"الأمن السيبراني" في ورشة عمل بجامعة بنها الأهلية    الإجازات الرسمية في شهر مايو 2024.. وقائمة العطلات الرسمية لعام 2024    بالصور.. محافظ الوادي الجديد يزور كنيسة السيدة العذراء بالخارجة    بالصور.. محافظ الشرقية من مطرانية فاقوس: مصر منارة للإخاء والمحبة    محافظة الجيزة : دعم قطاع هضبة الأهرام بمنظومة طلمبات لتحسين ضخ المياه    25 مليون طن، زيادة إنتاج الخضراوات في مصر خلال 2023    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين تمتد إلى اليابان    ريال مدريد يقترب من حسم لقب الدوري الإسباني رسميًا بفوزه على قادش بثلاثة أهداف دون مقابل    إصابة 9 أشخاص خلال مشاجرة بالأسلحة النارية بمدينة إدفو    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    لأول مرة، باليه أوبرا القاهرة يعرض "الجمال النائم"    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    استشاري تغذية يقدم نصائح مهمة ل أكل الفسيخ والرنجة في شم النسيم (فيديو)    التعادل السلبي يحسم السوط الأول بين الخليج والطائي بالدوري السعودي    أمريكا والسفاح !    السفير الفلسطيني بتونس: دولتنا عنوان الحق والصمود في العالم    قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة عامل دليفري المطرية |تفاصيل    السجن 10 سنوات ل 3 متهمين بالخطف والسرقة بالإكراه    غرق شاب في قرية سياحية بالساحل الشمالي    5 خطوات لاستخراج شهادة الميلاد إلكترونيا    "حريات الصحفيين" تثمّن تكريم "اليونسكو" للزملاء الفلسطينيين.. وتدين انحياز تصنيف "مراسلون بلا حدود" للكيان الصهيوني    شروط التقديم على شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. والأوراق المطلوبة    صالون الأوبرا الثقافي يحتفل بيوم حرية الصحافة بمشاركة النقيب    رمضان عبد المعز يطالب بفرض وثيقة التأمين على الطلاق لحماية الأسرة المصرية    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    رسميا .. مصر تشارك بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس 2024    بعد القضاء على البلهارسيا وفيروس سي.. مستشار الرئيس للصحة يزف بشرى للمصريين (فيديو)    دعاء تعطيل العنوسة للعزباء.. كلمات للخروج من المحن    إصابة 8 في انقلاب ميكروباص على صحراوي البحيرة    ميرال أشرف: الفوز ببطولة كأس مصر يعبر عن شخصية الأهلي    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    تشييع جنازة الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة| صور    «الصحة» تعلن أماكن تواجد القوافل الطبية بالكنائس خلال احتفالات عيد القيامة بالمحافظات    بعد رحيله عن دورتموند، الوجهة المقبلة ل ماركو رويس    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    توريد 398618 طن قمح للصوامع والشون بالشرقية    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الوزراء أصدر قراراً بإنشائها.. هل تتحول مؤسسة رعاية أسر شهداء الثورة إلي يد تمسح الدموع وتخفف الآلام؟
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 08 - 06 - 2011

في حي شبرا الذي جاد كغيره من أحياء مصر بعشرات الشهداء خلال ثورة 25 يناير أغلبهم من أسر بسيطة، تجلس أم الشهيد محمد محمود أحمد في أحد أركان البيت البسيط الذي شهد سنوات طفولة محمد وشبابه، لا تقوي
الأم المريضة علي الحركة منذ فراقه ولا تتوقف عن البكاء كلما نظرت إلي طفليه 'سلمي' التي لم تتجاوز العامين والرضيع 'عمر' الذي لم يتجاوز التسعة أشهر، تحمله الجدة علي صدرها وتمسك بصورة أبيه وتقبلها فتنساب دموعها تحاول الصغيرة سلمي أن تمسح دموع جدتها وتنظر فتجد أمها وقد انهارت فترتمي الطفلة في أحضان أمها ثم تنتفض حين تسمع صوت 'توك توك' يمر بالشارع وتجري مسرعة 'بابا جه' تطل بسرعة من الشرفة ثم تعود محبطة باكية 'ده مش بابا هوة بابا هييجي إمتي'، فالأب الشاب الذي لم يتجاوز 29 عاما بدأ يعمل منذ الصغر حتي يساعد أسرته، حتي قرر هو وشقيقه كمال أن يحصلا علي قرض بضمان معاش الأم الذي كان مصدر الدخل الوحيد الثابت للأسرة كي يشتري توك توك ليعملا عليه بعد أن ضاقت بهما سبل العمل والرزق، كان يشعر كغيره من الشباب بالقهر والظلم ويوم جمعة الغضب قرر ألا يعود حتي يرحل النظام بفساده وقهره وظلمه، حاولت الزوجة منعه فقال لها 'هاقول إيه لأولادي لما يكبروا' ثم تركها وودع أطفاله ومضي وقد ترك بضعة جنيهات وحملاً ثقيلاً، فالتوك توك تحطم أثناء الثورة ومعاش الأم انقطع لتسديد قسطه ولم يعد للأسرة أي مصدر للدخل، خرج محمد ولم يعد، ظلت الأسرة تبحث عنه في المستشفيات حتي وجدت جثته ضمن عشرات الجثث في مستشفي ناصر بشبرا بعد ثلاثة أيام وقد اخترقت رأسه وظهره رصاصتان، ترك أسرته بلا عائل، زوجة لم تتجاوز 22 عاما في رقبتها طفلان يتيمان، وأم لا تجف دموعها كلما نظرت إلي طفليه وزوجته، وكلما تذكرت حنانه عليها ومداعبته لها حين يحملها علي يديه وكأنها ابنته عندما يشتد بها المرض. اضطرت الزوجة الشابة التي لا تعمل أن تترك شقة الزوجية لعجزها عن سداد 200 جنيه شهريا هي قيمة الإيجار وانتقلت لتعيش مع أسرة زوجها ووالدته. ذاقت الأسرة المرار، ففضلا عن لوعة وألم فراق عائلها الشاب، كان علي الزوجة الصغيرة والأم المريضة والطفلين اللذين فقدا أباهما وسندهما وفقدا معه الاحساس بالامان قبل ان تستطيع ذاكرة كل منهما حفر ملامح الأب الشهيد الذي لم يقض معهم سوي بضعة شهور هي كل عمر الصغيرين، فضلا عن كل هذا كتب عليهما عذاب آخر ببطء إجراءات صرف المعاش المقرر لأسر الشهداء، والذي تم صرفه مؤخرا بعد إجراءات عقيمة لم تستوعب ظروف ومعاناة أسر الشهداء والمصابين الذين دفعوا ثمن حريتنا وكرامتنا من دمائهم وأرواحهم. فبينما رفع أبناؤهم عنا كاهل الظلم والفساد والقهر تعاني أغلب هذه الأسر خاصة في المناطق البسيطة التجاهل وتعيش ظروفا قاسية لا يمكن تخيلها، فضلا عن أن الكثيرين منهم لا يجدون حتي مجرد الدعم المعنوي، وهو ما جسدته زوجة الشهيد محمد بكلماتها وهي تقول باكية: 'كنت أتمني أن أري صورة زوجي محمد بين صور الشهداء المطبوعة والتي تذيعها الفضائيات ولكن يبدو أن شهداء المناطق الفقيرة والعشوائية مكتوب عليهم أن يبقوا في الظل دائما ولا يعرف أحد عنهم وعن بطولاتهم شيئا. كنت أتمني أن يكبر أبنائي الذين حرموا من أن يعيشوا في حضن أب يرعاهم ويحنو عليهم وهم يرون صورة أبيهم بين صور الشهداء ليشعروا بالفخر وبما قدمه والدهم علشان البلد'.
أسرة محمد ليست الحالة الوحيدة لأسر الشهداء التي تعاني ظروفا صعبة ولا تجد أي مصدر للرزق بعد فقد أبنائها، فهناك مئات بل آلاف الأسر التي تعيش نفس المعاناة، أم مريضة مبتورة الساقين تركها ابنها الوحيد الذي كان يعمل قهوجيًا وليس معها سوي جنيهات قليلة لا تتعدي عشرة جنيهات، أمهات مرضي وآباء عجزة فقدوا أبناءهم وسندهم الوحيد في الدنيا، وزوجات شابات تركهن أزواجهن وفي رقبة كل منهن أيتام صغار لا تتجاوز أعمارهم أشهرًا قليلة، آلاف الشهداء والمصابين أصبحت أسرهم بلا عائل ولا مصدر رزق، وكثيرون منهم لم تستطع أسرهم إثبات حقوقهم في التعويض حتي الآن بسبب فساد النظام السابق وحرصه علي إخفاء جرائمه بتزوير التقارير الطبية لشهداء الثورة وعدم اثبات استخدام الرصاص الحي في قتلهم ودفنها وكتابة سبب الوفاة علي انه نتيجة لطعنات او هبوط بالدورة الدموية وإجبار الأسر علي استلام جثث ابنائها ودفنها دون كتابة السبب الحقيقي للوفاة، ليضيع حق هؤلاء الشهداء أحياء وأمواتًا، وهو ما حدث مع الشهيد مدحت سمير السيد الذي ترك أما مريضة هو عائلها الوحيد واضطرت الأم البسيطة إلي استلام جثة ولدها هي وعشرات الأسر لدفنها رغم تزوير تقارير وفاتهم بكتابة أسباب اخري غير استخدام الرصاص الحي.
أما مصابو الثورة وأعدادهم تصل إلي الآلاف - ولم يتم حصرهم حصرا شاملا حيث أخرجتهم المستشفيات وقت الثورة دون استكمل علاجهم - فهؤلاء يتمني أغلبهم لو كان قد استشهد في الثورة بدلا من العذاب والذل الذي يتعرضون له في استجداء العلاج، فهؤلاء الذين قررت الدولة صرف تعويض قيمته 1000 جنيه فقط لكل مصاب يحصل عليها بعد اجراءات معقدة قد لا يستطيع استكمالها، أصيب مئات منهم بالشلل، أو فقدوا نور أعينهم برصاصات القناصة، أو تم بتر أطرافهم أو أصاب الرصاص رؤوسهم ويحتاجون لجراحات دقيقة أو للسفر للخارج، أغلبهم لا يجد أي رعاية طبية، وتسوء حالته وتتدهور في محاولات مهينة لاستجداء فرصة للعلاج الذي يتلقونه بمحض الصدفة أو بمبادرات فردية، حتي الجمعيات التي تأسست لرعاية هؤلاء المصابين وتقديم العون لهم تعاني أشد المعاناة مع المستشفيات والاجراءات العقيمة التي لا تليق بمن منحونا الحرية بدمائهم واجسادهم.
رسالة إلي الدكتور شرف
كل هذه المعاناة التي يعيشها مصابو الثورة وأسرهم وأسر الشهداء جعلت الجميع يشعرون بالحزن حتي الجمعيات والمؤسسات التي أطلقت مبادرات إيجابية ووطنية لمساعدة أسر الشهداء والمصابين، الجميع يشعر بالتقصير تجاههم، وبأنهم ما كان يجب أن يتعرضوا لهذه المعاناة أو يروا كل هذا العذاب ليحصلوا علي أقل القليل مما يجب ان نقدمه لهم، والذي لن يعيد ما فقدوه بل فقط يخفف جزءا من آلامهم. كثيرون يحلمون بأن تتوحد الجهود وتتكاتف لرعاية اسر الشهداء ومصابي الثورة وأن تعمل بشكل مؤسسي يحفظ ماء وجوههم وكرامتهم كما أعادوا كرامتنا، ولا تجعل مساعدتهم ورعايتهم تخضع لمحض الصدفة، تجعلنا نحن الذين نسعي إليهم ونري في خدمتهم ورعايتهم شرفا وتكريما لنا وليس لهم. أن نحفر أسماءهم في ذاكرتنا وذاكرة التاريخ دون أن ننسي أيا منهم، وأن يكبر أبناؤهم وهم يشعرون بأننا نستحق الثمن الذي دفعه آباؤهم من أجلنا.
كان هذا ومازال حلمنا جميعا الذي حاولت التعبير عنه أنا وغيري في كلمات وأفكار، اقترحت خلالها إنشاء صندوق لرعاية اسر شهداء ومصابي ثورة 25 يناير، ووجهت كلماتي في مارس الماضي إلي قلب رئيس الوزراء الذي جاء من قلب الثورة من ميدان التحرير وقلت فيها 'أن كان أمام المجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف الكثير من المهام إلا أن أهم المهام التي يجب ان تكون من أولوياتنا جميعا الاهتمام بأسر الشهداء، وألا يقتصر هذا الاهتمام علي مجرد الأغاني والكليبات التي تتحدث عن دور الشهداء. لذلك اقترح أن يتم إنشاء صندوق للشهداء تكون مهمته السعي لجمع كل أسماء الشهداء وأسرهم خاصة البسطاء وكبار السن في المناطق الفقيرة والعشوائية حتي لا نغفل أيا منهم ولا نتركهم لمحض الصدفة أو القدرة علي التواصل مع وسائل الاعلام، أوالمبادرات الفردية، وأن نعمل علي تسهيل مهمة حصولهم علي حقوقهم التي لا يمكن أن نعوضهم بها عما فقدوه، وأن نسعي نحن إليهم ولا نتركهم يتوهون بين المكاتب والإجراءات دون أن يملك الكثيرون منهم ما يسد رمقه حتي يحصل علي أبسط حقوقه، وأن يكون أهم مصدر من مصادر تمويل هذا الصندوق جزءًا من الأموال المنهوبة التي استولي عليها بعض رجال الاعمال ورموز النظام السابق فضلا عن أموال التبرعات،
وأن يعمل هذا الصندوق بشكل دائم ليتولي رعاية شئون أسر الشهداء وأبنائهم في كل المراحل بتقديم كافة التسهيلات والامتيازات التي تخفف ولو جزءًا بسيطًا من آلامهم وأحزانهم، وأخيرا أن يتم تخصيص جزء من أموال هذا الصندوق لتوفير فرصة حج أو عمرة لأمهات الشهداء وآبائهم هذا العام'.
وختمت كلماتي قائلة 'أعتقد ان الدكتور عصام شرف بما يمتلكه من قلب ومشاعر رقيقة لن يتواني عن تخفيف آلام ومعاناة هذه الأسر، وإذا كانت دموعه قد سالت حين سمع دعاء المسلمين والأقباط له بالتوفيق فإنه لن يتمالك دموعه حين يري دموع أمهات الشهداء وأبنائهم.ومعاناة وآلام المصابين وعذابهم'.
الفكرة والحلم
حينها قرأ الدكتور محمد رمضان المدير التنفيذي لمركز معلومات مجلس الوزراء والمسئول عن بنك الافكار في المجلس ما كتبت، و تحمس للفكرة، وحدثني عن كيفية تنفيذها، والتقينا عدة مرات لنناقش محاورها تمهيدا لعرضها علي الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بكل التفاصيل، ووضع آليات تتجمع فيها كل الجهود مابين منظمات المجتمع المدني والحكومة وأنشاء قاعدة بيانات تتضمن حصرًا شاملاً لأسماء كل الشهداء والمصابين وأسرهم، والجهود والجمعيات والمؤسسات التي قدمت بالفعل خدمات لأسر الشهداء والمصابين وكيفية تجميع هذه الجهود والاستفادة منها وضمان استمراريتها، وما يمكن تقديمه لأسر الشهداء والمصابين لتخفيف معاناتهم واثبات حقوق الحالات التي لم تستطع اثبات حقوقها وتخليد ذكراهم، وتوفير امتيازات ودعم دائم ومستمر لأسر وأبناء الشهداء والمصابين وتوظيف القادرين منهم علي العمل وانشاء صندوق لرعايتهم، وفي كل مرة تتطور الفكرة وتصبح أكثر وضوحا وقابلية للتنفيذ، حتي تم عرضها خلال الأيام الماضية علي الدكتور عصام شرف الذي وافق عليها علي الفور وشكل لجنة تأسيسية لتنفيذ الفكرة وعقد اجتماعا للجنة برئاسته يوم الأربعاء الماضي حضره وزراء الصحة والمالية والتضامن والدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية وجورج اسحق عضو المجلس القومي لحقوق الانسان ومنسق حركة كفاية والدكتور عمرو حلمي استاذ الجراحة والدكتور عبد الجليل مصطفي منسق الجمعية الوطنية للتغيير والمهندس نجيب ساويرس، والدكتورة هناء ابو الغار حيث غاب الدكتور محمد ابوالغار القيادي بحركة 9 مارس ومؤسس جمعية أصدقاء ضحايا التحرير عن الاجتماع لسفره، كما حضر الدكتور محمد شرف وغادة كينج عثمان عن مؤسسة جمعية أبطال ثورة 25 يناير التي يؤسسها الدكتور ممدوح حمزة لرعاية مصابي الثورة، وحضر الاجتماع عدد من شباب الثورة ومنهم خالد تليمة عضو ائتلاف شباب الثورة، وكنت ضمن هذه اللجنة.
وبدأ الدكتور عصام شرف بكلمة أكد خلالها شعوره بالحزن والأسف لتأخر جهود دعم أسر الشهداء والمصابين مؤكدا أنه يري في هذا المشروع بداية لتحقيق هذا الهدف، و رغم ان هناك العديد من الحالات التي يتم دعمها من خلال بعض الجهات الحكومية او المدنية الا أن المسألة تحتاج إلي عمل مؤسسي تكون له إدارة ومقر وآليات سريعة وهيكل تنظيمي ودعا إلي سرعة البدء في اجراءات تنفيذ المشروع، ثم بدأ الدكتور محمد رمضان في عرض المشروع بكل محاوره وطرق تنفيذه، والمدة الزمنية اللازمة لكل مرحلة من مراحله، والتي تبدأ بإعداد سجل شامل بمصابي الثورة وشهدائها والاعلان في وسائل الإعلام عن استقبال لجنة رعاية أسر شهداء ومصابي ثورة 25 يناير لكل الحالات والتحقق منها لمساعدتها في الحصول علي حقوقها. ويتم الاعلان عن رقم تليفون ومكان تواجد اللجنة ومواعيد استقبال الحالات لتلقي الحالات الجديدة للتحري والبحث عنها والمحور الثاني الذي يتضمن التكفل بالمصابين وأسر الشهداء والاسراع في صرف التعويضات والمعاشات لهم وعلاج حالات الإصابة التي تحتاج إلي جراحات ورعاية خاصة والإسراع في إجراءات سفر الحالات التي تحتاج العلاج بالخارج ومساعدتهم علي تجاوز المحنة، وإعادة تأهيلهم وإعداد برامج تدريبية تمكنهم من اكتساب مهارات جديدة تمكنهم من الالتحاق بسوق العمل، وكذلك توفير فرص عمل لأسر الشهداء وأقاربهم من الدرجة الأولي 'الزوجة، الأبناء، الأشقاء' وذلك بالتنسيق مع الوزارات ورجال الأعمال لتوفير فرص العمل للمصابين وأسر الشهداء، وتوفير قروض حسنة من الصندوق الاجتماعي للتنمية لتمكينهم من عمل مشاريع، ويتضمن المحور الثالث توفير امتيازات دائمة ومستمرة للمصابين وأسر الشهداء، ومنها منح آباء وأمهات الشهداء رعاية صحية خاصة من خلال توفير ما يحتاجونه من علاج ومتابعة حالتهم الصحية واحتياجاتهم بشكل مستمر، وإعفاء أسر الشهداء والمصابين من الرسوم الدراسية لطلبة المدارس والجامعات.
ومنح بعض الامتيازات لأسر الشهداء والمصابين مثلما كان يحدث مع أسر وابناء المحاربين وتقديم تخفيضات علي رسوم المواصلات العامة وتكون لهم الأولوية في الحصول علي وحدات سكنية من مشاريع الإسكان الحكومي، وكذلك التوثيق التاريخي لتكريم الشهداء والمصابين من خلال إعداد كتيب بأسماء الشهداء والمصابين ونبذة عن حياة كل شهيد.
إطلاق أسماء الشهداء علي الشوارع التي كانوا يسكنون بها وتنفيذ جدارية فنية في عدد من الميادين العامة تتضمن أسماء الشهداء وإنشاء متحف لشهداء الثورة 'بانوراما ثورة 25 يناير'.
إضافة ألي احتفال سنوي يوم 25 يناير من كل عام لتكريم اسر الشهداء والمصابين.
أما المحور الرابع للمشروع فيشمل أنشاء صندوق لرعاية المصابين وأسر الشهداء تكون مهمته توفير التمويل اللازم لتنفيذ محاور الخطة وذلك من خلال:
التعاون مع المؤسسات الخيرية والتكامل معها لتقديم المساعدات لأسر الشهداء والمصابين.
جمع التبرعات والأموال من الأفراد والجمعيات الاهلية والمؤسسات الخاصة وفتح حساب للتبرع لصالح أسر الشهداء والمصابين
إقامة بعض الفعاليات مثل الحفلات ومباريات كرة القدم علي أن يخصص دخلها للصندوق.
تخصيص عائدات متحف بانوراما ثورة 25 يناير المقترح، وإقامة معرض عالمي يباع فيه بعض المتعلقات الرمزية البسيطة لهؤلاء الشهداء وبعض الصور التي تعبر عن أحداث الثورة والكتيب الذي يحكي قصص الشهداء. ويخصص دخل المعرض وإعلاناته لصالح الصندوق، علي ان يتم عمل تقارير متابعة دورية كل شهرين تعكس انشطة اللجنة وتعلن ما حققته للرأي العام.
وبعد انتهاء د.رمضان من عرض المقترح دارت مناقشات اللجنة حوله، وحمل معظم أعضائها جزءا من هموم آلاف الاسر والمصابين، فقدم د.محمد شرف وغادة عثمان سجلا يحوي بيانات مايقرب من 3500 مصاب ومعاناة كل منهم الصحية والمادية، وعرضا لما يعانونه من مشكلات في العلاج، وجهود بعض الجاليات المصرية في سفر وعلاج عشرات الحالات، وأكدوا ان هناك مئات الحالات لم يتم علاجها ولم تستطع أثبات حالاتهم الصحية بسبب اشتراطات وزارة التضامن لتحديد مصابي الثورة الذين يستحقون التعويض بأن يكون كل منهم قد قضي اسبوعا في المستشفي، بينما حمل جورج اسحق ملفا يحوي بيانات 250 مصابًا من محافظة السويس فقط، وحملت د.هناء ابو الغار ملفات مئات الحالات التي تتعامل مع مؤسسة ضحايا التحرير، والمشكلات التي تواجههم، بينما اقترح د.عمرو حلمي استخراج كارنيهات لمصابي الثورة وأسر الشهداء لضمان حصولهم علي امتيازات خاصة ومنحهم أوسمة مدنية من الدولة لها عائد مستمر، وأكد د.علي جمعة ان صندوق الشهداء والمصابين يمكن أن يصبح في رصيده بمجرد الاعلان عنه ما يزيد علي 80 مليون جنيه هي اموال موجودة بالفعل وتحتاج لقرار من رئيس الوزراء وهذه الأموال هي الموجودة في صندوق الكوارث والتي تبقي منها 30 مليون جنيه من حساب عبارة السلام و8 ملايين جنيه من حادث القطار، وهي موجودة بفوائدها في البنك المركزي، أضافة إلي 28 مليون جنيه من بقايا أموال معونة الشتاء عادت إلي وزارة التضامن، و17 مليون جنيه موجودة في حساب 25 المخصص لضحايا الثورة.
وشدد د.عصام شرف علي ضرورة الاسراع في خطوات عمل اللجنة وحصر جميع الشهداء والمصابين واكد انه سيتم عمل مقر دائم يتولي رعاية واستقبال كل الحالات وأنه سيكون في احد مقرات الحزب الوطني.
هكذا بدأت الفكرة وتحددت ملامحها، ثم وجدت من يستمع إليها ويعلن البدء في تنفيذها، ولكن كل هذا لا يكفي ويبقي والاختبار الحقيقي في القدرة علي التنفيذ وعلي تحويل هذه الأفكار والمقترحات إلي عمل حقيقي علي أرض الواقع يشعر به كل مصابي الثورة وأسر الشهداء، وإلا فلا جدوي ولا قيمة لكل الأفكار إذا ظلت حبيسة الأوراق وغرف الاجتماعات واللجان، بينما يستمر عذاب وآلام ومعاناة من تتحدث عنهم هذه الافكار دون ان تصل لهم، وحين نعجز عن الوفاء لأصحاب الفضل علينا ومن دفعوا ثمن كرامتنا وحريتنا علينا ان نسأل أنفسنا: هل حقا حافظنا علي ثورتنا أم أننا لا نستحق ما ضحي به أبطال الثورة من أجلنا؟ فهل يتحقق الحلم والفكرة؟ وهل نستطيع اجتياز هذا الاختبار الصعب لتتحول الأفكار إلي واقع يراه ويشعر به كل أسر الشهداء والمصابين من أبطال الثورة فيخفف عنهم آلامهم وأحزانهم؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.