أشتُهِر الأخوان البريطانيان 'جيك ودينوس' 'تشابمان' بأعمالهما الفنية الصادمة التي تجسد رؤيتهما الخاصة لمختلف القضايا، إنسانية كانت أم سياسية أم خلافه.. غير أنهما دائمًا ما يتناولان أيًّا منها بأسلوب فريد ومثير للجدل في مُعظم الأحيان، مما أدي إلي تعرضهما لانتقادات حادة من قِبَل إعلاميين كُثُر، حتي إن بعض الصحفيين اتهموهما بتعمد الإثارة لتحقيق الشهرة السريعة. فعندما أراد 'تشابمان' تصوير الفظائع التي اقترفها النازيون في عهد 'هتلر' ما كان منهما إلا أن صنعا لوحة كبيرة مُجسمة تحتوي علي أكثر من 30 ألف تمثال مُصغر معظمهم لجنود يرتدون الزي النازي أثناء ارتكابهم لأحط وأبشع الجرائم في التاريخ، وقاما بعرض هذا العمل عام 1999 تحت اسم 'الجحيم'. وفي 2008 عرض الأخوان 'تشابمان' 13 لوحة بالألوان المائية زعما أنها مرسومة بيد 'هتلر' نفسه.. ولكنهما أضافا إلي تلك اللوحات نقوشًا تخص جماعة 'الهيبيز' التي ظهرت بالولايات المتحدةالأمريكية في ستينيات القرن الماضي، وهي جماعة معارضة للأفكار الرأسمالية، ومناهضة للحروب لما تخلفه من ويلات.. واختارا لذلك المعرض عنوان: 'ما أسعد هذا العالم لو كان 'هتلر' من بين هؤلاء 'الهيبيز''. أما ذروة 'التطاول' علي سفاح العصر، فقد تمثلت في إقدام الأخوين 'تشابمان' عام 2012 علي عرض تمثال نصفي لأدولف هتلر بأسلوب ساخر داخل نموذج مُصَغر لملعب جولف بقاعة 'جروندي' للفنون بمدينة 'لانكشاير' البريطانية، بحيث يرفع 'الفوهرر' يده اليمني صائحًا علي الطريقة النازية: لا لا لا، وذلك كلما مرر أحد الزوار الكرة خلال نفق بمنتصف أسفل التمثال!! ورغم هذا الشكل الواضح من الاستهزاء المتعمد فإن مجرد تصميم تمثال لهتلر لم يعجب الكثيرين ولا سيما اليهود البريطانيون، مُمَثَلين في أعضاء مجلس النواب، والمنظمات العبرية، فظهروا في وسائل الإعلام مُعربين عن امتعاضهم، واصفين العمل بتفاهته، وخلوه من روح الإبداع، فضلًا عن كونه غير لائق، ولا يراعي مشاعر أحفاد ملايين الضحايا من البشر، ومنهم اليهود الذين تعرضوا لجميع أنماط العنف، والتنكيل، والإبادة الجماعية علي يد ذلك الزعيم السادي المهووس بالدم. في حين دافع 'ستيوارت تولوك' مدير المعرض عن التمثال، مؤكدًا أنه لا يمثل بأي حال تمجيدًا لهتلر بل إنه فقط للتسلية، وإن كان يهدف لإرساء قيم التسامح بين الأجيال الحالية والقادمة، موضحًا أنه كان يدرك منذ البداية مدي السخط الذي سيواجهه العمل من قِبَل الكثيرين، ولكنه في النهاية يحترم اختلاف وجهات النظر. تلك كانت أقصي إساءة وُجِهَت لمجرم القرن.. ولكن 'رقة' الإساءة لم تمنع الأحفاد من الاحتجاج احترامًا لأرواح أجدادهم!! بينما المصريون لايزالوk صامتين تجاه تمثال بذيء يدعي العنصريون- زورًا- انتسابه للفن، رغم إهانته الصارخة لأحد رموز مصر القدماء، الذين لم يقدموا للبشرية إلا الحق والخير والجمال. [email protected]