نظم شباب المنطقة احتفالية كبيرة حضرها عدد كبير من المواطنين والمسئولين والشخصيات العامة، وقام الجميع بالاحتفاء بأمهات الأبطال.. وكان من بين الحضور الناشطة السياسية إسراء عبدالفتاح والتي ساهمت بشكل كبير في إنجاح ثورة يناير المجيدة، وعدد من شباب ثورة 52 يناير والسفير عبدالله الأشعل وبدأ الحفل في جو الإخاء والشعور بالفخر والتقدير لشهداء الثورة، ووقف الجميع دقيقة حدادا علي أرواح الأبطال الذين استشهدوا خلال ثورة يناير وقرأوا الفاتحة.. ثم ألقي أحمد طلبة أحد المنظمين للحفل قصيدة شعر يرثي فيها الشباب . التقينا بأمهات وأسر شهداء العزة والكرامة والحرية.. منهن الحاجة أم غريب.. والدة الشهيد غريب عبدالعال السيد الذي استشهد في جمعة الغضب 82 يناير لتروي لنا قصة استشهاد ابنها وهي تبكي علي فراقه، حيث خرج للتظاهر السلمي دون ان يعيث في الأرض فسادا.. وكان كل ما يريده هو الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. خرج غريب كغيره من آلاف بل ملايين الشباب والرجال الذين يطالبون بمستقبل وحاضر أفضل لهم ولأبنائهم من بعدهم.. غريب »24 سنة« عامل.. يعيش معي في نفس المنزل متزوج منذ عدة سنوات وقد عاني كثيرا حتي وجد فرصة عمل ليكسب قوت يومه ولا يدري ماذا سيفعل غدا.. وبعد أن رزقه الله الولد والبنت اللذان كانا قرة عينه، خاف كثيرا علي مستقبله ومستقبل ولديه فخرج للتعبير عن رأيه فأصابته رصاصات الغدر من ضباط الشرطة.. وهنا لم تتمالك الحاجة أم غريب دموعها التي انهمرت بغزارة.. ثم استأنفت حديثها بصوت تغلبه الأحزان.. لم أمنعه من التظاهر بل قمت بتشجيعه علي ذلك وقام بعد أداء صلا الجمعة وقبَّل يدي وطلب مني الدعاء له وخرج للتظاهر بميدان المطرية.. وجاءني خبر استشهاده في حوالي الرابعة عصر الجمعة .أما والدة الشهيد مصطفي محمد مصطفي العقاد فلا تستطيع أن تكف عن البكاء وسالت دموعها وتنهدت بحسرة وألم وتعالت صيحاتها وهي تقول: ابني مصطفي »81 سنة« طالب بالصف الثالث الثانوي الصناعي، خرج من البيت يوم 82 يناير دون أن تعلم هي بخروجه لأنها حذرته من الخروج للمشاركة في هذه المظاهرات لما يتوارد علي آذانها من إصابات ومصادمات بين الشباب المتظاهرين وقوات الأمن المركزي، لكنه خرج دون ان تعلم بخروجه، وخبر استشهاده جاءها كالصاعقة ولم تصدقه وقتها إلا بعد أن رأت جثمانه داخل المشرحة وهو مصاب برصاصة في وسط رأسه أودت بحياته. وتقول والدة الشهيد محمد عبدالرازق جمعة ان ابنها كان يبلغ من العمر »63 عاما« وكان يعمل بائعا للطيور بأحد المحال التجارية وأنه استشهد وترك زوجته وأولاده الثلاثة وقطعت كلامها بالبكاء ثم جففت دموعها واستكملت لتقول: محمد كان أحن ولد عليَّ من أولادي الأربعة حيث انه ولدها الأكبر، وأنه دائما كان يذهب كل يوم بعد الانتهاء من عمله ليطمئن عليها وعلي صحتها. كان يعاني كثيرا في الانفاق علي زوجته وأولاده لأن تجارته دائما كانت مهددة بسبب أزمات انفلونزا الطيور، وعلي الرغم من ذلك كان يبحث دائما عن قوت يومه بكل السبل ولم يطلب منها مساعدة بل كان دائما يجلب لها ما تحتاجه ولم يبخل عليها بشيء وخرج يوم جمعة الغضب ليتظاهر مع زملائه وجيرانه بالمنطقة ليطالب بحقوقه المشروعة بطريقة سلمية، لكن استقرت رصاصة غادرة في صدره لتودي بحياته أما دعاء شقيقة الشهيد محمد صابر خلف والذي استشهد يوم الجمعة 82 يناير.. فقد فتحت لنا قلبها المجروح لفقدان شقيقها الذي كان يمثل خير سند لها ولاخوته.. فهو الأخ الأكبر ومتزوج منذ 5 سنوات ولديه طفل لم يتجاوز الرابعة من عمره بعد ومحمد كان يعول الأسرة كلها المكونة من الأب المريض الذي لم يعمل والأم التي أصيبت مؤخرا بالمرض، فكان يخرج يوميا يبحث عن رزقه فهو يعمل مبلط للسيراميك وعمله لم يكن يوميا فمن الممكن أن يستمر لمدة اسبوع يبحث عن عمل له.. وقرر الخروج للتظاهر منذ اليوم الأول 52 يناير وذهب إلي ميدان التحرير ثم عاد في نفس اليوم.. وجاء اليوم الموعود »جمعة الغضب« فخرج إلي ميدان المطرية بعد أداءه لصلاة الجمعة مع أصدقائه وجيرانه في مظاهرة سلمية بحتة.. ففاجأته رصاصات العادلي التي اخترقت منها 5 رصاصات جسده الطاهر، وبدأ شقيق الشهيد ناصر الدين السيد عويس كلامه معنا وقال »حسبي الله ونعم الوكيل«، شقيقه كان يعمل مهندس برمجيات بشركة خاصة، كان يبلغ من العمر »03 عاما« ومتزوج.. خرج يوم الأربعاء الساعة 2 ظهرا للوقوف بميدان التحرير مع زملائه في العمل من أجل المطالبة بتعديل مرتباتهم، وصرف مكافآتهم وجميع مستحقاتهم المالية، وقفوا بالميدان مرددين الهتافات والشهادات بطريقة سلمية، لم يكن بحوزتهم ما يدافعون به عن أنفسهم، وفوجئوا بالبلطجية يقتحمون الميدان وظلوا يضربوا ويبطشوا بالمتظاهرين في محاولة منهم لصرفهم من الميدان، ويتابع شقيق الشهيد ويقول: ان رفقاء أخي شاهدوه وهو مصاب في رأسه بعد ضرب أحد البلطجية له بعصا حديدية، وعندما حاول ان يحتمي بأحد صناديق القمامة الكبيرة أصابته رصاصة في صدره وسقط شهيداً وحمله زملاؤه للمستشفي وجاءنا خبر استشهاده فجر يوم الخميس، والذي كان يوم عيد ميلاد ابنه »أحمد« والذي كان سيحتفل بإتمامه أول سنة من عمره مع والده ووالدته، وكان ينتظر والده يوم الخميس وهو معه حلوي عيد ميلاده، جلس في انتظاره هو ووالدته متزينين بأبهي الملابس، منتظرين لحظة الاحتفال، لكن طرقات باب منزلهم جاءتهم بخبر استشهاده، والذي خرج من أجل المطالبة بحريتهم ومن أجل غد أفضل لابنه وزوجته.