلعة كان الاستقبال حافلا بعد طول مطاردات، وتم إدراج اسمي في تنظيم الجهاد - قضية اغتيال السادات - وفي السجن التقيت صلاح بيومي وعاتبته لأنه شارك في التخطيط لاغتيال السادات ولم يمنحني هذه الفرصة.
كيف كان التعامل معكم في هذه الفترة وأنتم أصحاب أهم قضية غيرت النظام في مصر؟
كان أمن الدولة وقتها هو المسيطر علي السجناء السياسيين، ولا أستطيع أن أذكر كم ونوعية التعذيب الذي كنا نتعرض له، فهل يتوقع أو يتخيل أحد أن هناك إنساناً يستطيع العيش في زنزانة انفرادية لمدة عشرة أعوام كاملة لا يعرف شيئاً عن أهله ولا هم يعرفون شيئاً عنه.. بل إنه لا يري الشمس ولا شكل السماء طوال هذه الأعوام العشرة، حينما سمح لنا بالزيارة بعد مرور هذه الأعوام العشرة كان المكان المخصص للزيارة يحمل الكثير من المشاهدات الإنسانية القاسية، فقد سجنت وعمري ثلاثة وعشرون عاماً وحينما جاء أهلي لزيارتي كنت قد تعديت الثلاثين عاماً كان شكلي فيها قد اختلف خاصةً بعد سنوات السجن والتعذيب، عندما نودي علي اسمي وخرجت للزيارة لم أستطع التعرف علي أسرتي، أول يوم في الزيارة حملوا أمي علي كرسي متحرك وعندما نزلت من البيت في طريقها لي توفيت قبل الوصول فأعادوا جثمانها للبيت وجاء إخوتي لرؤيتي في السجن ولم يستطع أحدهم إخباري بموتها وقالوا إنها مريضة ولم تستطع المجيء، وقبلها توفي أبي الكفيف نتيجة إصابته بجلطة دماغية أثناء التحقيق معه بسببي، وكلنا نعرف كيف كانت تدار التحقيقات، عندما رأيت إخوتي لم نعرف بعضنا البعض، وظللنا نبكي كثيراً وقتها.
هل حقاً اتهمت في قضية طلائع الفتح أثناء تواجدك في السجن؟.. وكيف؟
نعم.. اتهمت في هذه القضية لكني لا أعرف كيف، فوقتها كنت مسجونا بزنزانتي الانفرادية لسنوات عديدة لم يسمح لأحد بزيارتي ولم أر خلالها أحداً علي الإطلاق لكنني فوجئت باتهامي بتهمة إمداد جماعة بمعلومات، فلا أنا أعرف أيا من أعضاء هذه الجماعة ولا كيف استطعت أن أمدهم بمعلومات ولا حتي أعرف ماهية هذه المعلومات، الغريب أنني عندما ذهبت إلي جلسة المحاكمة فوجئت بأنني لا أعرف أياً من المتهمين في القضية بل إن اسمي وقتها لم يدرج ضمن المحكومين، فوقت النطق بالحكم سمعت أحكاماً بالإعدام ضد بعض المتهمين وأحكاماً أخري بالمؤبد وثالثة بالسجن خمسة عشر عاماً ولم يذكر اسمي، فناديت علي المحامي الموجود وقتها وكان الأستاذ منتصر الزيات وسألته: وأنا؟! فأجابني: إن اسمي ليس موجوداً في كشوف المتهمين وعندما ذهب للاستفسار عن الأمر صدر الحكم ضدي بالسجن عشرة أعوام بلا أي مبررات!
في عام 1988 استطعت الهروب من سجن ليمان طرة ومعك اثنان من زملائك السجناء السياسيين، ولم يكن في ذلك الوقت الهروب حتي مجرد حلم للمتفائلين.. فكيف استطعتم ذلك؟
ذات يوم فوجئنا بإدارة السجن تعلن عبر الميكروفون أن الضباط الذين كانوا يقومون بتعذيبنا وأقمنا ضدهم دعاوي قضائية قد حصلوا علي أحكام بالبراءة بل إنهم أيضاً حصلوا علي عمرة هدية من الوزارة، هذا الأمر ترك أثراً سيئاً في نفوسنا وجعلنا نريد فعل أي شيء لنأخذ حقنا، قلنا إننا سنموت هنا ولن يكون لموتنا ثمن فعندما لجأنا لأخذ حقنا بالقانون لم ينصفنا، في الوقت الذي كان يموت فيه السجناء مصابين بأمراض سرطانات الرئة والأمعاء والسل وغيرها من الأمراض الخطيرة ولا أحد يتدخل لرحمتهم حتي بالعلاج، شعرنا أن من ماتوا منا دمهم راح هدرا، يومها قررنا الهروب، واستطعنا إعداد حبل مجدول من ملابس السجن الخاصة بنا واستخدمنا بعض العصي الخاصة ب 'المقشات'، وخدمتنا الظروف آنذاك حيث غلب النوم الحراس المجندين وعندما شاهدهم ضباط السجن أثناء المرور ألقوا عليهم الماء ليوقظوهم، فمروا من أمامنا يشكون إلينا فاستضفناهم عندنا وخدرناهم وأخذنا ملابسهم وارتديناها وخرجنا من السجن..
ألم يلاحظ أحد من الحراس ذلك؟
لقد خرجنا دون مقاومة وكانت تحت أيدينا كمية من الأسلحة كان يمكننا الحصول عليها لكننا لم نفعل أنا والرائد عصام قمري و مساعد صاعقة خميس مسلم لكننا في النهاية تمكنا من الهروب وكانت هذه أول مرة في تاريخ السجناء السياسيين في مصر أن يتمكن أحد من الهروب خاصةً في هذه الفترة التي كانت قبضة الأمن تحكم فيها جيداً علينا.. استطعنا عبور الماء المواجه للسجن عن طريق مركب صغير ومنها إلي جزيرة طموه حتي استطعنا الوصول إلي طريق مصر أسوان ونزلنا إلي القاهرة عبر الزراعات.
وكيف ومتي ألقي القبض عليكم؟
ظللنا خارج السجن 13 يوما، اختبأنا في أحد المخازن بمنطقة حدائق المعادي حتي ألقي القبض علينا ولا نعرف كيف لكن قتل عصام قمري وأصبت أنا أثناء هذه العملية، بعدها عرفت أن المعلومات الصادرة للأمن وقتها هي تصفية الثلاثة الهاربين، أنا وعصام وخميس..
وكيف تري الأوضاع في مصر اليوم؟
ميدان التحرير أكبر فرصة للتحرر والتغيير والتعبير عن الرأي، ولابد أن يبقي، أما الجيش فقد كان دوره عظيماً في هذه الثورة المباركة، لكنني أسأل المسئولين اليوم: لماذا أنا هنا حبيس تلك القضبان وقد أصبحت مسناً ومصاباً بالعديد من الأمراض الخطيرة ولا أمثل أي أذي لأحد، فضلاً عن أنني قضيت أكثر من ثلاثين عاماً في السجن فإلي متي سأظل هنا ولماذا؟..
وماذا تنوي فعله حينما تخرج؟
سأعود لعملي.
كنت تعمل محاسباً بوزارة السياحة وهناك وقت تردد فيه كلام مفاده أن الجماعات الإسلامية قالت إن العمل في الحكومة حرام خاصةً في مجال السياحة فما هو تعليقك علي هذا الكلام؟
أولاً.. الرد سيكون عملياً فحينما أخرج سأقوم برفع دعوي قضائية للعودة إلي عملي بوزارة السياحة، ثانياً أبي كان يعمل مدرساً بمعهد الكونسرفتوار وهو المعلم الأول للموسيقار الكبير عمار الشريعي حيث كان والدي كفيفاً ويدرس للمكفوفين وكان يعشق الموسيقي، فمبدأ الحرمانية في الفن ليس الفن نفسه بل مشاهد العري فيه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.